تصفية الإرهاب..طريق السودان للحذف من القائمة الأميركية السوداء

تصفية الإرهاب..طريق السودان للحذف من القائمة الأميركية السوداء

تقرير: عاين 11 ديسمبر 2019م

سريعاً.. انعكست حالة عدم التفاؤل بعدم رفع العقوبات الاقتصادية على السودان قريباً والتي بثها رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك عقب عودته للبلاد الأحد الماضي من زيارة تاريخية لأمريكا على الأسواق السودانية بدءا بالقفزة الكبيرة للدولار الامريكي مقابل الجنيه السوداني والذي وصل في السوق الموازية اليوم الثلاثاء الى حدود الـ 85 جنيها.

وسبقت زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن حالة إرهاصات بأن طريق السودان للازالة من قائمة الارهاب الامريكية مازال طويلا باجماع مسؤولين امريكيين بأن هواجس مشاركة الجيش في السلطة السودانية وحجم الإصلاحات في جهاز المخابرات السابق ما زالت تسيطر على الإدارة الامريكية على الرغم انها واحدة من أكبر دول المجتمع الدولي التي مارست ضغوطا على تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المعزول وادت هذه الضغوط لقبول التسوية التي انتهت اليها الثورة السودانية بمشاركة العسكر.

ماهي المخاوف الأمريكية؟

تصفية الإرهاب..طريق السودان للحذف من القائمة الأميركية السوداء
مساعد المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان والمدير السابق للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي كاميرون هدسون

وعلى الرغم من الأسباب المنطقية التي سردها رئيس الوزراء السوداني في مؤتمره الصحفي ومن شأنها تأجيل الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية وازالة السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الا انه تبقى عديد من الاسئلة العالقة وتمثل ربما مخاوف امريكية معلنة في التعامل مع الحكومة السودانية اجاب على بعضها مساعد المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان والمدير السابق للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي كاميرون هدسون، مشيرا الى إن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تحتاج إلى وقت، وإن الطريق أمام الخرطوم ما زال طويلاً، وإنها تواجه مهاماً لا يمكن التغلب عليها بسهولة، وقال هدسون في مقال له نشره موقع «معهد المجلس الأطلسي» بمناسبة أول زيارة لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى واشنطن، إن هناك قائمة طويلة تريدها الولايات المتحدة من السودان قبل إزالة العقوبات، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تخشى من عودة الجيش إلى السلطة مجدداً بمجرد أن يتم رفع العقوبات الأميركية.

وأضاف الدبلوماسي الامريكي السابق ، أن أكثر ما تحتاجه بلاده الآن توضيحات حول جهاز المخابرات السوداني بعد الإصلاحات التي جرت مؤخراً، وما إذا كان يخضع بالكامل إلى السلطة المدنية، مشيراً إلى أن هناك عدداً من الإرهابيين الدوليين وجماعات التمرد من دول الجوار يستخدمون الصحراء الممتدة من البحر الأحمر شرقاً إلى ليبيا غرباً التي لا تخضع للسيطرة وأصبحت ملاذاً للاختباء، وقال “رئيس الوزراء حمدوك يواجه قيوداً سياسية وهيكلية كبيرة، في حين أنه يعمل على ازالة اسم بلاده من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب». وقال إن القضية الأخرى تتعلق بحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني؛ فلديهم مكتب سياسي في الخرطوم وهما مصنفتان لدى الخارجية الأميركية كمنظمتين إرهابيتين.

تصفية الإرهاب..طريق السودان للحذف من القائمة الأميركية السوداء
الحوار مع الإدارة الأميركية حول حذف اسم السودان من قائمة الإرهاب، بدأ بـ 7 شروط، تجاوز الطرفان الكثير منها، مثل الحريات الدينية، وفتح ممرات إيصال الإغاثة لمناطق النزاعات

نتائج الزيارة

كل هذه المخاوف الامريكية، تجاوزها المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء في مطار الخرطوم عقب عودته، لكنه بث تطمينات بأن حكومته تمضي بثقة في الحوار مع الادارة الامريكية حول رفع العقوبات لدرجة العمل المستمر للجنة مشتركة بين الحكومة الانتقالية والإدارة الأميركية لمتابعة حذف السودان من قائمة الإرهاب. قبل ان يؤكد ان لقاءاته مع المسؤولين في الولايات المتحدة كانت مثمرة شملت مسؤولين بالإدارة الأميركية والكونغرس ومؤسسات صنع القرار. مشيرا الى أن اجتماعات اللجنة المشتركة بشأن الإرهاب تمضي بوتيرة متسارعة، وأنها عقدت اجتماعات في واشنطن لمتابعة حذف السودان من اللائحة السوداء.

وكشف حمدوك أن الحوار مع الإدارة الأميركية حول حذف اسم السودان من قائمة الإرهاب، بدأ بـ 7 شروط، تجاوز الطرفان الكثير منها، مثل الحريات الدينية، وفتح ممرات إيصال الإغاثة لمناطق النزاعات، وتحديد علاقة السودان مع كوريا الشمالية.وزاد “الآن تبقى شرط واحد وهو التسوية مع أسر الضحايا”. وتابع “هناك حكم قضائي بأن السودان يفترض أن يدفع 11مليار دولار، ولدينا فريق احترافي يدير العمل ونجحنا في تقليصه إلى مئات الملايين والتفاوض مستمر لإنجاز اتفاق نهائي لا يفتح الباب أمام مطالبات أخرى لتبدأ على الفور إجراءات رفع السودان من قائمة الإرهاب”. واشار الى ان الهدف من هذه التسوية هو عدم الزج بالسودان في قضايا أخرى متعلقة بالإرهاب، وسنصل إلى اتفاق بهذا الخصوص قريباً”.

تصفية الإرهاب

التقدم في ملف تصفية المنظمات المشبوهة برعاية الإرهاب والسيطرة على دوائر اموالها واحد من الملفات الأكثر حساسية في ملف رفع العقوبات الامريكية وفقا لأستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية، محمد احمد شقيلة، الذي يقول أن الأولويات التي تطرحها الحكومة الانتقالية في السودان من معالجة الاختلالات الهيكلية في الدولة ومعالجة الازمة الاقتصادية باستثناء ملف السلام هي ليست من أولويات الإدارة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومن ثم رفع الحصار الاقتصادي. رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في مؤتمر صحفي الأحد بالخرطوم، نبه الى أن أحد الشروط الأميركية المطلوبة هو التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، قائلا إنه أمر مستمر مشيرا الى عقد اجتماع ضمه ومدير المخابرات أبو بكر دمبلاب بالمسؤولين في جهاز المخابرات الأمريكي “سي آي ايه”.

لكن الواضح وفقا لشقيلة، الذي تحدثت إليه (عاين)، ان الادارة الامريكية ونظيرتها السودانية قد توصلتا الى منطقة وسطى تتمثل في التدرج بقيام كل طرف بما يليه تجاه الطرف الآخر، وكل ما تقدمت الحكومة السودانية بتصفية المنظمات التي يشتبه انها ارهابية وتوقيف عناصرها واموالها وتقدمت كذلك في ملف السلام وملف قضايا الحكومة السودانية امام القضاء الامريكي، كلما تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية في تخفيف العقوبات الاقتصادية وقيامها بطريقة ما بما يسمح لأعضاء المجتمع الدولي للتعامل مع السودان خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمار.

ويضيف أستاذ العلاقات الدولية، “هذه الطريقة مقبولة ومطلوبة لأن رفع العقوبات عن السودان في هذا الوقت بصورة كاملة لن يستفيد منه المستثمرين فحسب، بل ستستفيد تلك الجماعات المشبوه بالإرهاب ايضا الموجودة بالبلاد ايضا”. وبنوه شقيلة إلى أن ملف السلام يحتاج التقدم فيه لانه احد الملفات التي تتم بها عملية الضغوط الدولية على طرفي التفاوض ونجد أن ملف العقوبات والإرهاب واحد من أدوات الضغط على الأطراف لتمضي في تحقيق السلام.

تصفية الإرهاب..طريق السودان للحذف من القائمة الأميركية السوداء

مشاركة العسكر.. تريث امريكي

ويلفت شقيلة، الى نقطة يقول انها مهمة وتجعل الادارة الامريكية تتريث في التطبيع الكامل مع الحكومة السودانية رغم تغيير النظام في البلاد وهي وجود المكون العسكري في السلطة الحاكمة بالسودان، ويقول “صحيح أن السلطة الآن في السودان مدنية وصحيح أن المكون العسكري سلوكه حتى الآن يتوافق مع الثورة السودانية وآخر موقف يمكن أن يحسب للعسكريين هو عدم تعطيلهم اجازة قانون تفكيك نظام الانقاذ وحل حزب المؤتمر الوطني المباد، لكن كل ذلك ليس كافيا للتأكد من نوايا العسكر وإن كان هذا فعليا الاتجاه الذي قرروا السير فيه”.

وفي رده على سؤال (عاين) حول الضغوط التي كانت تمارسها القوى الدولية بما فيها أمريكا على القوى السياسية قبل التوصل لاتفاق سياسي مع العسكر، يقول عضو قوى الحرية والتغيير و وفدها المفاوض مع المجلس العسكري وقتها، طه عثمان لـ(عاين)، أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الامريكية كان يسيطر عليهم قلق استمرار العسكر في السلطة والانفراد بها. وأشار عثمان، إلى أن الولايات المتحدة وبقية مكونات الدول الاوروبية التي تمثل المجتمع الدولي ساندت الاتفاق الذي افضى الى الشراكة الحالية وباركت الإعلان السياسي ومن ثم الوثيقة الدستورية.

ولا يحدد عثمان، تاثيرات بعينها للولايات المتحدة الامريكية على موقف القوى السياسية لقبول الاتفاق السياسي ومشاركة العسكر، ويضيف ” لم اشارك في اجتماع مع اي جهة دولية ايام المفاوضات لم تفرض علينا ضغوطا بعينها أو في ملفات بعينها.. على العكس القوى السياسية هي التي كانت تقدم رؤها وكل المجتمع الدولي بما فيهم أمريكا في خانة المراقب وحتى لم نلتمس منهم مخاوف بعينها اذا أصر التحالف على خوض ثورته الى نهايتها وتحقيق الدولة المدنية الكاملة..لكن القوة السياسية هي التي قبلت التفاوض ومضت فيها الى نهاية الشوط”.