حقوقيون سودانيون يلاحقون الإسلاميين الهاربين من العدالة

عاين- 7 أغسطس 2023

يقود قانونيون وحقوقيون في السودان حراك مكثف لمحاصرة قادة الإسلاميين الهاربين من العدالة لتوقيفهم وسط صعوبات تجلت في تواطؤ ملحوظ للسلطات الحكومية والعدلية والاستخبارات العسكرية  في ولايات سودانية مع هؤلاء المتهمين.

وعلى الرغم من العراقيل التي وضعتها السلطات المحلية في ولايتي كسلا والقضارف للحيلولة دون القبض عليهم، أجبر الحراك القانوني والمدني قادة النظام البائد المتهمين على الاختفاء مجدداً بعد أن كانوا يقيمون أنشطة علنية تدعو الى الاستمرار في الحرب وخطط الجيش السوداني القتالية تحت لافتة ما اسموه بـ”معركة الكرامة”.

ويعد تواري هؤلاء المطلوبين عن الأنظار والهروب لمناطق نائية مكسب أولي للإجراءات التي اتخذت في مواجهتهم لأن النشاط الذي كانوا يقومون به كان من شأنه أن يؤدي الى فتنة قبلية في ظل الاستقطاب الحاد بين جيش وقوات الدعم السريع، وذلك وفق ما أفادت به عضو محامو الطوارئ رحاب مبارك لـ(عاين).

وقالت مبارك، إن السلطة القائمة في ولاية كسلا بما في ذلك الوالي المكلف ومدير الشرطة تواطأت بشكل واضح مع قادة نظام عمر البشير الهاربين من العدالة لأنها سمحت لهم بإقامة أنشطة علنية في احدى الصالات في المدينة دون أن تتحرك كما ينبغي.

من هم الهاربين؟

وقادة الإسلاميين المطلوبين قضائياً وظهروا علانية في كسلا هم : علي عثمان محمد طه، وأحمد هارون المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، وعوض الجاز والفاتح عز الدين وقطبي المهدي، بعضهم يحاكم في قضية انقلاب 1989 الذي صعدت بموجبه الحركة الإسلامية للسلطة، وآخرين في بلاغ جنائي يتعلق بالعنف ضد المتظاهرين السلميين ابان ثورة ديسمبر 2018، وهربوا من محبسهم في سجن كوبر بمدينة بحري مع اندلاع الحرب.

وتضيف رحاب، وهي محامية مقيمة في كسلا أنهم بعد أن تمكنوا من اصدار أوامر قبض في مواجهة المتهمين، خرج الوالي المكلف نافياً استضافته لأي نشاط لهؤلاء المطلوبين، وبعدها هربوا الى القضارف التي استمرت ملاحقتنا لهم هناك عبر زملاء من محامي الطوارئ ليغادروا القضارف إلى عدد من الجهات المعلومة لدينا”.

محامية: سنستمر في ملاحقة هؤلاء المتهمين حتى توقيفهم وتقديمهم الى العدالة،

وتابعت:”سوف نستمر في ملاحقة هؤلاء المتهمين حتى توقيفهم وتقديمهم الى العدالة، واي جهة عدلية او نظامية تتقاعس في القبض على هؤلاء المتهمين سوف نقوم بمقاضاتهم بموجب المادة 110 من القانون الجنائي والتي تُجرم التقاعس في تنفيذ أوامر القبض وتتيح رفع الحصانة عن أي مسؤول يرتكب هذا الجرم”.

وبالتزامن مع الدعاوى القضائية التى حركها محامو الطوارئ وقانونيين ديمقراطيين، قادت قوى مدنية ثورية في كسلا والقضارف حراك مناهض لأنشطة الإسلاميين الهاربين من العدالة بإصدار بيانات وإعلان وقفات احتجاجية وهو ما شكل ضغط على السلطات المحلية ودفعها للتراجع عن محاباة هؤلاء المتهمين.

مخابئ الهاربين

وبحسب مصادر تحدثت مع (عاين) فإن قادة “الفلول الهاربين” دخلوا في مساومات مباشرة مع بعض المكونات القبلية في ولاية كسلا من أجل إرسال أبنائهم للقتال مع الجيش السوداني في الحرب الدائرة في العاصمة الخرطوم، فبعضهم رفض الفكرة من حيث المبدأ وآخرين اشترطوا مبالغ مالية تقدر بمليار جنيه وسيارة دفع رباعي لكل فرد قبل الالتحاق بالقتال.

حالة الاستقطاب توشك على احداث فتنة قبلية بين المكونات الاجتماعية في ولاية كسلا  خاصة في ظل وجود منسوبين لبعض الاثنيات تدعم قوات الدعم السريع بعد أن تمكن قائدها محمد حمدان حميدتي من تحشيدها لصالحه في وقت سابق، وفق المصادر.

وتشير المصادر، الى أن المطلوبين هربوا من مدينة القضارف وتوجهوا نحو بورتسودان وقام مسؤول الاستخبارات العسكرية التابع للجيش في مدخل ولاية البحر الأحمر بمنعهم من الدخول لكن تمت إقالته على الفور نتيجة هذا التصرف، بينما توجه قادة الاسلاميين إلى منطقة تدعى “اتنينا” واجتمعوا فيها.

وبحسب المصادر، نفسها وصل الفاتح عز الدين رئيس البرلمان في عهد حكم البشير إلى منزل عائلته في مدينة المناقل بولاية الجزيرة وحضر زواج ابنتيه يوم الجمعة الماضي، وهو مطلوب في قضية قتل المتظاهرين السلميين خلال ثورة ديسمبر.

تواطؤ الجيش

من جانبه، يقول عضو هيئة الاتهام في قضية انقلاب 89، معز حضرة إن هيئته أصدرت بيان في وقت مبكر طلبت خلاله من الجهات المعنية توقيف المتهمين لكنها لم تستجيب الشيء الذي يؤكد وجود تعاون بينهم والسلطات العسكرية للعمل تحت ظلها وحمايتها.

“خروج هؤلاء المتهمين من سجن كوبر كان مدبراً لأنه لم يقتحم باعتراف السلطات المعنية ومن ثم الذهاب والعمل تحت سمع ومرأى السلطات الولائية” يضيف حضرة في مقابلة مع (عاين).

محامي: وجود المطلوبين خارج السجن مهدد أمني

ويتابع:”وجودهم هؤلاء المطلوبين خارج السجن يعتبر مهدد أمني، ففي الوقت الذي يدعو فيه كل السودانيين والعالم الى وقف الحرب، يعمل المطلوبين على إشعال نار القتال الشيء الذي يؤكد أن الفلول هم من أشعلوا الحرب من أجل العودة الى السلطة تحت شعارات معركة الكرامة”.

وأردف حضرة: “القوات المسلحة مؤسسة قومية لا تحتاج الى متهمين هاربين من العدالة ليحققوا لها الكرامة، فهذه إهانة للجيش نفسه ويجب على حكومات الأمر الواقع في الولايات توقيف المطلوبين وحبسهم الى حين استئناف محاكمتهم”.