السم الذي يلمع.. لعنة الذهب في ولاية جنوب كردفان
28 ديسمبر2020
تأمل “نيلا برمة مسكين” 37 عاماً من بلدة تلودي في ولاية جنوب كردفان السودانية، ان تنجب هذه المرة مولوداً معافى بعد أن أجهضت خلال السنوات الماضية حملها لخمسة مرات متتالية، وتقول في كل مرة من حالات الإجهاض تصاب بنزف حاد ويتم اسعافي لايقاف الاجهاض. وقبل أشهر فقط حصلت على دواء لإيقاف الإجهاض من خارج السودان، ” اخشى على نفسي وصحتي اذا حدث حمل من تكرار المعاناة وفقدان طفل بعد أشهر الحمل، هذا أمر قاس”.
أما “رقية عوض النيل” التي تقطن في منطقة تلودي -المحافظة الجنوبية- تقول انها متزوجة منذ العام 2008م، وانجبت اولاد وبنات لكن في العام 2018م اجهضت طفل ولد في الشهر الخامس، وفي العام 2019م ايضا تكرر الاجهاض وهذه المرة كان الحمل في الشهر السادس وقد اصبت بنزيف حاد وكان معدل الدم في جسمي 32%، ثم اجهضت ودخلت في حالة غيبوبة لفقدان الدم وتم تنويمي بالمستشفى لمدة 9 أيام.
أربع حالات مماثلة لسيدات واجهن مشاكل اجهاض وتشوهات في المواليد وثقتها (عاين) خلال العام الماضي في بلدة تلودي بولاية جنوب كردفان التي يتهم سكانها المحليين عمليات التنقيب الواسعة عن الذهب وانتشار المناجم التقليدية ومئات الآبار وغيرها من عمليات التعدين التي تقوم بها الشركات وتستخدم في عمليات فرز واستخلاص الذهب مادة السيانيد السامة، بجانب استخدام المعدنون التقليديون لمادة الزئبق.
نهم وشراسة
في العام 2012 بدأ التعدين الأهلي في ولاية جنوب كردفان كأغلى نشاط إنتاجي آنذاك بالتزامن مع انفصال جنوب السودان ورغبة حكومة النظام السابق الذي يقودها الاسلاميون في تعويض إيرادات النفط، وبالتالي تعاملت مع التعدين “بشراسة ” دون الوضع في الاعتبار الأضرار البيئية العالية. وتلاحظ خلال تلك الفترة والسنوات التي أعقبتها ظهور العديد من الظواهر الغريبة في مجتمع جنوب كردفان والأمراض مثل الحساسيات عملية الإجهاض وتشوه الأجنة وتغيير لون الثمار والبساتين والغابات ونفوق الحيوانات والطيور بصورة مكثفة ومريبة خاصة حول الأحواض التي تستخدم مادة السيانيد والزئبق والقريبة من مجاري الأنهار ومصادر المياه”.
وتركزت الأضرار الصحية والبيئية في مناطق “الترتر” و”بلولة” و”الجغرور” وغالب ريف محلية التضامن ومدينة “أبوجبيهة” و”رشاد” و”تلودي” و”كالوقي”. خلال السنوات الماضية نشطت هيئات ومنظمات مدنية مناهضة لعمليات التلوث التي خلفتها عمليات التعدين في الولاية، وجُوبهت عمليات توثيق حالات الضحايا بمقاومة شرسة من قبل عناصر النظام المخلوع في السودان والمستفيدة من عمل شركاتها او الدفاع عن مصالحها المباشرة في استمرار عملية التعدين دون مراعاة للسلامة البيئية.
اخفاء الجرائم
يقول الناشط البيئي والحقوقي محمد المصطفى عثمان خاطر، من منطقة تلودي بولاية جنوب كردفان، لـ(عاين)، “عندما تحدثنا للقابلات في مناطق متعددة بالولاية تكشفت لنا أرقام كبيرة لحالات تشوهات خلقية أثناء الولادة، لكن عندما عدنا إلى سجلات المستشفيات والمراكز الصحية وجدنا بعض الأوراق ممزقة ومنزوعة من السجل”. ويكشف الأمين العام للجنة الوطنية لمناصرة البيئة- هيئة مستقلة- أحمد مختار، أن اللجنة الوطنية وثقت خلال اعوام 2016 و 2017 في محلية الترتر وحدها عبر أحد الأطباء في مستشفى ترتر واسمه “بابكر صالح” وهو الآن عضو اللجنة الوطنية أكثر من ألف حالة إجهاض أو طفل مشوه ولدينا الملفات الطبية بالأسماء والمنطقة واسم الأبوين”.
ويقول مختار، “لم يترك الطبيب لحاله حينما بدأ في حملة اعلامية للكشف عن الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن تعدين الذهب في ولاية جنوب كردفان حيث تعرض إلى الملاحقة الأمنية بواسطة أجهزة النظام البائد لكن مع إصراره على المضي قدما تمكن من جمع معلومات هائلة عن المواطنين الذين تضرروا مباشرة من التعدين الأهلي وتعدين الشركات”. ويضيف احمد مختار، إن “الطبيب بابكر صالح تلقى تهديدات بالتصفية لكن مضى في هذا الملف وجمع المعلومات وملكها للمختصين بالبيئة. وتابع : “الآن بحوزة اللجنة الوطنية حالات طبية للنساء اجهضن ونفوق الحيوانات بعد الولادة مباشرة وهي ظواهر صحية غير مألوفة وهي الحيوانات ترعى في بيئة ملوثة”. ويشير مختار، إلى أن نشطاء البيئة رصدوا في العام 2020 استمرار حالات الإجهاض في منطقة أبو جبيهة والتي تصب في مجاريها مخلفات شركات التعدين والمصانع العاملة في تنقيب الذهب ما أدى إلى قيام احتجاجات شعبية في المنطقة وأطلقنا عليها “شركات الذهب القذر”.
توثيق
هيئة محامي جبال النوبة-جنوب كردفان- هي الأخرى تقول انها رصدت في تقرير حديث العشرات من حالات التشوهات الموثقة، ويقول التقرير ان الهيئة بدأت مسحا عند ظهور مؤشرات خلال العام 2018 بنفوق الماشية الأبقار وغيرها ونفوق الضباع التي اكلت من لحم الابقار المسممة ونافقة، هذا إلى جانب ان الطيور العابرة بأحواض الكرتة تسقط ميتة. ويشير التقرير إلى أنه انتقل بمسحه في المنطقة باجراء مقابلات مع القابلات والنساء الضحايا لتكتشف ان الاضرار الناتجة عن استخلاص الذهب عبر مادة السيانيد في عدة مستويات، منها صحة النساء الحوامل، بتوثيق حالات نزيف من عمر حمل 3 أشهر وما دون، وإجهاض من الشهر الرابع إلى الشهر التاسع في الحمل.
وأشار التقرير إلى أضرار ناجمة على مستوى الأجنة، وجرى توثيق حالات تشوهات بمنطقة النقولا جوار شركة السنط على مستوى الرأس والأطراف لعدد ثلاثة أطفال ذكرين وانثى، بجانب ولادة طفل مشوه وحالات ولادة اجنة مشوهة تم رصدها من قبل ممثل وزارة الصحة في منطقة تلودي فضلا عن حالات لم تحصر لعدم وصولها للمستشفى بحسب افادة القابلات. ويكشف التقرير، عن 5 حالات اصابة للرجال بحسب ممثل وزارة الصحة في بلدة تلودي وهي حالات اصابة بحروق لخمسة شباب بعد حملهم أكياس لمواد على ظهورهم وتم تدوين بلاغ بقسم شرطة تلودي وتحويلهم لمستشفى الخرطوم بعد ان ساءت أوضاعهم الصحية بتاريخ 1 سبتمبر 2019م .
ويقول عضو الهيئة، أيوب كرتون، من خلال المسح والمقابلات تم رصد أكثر من 200 امرأة متضررة يتراوح ضررهن ما بين حالات النزف والاجهاض وتشوه في اشكال الاجنة – صغر حجم رأس الجنين مع كبر العيون واجفان لا ترمش وبقية شكل الجسم طبيعي-، ويضيف كرتون لـ(عاين)، ” كذلك حضرنا حالات ولادة اجنة مشوهة وشملت ايضا المؤشرات نفوق الماشية والطيور وقلة المحاصيل بسبب احواض التخمير لاستخلاص الذهب بواسطة مادة السيانيد وبعد عملية استخلاص الذهب تترك بقايا الشوائب والأتربة في شكل أكوام تسمى بالكرتة وعند هطول الأمطار تنجرف المواد الضارة الى مجاري الأمطار فتحدث أضرارا بالتربة ومياه شرب الإنسان والحيوانات والزرع”.
اللجنة الوطنية لمناصرة البيئة بحسب مختار، يقول انها ابلغت الشركة السودانية للموارد المعدنية-جهة حكومة مسؤولة عن شركات التعدين في السودان- بحجم الكوارث البيئية التي تحيط بولاية جنوب كردفان جراء سباق محموم على الذهب من جهات تحظى بحماية فائقة جدًا خاصة مع بقاء عناصر النظام في أجهزة الدولة.
نفي حكومي
لكن مدير شركة الموارد المعدنية يرفض في مقابلة مع (عاين)، ربط مجمل التلوث البيئي الموجود في ولاية جنوب كردفان بعمل الشركات التي تستخدم مادة السيانيد والتي يتراوح عددها من 13- 14 شركة وتعمل جميعها في معالجة مخلفات التعدين او ما يعرف بـ”الكرتة”. ويقول ” هناك آلاف الناس يمارسون نوعا من أنواع التعدين التقليدي ويستخدمون فيه الزئبق والمواد الأخرى وهذا أكثر خطرا وأكثر تدميراً للبيئة”.
ويضيف ” أنا أعرف بعض الناس من المعدنين الأهليين يستخدمون الزئبق، فلا يمكن أن تستخدم الزئبق في التعدين و تناهض السيانيد والزئبق علميا أخطر من السيانيد وبقاء الزئبق في البيئة سواء ان كان فى شكله السائل أو متبخر بقائه كعنصر حر خطر جدا على البيئة وعلى المياه وعلى الإنسان والحيوان والنبات”. ويزيد أردول ” السيانيد تستخدمه حولى 12 شركة، ونحن في الشركة السودانية قادرون على ان نفرض عليها من الضوابط الصارمة للاستخدام الآمن للسيانيد”.
وينوه اردول، لما يعتقد انه خطير جداً بان كميات “الكرتة” المستخدم فيها الزئبق في جنوب كردفان تقدر بـ 8 مليون طن لم تتم معالجتها بسبب نظرة المجتمعات المحلية الراسخة بأن الشركات التى تأتي إلى معالجتها تأتي بالتلوث هذا إلى جانب أطماع مجموعات تعتقد أن هذه الأطنان غير المعالجة تحوى كميات كبيرة من الذهب ومن حقها الحصول على هذا المعدن.
“أطنان التراب التي تحوي الزئبق يجب ان تعالج فوراً” يقول اردول ويضيف، “الزئبق لايبقي كثيرا في الكرتة، فأما تبخر اذا كان الجو ساخنا أو تسرب فى داخل الأرض او تسرب في مجاري المياه المفتوحة ولذا من الضروري المعالجة عبر الشركات لأن أصلا التصديق الذي نمنحه لهذه الشركات يسمى تصديق معالجة المخلفات، فإذا لم تعالج هذه المخلفات ستكون هناك كارثة فيما يخص كميات الزئبق المتراكمة”.
ويشدد المسؤول الحكومي، على ان يكون استخدام شركات معالجة المخلفات بالسيانيد ان تكون سببا وراء التلوث البيئي والتشوهات الخلقية بين مواليد السكان المحليين في جنوب كردفان، ويقول “نحن كجهة حكومية رسمية لم تصلنا تقارير من جهة معترف بها تثبت حالة تشوه خلقي بسبب استخدام مادة السيانيد”. ويضيف “على من يدعي ذلك عليه تقديم الإثبات”. لكنه يعود ويقول ان مادة الزئبق الشائع استخدامها في الولاية تحدث تشوهات خلقية، والزئبق تأثيره يمتد لعشرات السنين وربما يؤدي الى الفشل الكلوي وهذا متوقع وربما يؤدى الى السرطانات وغيرها من الأمراض.
مخاطر محدقة
بينما يرى الأمين العام للجنة الوطنية لمناصرة البيئة أحمد مختار، إن المواطنين يشعرون بالخطر ودارت أسئلة لم تجد إجابات عن الحالات المتعددة للحساسية خاصة عمال مواقع التعدين حيث رصدت اللجنة الوطنية في العام 2014 (70) منجمًا أهليًا تستخدم مادة الزئبق الملوثة بالتربة وأكثر من (12) شركة تعمل في استخلاص الذهب من الكرتة الملوثة بالزئبق”. ويدعو مختار إلى الانتصار للمواطنين المطالبين بإبعاد شركات الذهب من المنطقة خاصة مع استشراف مرحلة سياسية جديدة عقب سقوط النظام الذي امتلك مسؤوليه شركات التعدين وحصلوا على حماية من الأجهزة الأمنية.
لكن مدير شركة الموارد المعدنية-حكومية- مبارك اردول ينتقد الجماعات الأهلية والشعبية التي تقاوم عمل الشركات في جنوب كردفان بحجة حماية البيئة ومنع التلوث ويقول، “هناك تضارب مصالح، ولا يمكن النظر إلى مسألة التلوث البيئي من زاوية واحدة.. أنا أعلم ان عدد كبير جداً من أصحاب الطواحين- آليات صغيرة لسحن حجارة الذهب- لا يريدون أصحاب الشركات أن يعملوا ولذلك يتذرعون بمسائل البيئة ويحرضون المجتمعات المحلية، ولذلك قضية البيئة لا يجب أن تكون ذريعة لاستخدام الكسب الاقتصادي لاصحاب الطواحين او المعدنين الأهليين”.
“نتاج الذهب خلال الربع الأول من 2020، بلغ 8.41 أطنان، بنسبة 34 بالمئة فقط، من الإنتاج المخطط له خلال نفس الفترة وهو 24.5 طنا. وأعلنت وزارة الطاقة والتعدين في وقت سابق أن إنتاج شركات الامتياز من الذهب بلغ 1.77 طنا، فيما بلغ إنتاج شركات مخلفات التعدين 2.25 طنا، بينما وصل إنتاج الذهب من التعدين التقليدي إلى 4.39 أطنان“. |
ويعود الناشط البيئي والحقوقي محمد المصطفى عثمان خاطر، إلى الخلفية التاريخية لبداية عمليات التعدين الواسعة عن الذهب في الولاية ويقول انه بدأ من قبل الأهالي بطريقة عشوائية، وكان الحفر سطحي لا يتعدى الخمسة عشر مترا لكن في نهاية العام 2009 وبداية العام 2010 حدث تطور في عملية استخلاص المعدن من الخام واستخدم الـ GPS ومع مرور الوقت تطورت الآليات وصار الحفر في الأرض عميقا يصل ما بين 100 الى 150 مترا ودخل عنصر الزئبق في عملية التعدين واستخدمت الآليات الثقيلة الأمر الذي أحدث جرفا بالأراضي الزراعية والسهول نتيجة لاستخدام الآلات الثقيلة.
ويلاحظ المصطفى، أن عملية التعدين عن الذهب مثلت نشاط اقتصادي جديد فرض نفسه بتحقيقه عائدات أكبر من عائدات الأنشطة الاقتصادية التقليدية الزراعة والرعي، فدخلت الحكومة السابقة ولحقت بهذا النشاط وفرضت سيطرتها من خلال فرض الضرائب. في العام 2015م ظهرت الشركات في عملية التعدين لكن لم تقدم نفسها للأهالي بالمنطقة بطريقة صادقة ولم تقدم دراسات للأثر البيئي باستخدام مادة السيانيد السامة والعنصر الأساسي لاستخلاص المعدن إضافة لاستخدام نظام التنقيب المكشوف وهي طريقة تخمير مخلفات تراب المعدنين الأهليين باستخدام مادة السيانيد- وفقا لمحمد المصطفى.
“ظهرت شركات التنقيب للسكان المحليين بمنشآتها الضخمة دون علمهم وقد ضربت حول نفسها طوقاً امنياً محكماً لا يمكن الوصول إليها واغلبها مؤسسات عسكرية تتبع لقوات الدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات الوطني في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير”. يقول مصطفى لـ(عاين)، ويضيف ” اول هذه الشركات شركة ديزل وتسيطر على منجم تبولا 13 كلم شمال بتلودي، وهي تتبع لهيئة العمليات بجهاز المخابرات السوداني السابق، وعندما قوبلت الشركة بالرفض لجأت إلى تغيير اسمها الى شركة السنط وهي نفس المنشاة، بجانب شركة الجنيد المملوكة لقوات الدعم السريع والتي تسيطر على منجم بشائر 21 كلم جنوب طريق محلية الميرم.
ويضيف المصطفى، هناك شركة أبرسي، وهذه الشركة عندما ظهرت قدمت نفسها بأنها شركة للاستثمار الزراعي بحسب أوراق العقودات لكنها منشأة سرية لقوات البرق الخاطف -كتائب ظل نظام المؤتمر الوطني المخلوع- وانشئت وسط فرقان الرحل مسار مراعيهم بالجزء الشرقي لمشروع البيضة وهو أكبر مشروع زراعي بالمنطقة يتوسط ثلاث محليات تلودي وتلقوي والميري بولاية جنوب كردفان.
تراجع إنتاج
“الذهب رغم أنه ثروة قومية يتضاءل تأثيره في دعم الاقتصاد القومي نظرا لعملية التهريب الواسعة فيه” ويقول العضو السابق في اللجنة الاقتصادية لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير- التحالف الحاكم في السودان- كمال كرار، ويضيف، انه وبحسب مصادر رسمية “فإن إنتاج الذهب خلال الربع الأول من 2020، بلغ 8.41 أطنان، بنسبة 34 بالمئة فقط، من الإنتاج المخطط له خلال نفس الفترة وهو 24.5 طنا. وأعلنت وزارة الطاقة والتعدين في وقت سابق أن إنتاج شركات الامتياز من الذهب بلغ 1.77 طنا، فيما بلغ إنتاج شركات مخلفات التعدين 2.25 طنا، بينما وصل إنتاج الذهب من التعدين التقليدي إلى 4.39 أطنان”.
ويقدر وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني السابق إبراهيم البدوي، عائدات تصدير معدن الذهب المنتج عبر القطاع التقليدي بين (5-7) مليارات دولار أمريكي خلال العام 2020. وحسب إحصائيات الوزارة عن التعدين التقليدي فإنه يُشكِّل (80%) من إنتاج البلاد من الذهب، ويعمل فيه أكثر من (3) ملايين في مختلف الأنشطة.
والحكومة السودانية التي تقر بتحديات في قطاع إنتاج الذهب أوصى أول مؤتمر اقتصادي عقد في نهاية شهر ديسمبر الماضي، الفائت بضرورة أن تضطلع وزارة الطاقة والتعدين بمسؤولية التعاقد والإشراف على الذهب، وإدخال جميع الشركات الأجنبية وشركات الامتياز العاملة في مجال التعدين تحت مظلة الرقابة الحكومية و إشرافها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتماد مصفاة الذهب دولياً، بجانب إنشاء شركات عامة تضم قطاعات التعدين الأهلي والشركات الصغيرة تسهم فيها الحكومة.
“يقدر وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني السابق إبراهيم البدوي، عائدات تصدير معدن الذهب المنتج عبر القطاع التقليدي بين (5-7) مليارات دولار أمريكي خلال العام 2020. وحسب إحصائيات الوزارة عن التعدين التقليدي فإنه يُشكِّل (80%) من إنتاج البلاد من الذهب، ويعمل فيه أكثر من (3) ملايين في مختلف الأنشطة“ |
اعتراف الحكومة السودانية بمواجهتها تحديات في قطاع التعدين المنظم والتقليدي عن الذهب يأخذ مسارات عدة، لجهة عدم قدرتها الإدارية على ملاحقة المشتغلين في القطاع بشقيه التقليدي والمنظم من خلال فرض الضرائب والعائد المباشر لخزينة وإقرارها المتكرر بفقدانها عائدات كبيرة ومهمة لدفع عجلة الاقتصاد السوداني بسبب عدم السيطرة على الناتج الكلي نتيجة التهريب. وعامل آخر حاسم يجعل من خسارة الحكومة السودانية كبيرة لنشاط الآلاف في التعدين التقليدي والمنظم هو العامل البيئي وانخراط هذه الشركات في عمليات استخلاص للمعدن عن طريق مواد سامة ذات أضرار بالغة لا تجابهها بعمليات سلامة بيئية وصحية.