عقوبات أمريكية على لواء البراء بن مالك وجبريل ومشاورات لـ(الرباعية)
عاين- 13 سبتمبر 2025
بعد ساعات من عقد مشاورات مكثفة حول الصراع في السودان، للآلية الرباعية بدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت الأخيرة ليل الجمعة، عن فرض عقوبات على شخصين وكيان إسلامي سوداني: جبريل إبراهيم محمد فديّل (جبريل) ولواء البراء بن مالك (BBMB)، وذلك لدورهم في الحرب الأهلية الدامية في السودان وصلاتهم بإيران.
وتهدف العقوبات وفقا لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية إلى الحد من النفوذ الإسلامي داخل السودان والحد من أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار والصراع ومعاناة المدنيين. وتؤكد الولايات المتحدة التزامها بالعمل مع شركائها الإقليميين لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، وضمان ألا يصبح البلد ملاذاً آمناً لمن يهددون الأميركيين والمصالح الوطنية الأميركية.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون ك. هيرلي في بيان اطلعت عليه (عاين):” “لقد أقامت الجماعات الإسلامية السودانية تحالفات خطيرة مع النظام الإيراني. لن نقف مكتوفي الأيدي، ونسمح لها بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي. إن وزارة الخزانة تستخدم أدوات العقوبات القوية لتعطيل هذه الأنشطة وحماية الأمن القومي الأميركي.”
وأشار البيان إلى أن العناصر الإسلامية السودانية قوة مدمرة في السودان، لا سيما خلال نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً حتى 2019. ومؤخراً لعب الإسلاميون السودانيون دوراً رئيسياً في تقويض مسار السودان نحو انتقال ديمقراطي، بما في ذلك إفشال الحكومة الانتقالية المدنية السابقة وعملية الاتفاق الإطاري السياسي.
وتابع البيان: “ساهم ذلك في اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF) في أبريل 2023. ومنذ ذلك الحين قُتل ما يقدر بـ150 ألف شخص، ونزح أكثر من 14 مليوناً، ما أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية مستمرة في العالم. ولا يزال الإسلاميون السودانيون يعرقلون الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، كما يعززون علاقاتهم ويتلقون دعماً فنياً من الحكومة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني (IRGC)”.
وأوضح البيان، أن جبريل إبراهيم هو وزير المالية السوداني ورئيس حركة العدل والمساواة (JEM)، وهي جماعة مسلحة دارفورية لها صلات تاريخية بحسن الترابي مهندس الثورة الإسلامية في السودان. وقد دفعت الحركة بآلاف من أتباعها للقتال ضد قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير مدن سودانية ومقتل وتشريد آلاف المدنيين. إضافة لذلك، تعاون جبريل مع الحكومة الإيرانية لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، وسافر إلى طهران في نوفمبر الماضي.
وأشار البيان إلى لواء البراء بن مالك (BBMB) هو ميليشيا إسلامية سودانية تعود جذورها إلى قوات الدفاع الشعبي، وهي منظمة شبه عسكرية إسلامية مرتبطة بنظام البشير السابق. وقد دفعت هذه الميليشيا بما يزيد على 20 ألف مقاتل في النزاع ضد قوات الدعم السريع، مستخدمة التدريب والأسلحة التي وفرها الحرس الثوري الإيراني. وتورط مقاتلوها في اعتقالات تعسفية وتعذيب وإعدامات ميدانية لمن يُعتقد أنهم على صلة بقوات الدعم السريع. وتشكل هذه الميليشيا، إلى جانب غيرها من الميليشيات الإسلامية المسلحة في السودان، عقبة كبيرة أمام إنهاء الحرب الأهلية وتقويض الجهود الرامية إلى حل النزاع.
تبعات العقوبات
بموجب هذا الإجراء، وفقا للبيان، تُجمّد جميع الممتلكات والمصالح التابعة للأشخاص والكيانات المشمولة بالعقوبات والواقعة في الولايات المتحدة أو تحت حيازة أو سيطرة أشخاص أميركيين، ويجب الإبلاغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية. كما تُعتبر أي كيانات مملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر بنسبة 50% أو أكثر من قبل شخص أو أكثر من المدرجين محظورة أيضاً. وباستثناء ما تسمح به تراخيص عامة أو خاصة صادرة عن المكتب أو ما يُستثنى قانوناً، فإن لوائح المكتب تحظر بشكل عام على الأشخاص الأميركيين أو داخل الولايات المتحدة (بما في ذلك المعاملات العابرة) التعامل في أي ممتلكات أو مصالح تخص الأشخاص المحظورين.
ويشير البيان إلى أنه قد يترتب على انتهاك العقوبات الأميركية فرض عقوبات مدنية أو جنائية على الأشخاص الأميركيين أو الأجانب. ويملك المكتب صلاحية فرض غرامات مدنية على أساس المسؤولية المطلقة. وتوضح إرشادات إنفاذ العقوبات الاقتصادية الخاصة بالمكتب المزيد من المعلومات عن تطبيق العقوبات. كما أن المؤسسات المالية والأشخاص الآخرين قد يعرضون أنفسهم لخطر العقوبات في حال انخرطوا في معاملات أو أنشطة تتعلق بالأشخاص أو الكيانات المحظورة. وتشمل المحظورات تقديم أو تلقي أي مساهمات أو أموال أو سلع أو خدمات لصالح أو من أي شخص أو كيان مدرج في القائمة. وتستمد قوة وفعالية العقوبات الأميركية – وفقا للبيان- من قدرة المكتب على إدراج الأشخاص والكيانات ضمن قائمة الأشخاص والكيانات المحظورة (SDN List) وكذلك من استعداده لشطبهم منها بما يتوافق مع القانون. الهدف النهائي للعقوبات ليس العقاب، بل الدفع نحو تغيير إيجابي في السلوك.
مشاورات الرباعية حول الصراع في السودان
وعلى صعيد آخر، وبدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية، أجرى وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مشاورات مكثفة حول الصراع في السودان، مذكّرين بأنه تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويشكل مخاطر جسيمة على السلام والأمن الإقليميين. والتزم الوزراء بمجموعة مشتركة من المبادئ لإنهاء الصراع في السودان.
وشدد البيان على أن سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار. بجانب أنه لا يوجد حل عسكري قابل للتطبيق للصراع، والوضع الراهن يخلق معاناة غير مقبولة ومخاطر تهدد السلام والأمن.
ووفقا للبيان- يجب على جميع أطراف الصراع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والسريعة والآمنة وغير المعوقة إلى جميع أنحاء السودان ومن خلال جميع الطرق الضرورية، وحماية المدنيين وفقا للقانون الإنساني الدولي والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.
وشدد بيان الرباعية على أن، مستقبل الحكم في السودان متروك للشعب السوداني ليقرره من خلال عملية انتقال شاملة وشفافة، لا تخضع لسيطرة أي طرف متحارب.

ودعا الوزراء إلى هدنة إنسانية، لمدة ثلاثة أشهر أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، مما يؤدي على الفور إلى وقف دائم لإطلاق النار،
ودعت الرباعية لإطلاق عملية انتقال شاملة وشفافة واختتامها في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية واسعة النطاق ومساءلة، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة. لا يمكن أن يُملي مستقبل السودان الجماعات المتطرفة العنيفة التي هي جزء من جماعة الإخوان المسلمين أو مرتبطة بها بشكل واضح، والتي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
واتفق الوزراء على متابعة تنفيذ هذه الجداول الزمنية عن كثب، وأكدوا استعدادهم لممارسة مساعيهم الحميدة وبذل كل الجهود اللازمة لضمان التنفيذ الكامل من قبل الأطراف، بما في ذلك إعادة الاجتماع لمناقشة خطوات أخرى.
دعم عسكري خارجي
وقال وزراء الرباعية أن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يُسهم في تأجيج الصراع وإطالته، ويُسهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي. لذا، يُعدّ وقف الدعم العسكري الخارجي أمرًا أساسيًا لإنهاء النزاع.
وتعهد الوزراء ببذل كافة الجهود لدعم التوصل إلى تسوية تفاوضية للصراع بمشاركة فعالة من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع؛ والضغط على جميع أطراف الصراع لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين؛ بجانب تعزيز الظروف الكفيلة بضمان أمن منطقة البحر الأحمر على نطاق أوسع؛ لمواجهة التهديدات الأمنية العابرة للحدود الوطنية من جانب المنظمات الإرهابية والمتطرفة والظروف التي تسمح لها بالانتشار؛ وحرمان الجهات الفاعلة الإقليمية والمحلية المزعزعة للاستقرار، والتي تسعى إلى الاستفادة من استمرار الصراع في السودان من المساحة.
وأكد الوزراء التزامهم باستعادة السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني، واستعدادهم للتعاون مع الدول والمؤسسات الأفريقية والعربية والأمم المتحدة والشركاء الدوليين لتحقيق هذه الغايات. وناقش الوزراء الاحتياجات الإنسانية الملحة ومتطلبات التعافي المبكر، وأكدوا ضرورة مواصلة حشد المجتمع الدولي لتحقيق هذه الغاية والبناء على الاجتماعات الإنسانية الأخيرة.
أكد الوزراء عزمهم على مواصلة المناقشات والمشاورات والاجتماعات، على المستويين الوزاري ودون الوزاري، لتعزيز جهودهم المنسقة دعماً لإنهاء الصراع في السودان، بما في ذلك دعم إرساء وتنفيذ عملية انتقالية شاملة وشفافة. وفي هذا الصدد، أعرب الوزراء عن دعمهم لجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، من خلال عملية جدة، لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وكذلك لجهود مصر فيما يتعلق بمنتدى القوى المدنية والسياسية السودانية الذي عُقدت دورته الأولى في القاهرة خلال يوليو 2024. واتفق الوزراء على مواصلة مشاوراتهم في هذا الصدد خلال الاجتماع الوزاري الرباعي في سبتمبر 2025.