جنوب الخرطوم.. فراغ أمني و(لحام) أبواب المنازل لمكافحة اللصوص

عاين- 26 مارس 2025

رغم مرور شهرين على دخول القوات المسلحة لمناطق جنوب الخرطوم، إلا أن الأوضاع الأمنية لا تزال تشكل هاجساً لكثير من المواطنين يدعم ذلك الرغبة الشديدة في إغلاق أبواب المنازل الخالية من السكان عبر (اللحام) لوجود حوادث سرقة.

وظل بعض ممارسي مهنة الحدادة في حالة نشاط، وزادت حركتهم في الآونة الأخيرة، وهم يتجولون بين الأحياء ل(لحام) المنازل سداً للثغرات أمام اللصوص الذين لا يزالون يتسللون إلى المنازل، ويسرقون ممتلكات المواطنين.

وطبقاً لمتابعات مراسل (عاين)، فإن نشاط اللصوص يرجع إلى عدم الانتشار الشرطي حيث لم يتم استتباب الخدمات الشرطية في الأحياء لمنع وقوع الجرائم، بجانب الفراغ في خدمات المؤسسات التي تعمل لسيادة حكم القانون وشكل وجودها الكامل ردعاً للمجرمين وطمأنينة للمواطنين على أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم.

سوابق

وأفاد كمال شمس الدين  وهو اسم مستعار  لعامل حدادة (عاين)، أنه ظل يغلق أبواب المنازل الخالية من السكان خلال فترة وجود قوات الدعم السريع نتيجة عمليات النهب والسرقات الواسعة التي طالت الكثير من تلك المنازل. وأضاف: “رغم دخول القوات المسلحة لمناطق جنوب الخرطوم في ٢٦ مارس الماضي، إلا أن رغبة المواطنين في إغلاق منازلهم لم تتوقف، وذلك لعمليات السرقة التي لا تزال مستمرة”. وأشار إلى أنه أثناء تجواله وجد منزل أحد معارفه مفتوحاً، فأحكم إغلاق أبوابه ب(الترباس) ولكن عند مروره بعد عدة أيام وجده مفتوحاً؛ مما يدل على تعرضه للسرقة.

وقال مواطن من جنوب الخرطوم لـ(عاين): إن “أحد جيرانهم خرج من منزله لقضاء بعض الحوائج وعقب عودته اكتشف أن هناك من تسلل إلى المنزل، وسرق ممتلكات من بينها (شاشة) و(مولد كهربائي)، كما توجد حادثة أخرى لسرقة مقتنيات من بينها جهاز حاسوب نقال (لابتوب)”.

وفي السياق ذاته أشار أحد المواطنين إلى أن عملية إغلاق المنازل تكلف أصحابها أموالاً إضافية، وذلك حفاظاً على ما تبقى من ممتلكات إلى حين عودتهم، ويرهن غالبية السكان عودتهم بتوفير خدمات الكهرباء والمياه، ويعزون تأخرهم في الرجوع إلى منازلهم للمعاناة التي يعلمونها من خلال تواصلهم مع جيرانهم المتواجدين في الأحياء، بالإضافة إلى ارتباطات تخص أبناءهم وبناتهم في المدارس باعتبار أن التعليم يمثل أحد الهموم التي دفعتهم للخروج من مناطقهم التي تأثرت بالحرب إلى مناطق آمنة.

ولم تتوقف عمليات السرقة على المنازل وحدها، حيث طالت العديد من السيارات التي نهبتها قوات الدعم السريع، وتركتها في الشوارع، وكشف مواطنون عن عمليات سرقة طالت أجزاء عديدة من مكونات سيارات لم يتمكن أصحابها من الوصول إليها، وكانت بحالة جيدة.

تكاليف

وبشأن تكلفة اللحام يقول الحداد شمس الدين، أنه “يراعي حالة المواطنين لكونه متابعاً للأحوال المادية ولا يتوقف مع من يعلم بأحوالهم، ولفت إلى أن ما يزيد التكلفة هو انقطاع التيار الكهربائي، فيلجأ إلى استخدام مولد كهربائي اضطر لشرائه بمبلغ (٨٠٠) الف جنيه قبل نحو شهر، وبلغ سعره مليار جنيه حالياً، إضافة لتكلفة البنزين الذي يبلغ سعر الجالون منه (١٣) ألف جنيه رسمي و(٣٠) ألف جنيه في السوق الموازية، وتكلفة إيجار (الركشة) لحمل المولد (الجنريتير) وآلة اللحام وبقية الأدوات، مع العلم أن قيمة إيجار (الركشة) تكون حسب المسافة للمنزل المراد العمل فيه، وضمن التكلفة كذلك قيمة المصنعية”.

تجمع مواطنون في منطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم – الصورة غرف طوارئ

وأوضح كمال في مقابلة مع (عاين) أن تكلفة المصنعية تكون ما بين (٣٠_٤٠) ألف جنيه للباب الواحد حسب ما هو مطلوب؛ لأن كثيراً من الأبواب تم كسرها بطريقة انتقامية، وتحتاج جهداً لصيانتها واستعدالها لإرجاعها لحالتها، وكرر حديثه بأنه يراعي حالة المواطنين، وفي بعض الأحيان يتلقى مبلغاً رمزياً يترك تحديده لصاحب الخدمة.

وحسب متابعات (عاين) فقد أثرت عمليات النهب التي طالت أبواب المنازل خاصة الأبواب المطلة على الشوارع وعملية إغلاقها باللحام على شكل المنازل، حيث يتم استخدام أبواب حديد مختلفة الأشكال واستخدام سيخ وتبدو عملية الإغلاق غير متجانسة.

 وأوضح ذات الحداد أنه في تلك الحالة يتم التركيز على الكيفية في الإغلاق، وليس النوعية والعامل الجمالي، لعدم توفر المواد الخام مثل الحديد وعدم توفر الظروف المناسبة للتصنيع مثل انقطاع الكهرباء لأن عمل الحدادة يعتمد على الكهرباء بشكل أساسي، ونوه لارتفاع التكلفة باستخدام المولد الكهربائي.

وحول ارتفاع الأسعار أفاد كمال إنه في الكلاكلات على سبيل المثال بدأت المواد تتوفر حالياً في بعض المغالق.  ونبه إلى أن سعر مقفل الباب (الكيلون) بلغ (٣٠) ألف جنيه، والماسورة (4×٨) بمبلغ (٤٥) ألف جنيه في أمدرمان، وتضاف إليها تكلفة الترحيل.

مخاوف

ورغم تكسبه من عمله في اللحام، إلا أن كمال دعا المواطنين إلى العودة إلى منازلهم لإنقاذ ما تبقى من ممتلكات وتجنب تحمل تكاليف إضافية على كاهلهم المثقل، وأبان أن عودة المواطنين تمكنهم من تأمين منازلهم ومنازل جيرانهم الذين لم يعودوا.

وبجانب المخاوف من وجود اللصوص الذين يدخلون المنازل، ويسرقون ممتلكات المواطنين، هناك هواجس أمنية أخرى تتعلق بوجود لصوص ونهابين كانوا ينتمون أو مقربين من قوات الدعم السريع، بين صفوف المستنفرين في أحد المعسكرات التي أقيمت للمقاومة الشعبية والاستنفار بعد دخول القوات المسلحة مناطق جنوب الخرطوم، ويتخوف المواطنون من أن تدريب أولئك اللصوص وتسليحهم سيجعل تلك المناطق عرضة لعمليات النهب؛ مما يهدد سلامة وحياة السكان المدنيين.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *