“مشردون في المدن”.. الحرب تقسو على عمال السودان
عاين- 4 مايو 2025
في الأسابيع الأولى لاندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023 تضرر حوالي مليوني شخص وخسارة وظائفهم في القطاع الخاص الذي يشمل البنوك والأسواق والشركات أغلبهم في العاصمة السودانية- وفق تقديرات خبراء في سوق العمل الآن.
بعد مرور 22 شهرا على النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع وانتقالها إلى 12 ولاية سودانية ارتفعت نسبة المتضررين من فقدان العمل ومصادر كسب المال إلى 10 ملايين شخص وفق تقديرات غير رسمية لخبراء في التجمعات العمالية تحدثوا لـ(عاين).
ويعلق مصدر من اتحاد أصحاب العمل السوداني المقرب من السلطة الحاكمة في بورتسودان على سؤال (عاين) حول تأثير الحرب على سوق العمل قائلا :”لا مخرج قبل توقف الحرب لأن واقع العمال وملاك الأعمال ينتقل من سيئ إلى أسوأ يوميا مع انطلاق كل رصاصة”.
فيما يقول تجمع نقابات العمال المناهض للحرب في بيان رسمي منتصف أبريل 2025 : “في ظل خسارة ملايين الأشخاص للعمل بسبب الحرب في السودان فإن الحد الأدنى للأجور في القطاع الحكومي لا زال يعادل 11 دولارا أميركيا دون أي تعديل يواكب الوضع المعيشي المتفاقم وطالب بزيادته إلى 210 ألف جنيه”.
عمال نازحون
ويقول الخبير في مجال النقابات العمالية محجوب كناري لـ(عاين): إن “ملايين الأشخاص فقدوا وظائفهم وتوقفت مصادر كسب المال مع حالة تردي معيشي واستمرار النزوح بما في ذلك بقاء العاملين مع عائلاتهم في مراكز الإيواء بالولايات”.
وأضاف: “العمال عانوا من غياب التنظيم النقابي قبل الحرب وجهات عرقلت هذه المساعي والنقابات كانت يمكن أن تساعد في تخفيف الأضرار لذلك أهدرت حقوق العمال خلال النزاع المسلح المستمر منذ عامين ومهددون بفقدانها حتى بعد الحرب”.
وتابع: “سوق العمل تدهور بشكل كبير بسبب الحرب وزيادة معدلات التضخم واتساع رقعة البطالة وعدد كبير العمال يعتمدون على تحويلات الأقارب من الخارج”.
ويقول محمد أبشر وهو نقابي في تجمع مصرفي بالعاصمة السودانية إن “الإحصائيات التقديرية تؤكد وجود ما بين 7 إلى 9 ملايين شخص من العمال من الجنسين خارج سوق العمل بسبب الحرب التي تستمر منذ 22 شهرا”.
توقف المصانع
ويرى أبشر في حديث لـ(عاين) أن قرابة الـ 800 مصنع ومعمل غذائي واستهلاكي خارج الخدمة وأغلبها في العاصمة السودانية مع نهب المعدات والأصول والمنقولات لم يعد بإمكان تشغيلها حتى بعد استعادة الجيش السيطرة على ولاية الخرطوم.
وتابعت: “تمكنت شركة سيقا للغلال المملوكة لمجموعة دال من تشغيل تدريجي لمطاحن القمح في الخرطوم بحري أما غالبية المصانع لا تزال تنتظر ما ستؤول إليها الأوضاع خلال الأشهر القادمة”.
وتابع أبشر: “عودة العمال إلى وظائفهم خلال الشهرين الماضيين لا يتجاوز 0% من نسبة العاملين الذين فقدوا الوظائف في القطاع الخاص أما القطاع الحكومي رغم عدم فقدان الوظائف بالمقابل لا توجد أجور شهرية منتظمة”.
وأردف أبشر: “نسبة العمال الذين يعيشون في فقر مدقع 99% من عدد المتضررين من الحرب والبالغ عددهم من 7 إلى 9 ملايين شخص بين القطاعين العام والخاص ونحو 150 ألف شخص غادروا البلاد أغلبهم من الكفاءات في مجال النفط والطب والهندسة المدنية والهندسة الزراعية”.
ولم تتبن الحكومة السودانية برامج لتخفيف مستويات البطالة التي تجاوزت نسبة 85% خلال الحرب من 66% قبل اندلاع القتال وعلق وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم على الاقتصاد بأنه تحول إلى اقتصاد طوارئ خلال الحرب.
عشرة مليون فقدوا العمل
ويقول النذير محمد أحمد الباحث في قضايا العمال لـ(عاين): إن “الحرب أسفرت عن فقدان ما لايقل عن عشرة ملايين شخص مصدر العمل في 12 ولاية سودانية تشهد نزاعات مسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
ويرى النذير أحمد، أن عدم وجود النقابات والجمعيات العمالية أضر بالعمال وتخلت الحكومة عن التزامات دفع الأجور في القطاع العام ولم تدافع عن العمال في القطاع الخاص جراء تسريح قرابة 100 ألف عامل في العاصمة السودانية من الشركات والمصانع بالقطاع الخاص بعد شهر واحد من اندلاع القتال قبل عامين.
ويعتقد النذير أحمد، أن المعالجات الحكومية يجب أن تنصب على توفير التمويل عبر بنك للعمال لشراء معدات العمل والانخراط في الأسواق مجددا خاصة الصناعات اليدوية والحرفية والاشتراط أيضا على الشركات التي ستعمل في إعادة إعمار العاصمة الخرطوم على تشغيل 80% من العمال السودانيين.