بالوثائق(عاين) ترصد سيطرة كتائب “البشير” على مفاصل الدولة
وزارة العمل نموذجاً.. كيف تولى معاشيو الجيش والأمن وظائف قيادية في الوزارة، وكيف ساندتهم السلطة لتنفيذ تأثيرهم الخفي على المجتمعات؟.
شهادة “رسوب في امتحانات الشهادة السودانية” تمنح الحاصل عليها وظيفة قيادية في الوزارة وآخرون بلا شهادات ينتمون إليها بالولاء للتنظيم الاسلامي. كتائب الأمن الشعبي تبسط سيطرتها على استثمارات الوزارة وتعمل على تعطيلها بعد ثورة ديسمبر.
يُقرأ من بين سطور الأوراق والمستندات التعريفية المبعثرة في المكاتب الإدارية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في السودان لعدد من ضباط الجيش السوداني وجهاز الأمن والمخابرات المحالين للمعاش، جرى استيعابهم في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير بوزارة العمل، تلقى البعض من هؤلاء الضباط شهادات لدورات تدريبية في دولة الأردن لمدة 6 أشهر حول التأثير الخفي في المجتمعات.
وخلال السنوات الماضية، استدعى نظام الرئيس المخلوع كوادره الامنية والتنظيمية للخدمة المدنية او ما عرف خلال سنوات حكم النظام البائد بـ”سياسية التمكين” والسيطرة على كل الوظائف الحيوية في الخدمة المدنية على حساب الكفاءة والتأهيل العلمي الأمر الذي استنت له حكومة الثورة قانوناً لإزالته.
وزارة العمل والتنمية الاجتماعية حالياً، كانت واحدة من الوزارات المستهدفة من قبل تنظيم الإسلاميين المخلوع لجهة أنها ضمت مفوضيات حكومية مهمة كمفوضية العون الانساني، المسؤولة من ادارة أموال وعمل المنظمات الانسانية الدولية والمحلية، بجانب الاستثمارات الكبيرة لصناديق الضمان الاجتماعي، وأموال الفقراء عبر ديوان الزكاة. هذا إلى جانب ادارة الوزارة لمصرفين هما “بنك الأسرة”، ومصرف الادخار”.
تذهب كشوفات مستندات التوظيف في الوزارة السنوات الماضية التي تحصلت عليها (عاين)، لتأكيد مسارين إنتهجهما التنظيم الإسلامي في تعيين كوادر الأمن الشعبي –كتائب الظل– والمتعاقدين من ضباط الجيش وجهاز المخابرات في الوظائف القيادية في الوزارة ووحداتها المختلفة. هذا إلى جانب تمكين عناصر تدين بالولاء لنظام الرئيس المخلوع، لكنها بلا مؤهلات علمية تمكنها من التوظيف الذي يستوجب الحصول على شهادات جامعية على أقل تقدير.
تكشف مستندات (عاين)، أعداد كبيرة من الموظفين المعينين بوزارة العمل بدون مؤهل علمي، وآخرون يحملون شهادة إكمال المرحلة الثانوية فقط (رسوب في امتحانات الشهادة السودانية) ويعملون في درجات وظيفية يشترط شاغلها أن يكون من حملة البكالوريوس.
انتداب أمني
سيطر القادة الأمنيون المحالون للمعاش في نظام الرئيس المخلوع على الوظائف القيادية في الوزارة، وتنقسم هذه الوظائف بحسب وثائق التوظيف والهيكل الوظيفي ، على النحو التالي: القطاع الثاني الخاص وهو أعلى درجة وظيفية في الوزارة، عدد الوظائف فيها (4) وظائف، المشغول منها (2 ) وظيفة، الشاغر فيها (2 ) وظيفة، في الوظائف المشغولة هناك عدد (1)وظيفة يشغلها لواء بجهاز الأمن ، تم تعيينه بعد تقاعده للمعاش بمعادلة رتبته العسكرية، وجرى هذا التعيين في 9\3\2002 ومازال يعمل حتى الآن.
يتم التدرج الى الدرجة الوظيفية الثالثة التي بها (24) وظيفة مشغولة من جملة الـ (35) يوجد بها ضابط برتبة رائد أمن معاش تم تعيينه في 17\12\2015 بمعادلة الرتبة الى الدرجة الثالثة، مع العلم وفق وثائق الخدمة المدنية فإن رتبة رائد تعادل الدرجة الخامسة والترقية تتم بعد (4) أعوام، لكن هذا الرائد تمت ترقيته بموجب قرار في سنة 2018 الى الدرجة الثالثة، كما يوجد في ذات الدرجة وفي ذات الوظيفة عميد أمن نهاية خدمته بجهاز الأمن كانت في 13\2\2014 وهو من حملة بكالوريوس العلوم والتربية العامة، فتم تعيينه في وظيفة خبرات في 22\2\2016 وتجدر الاشارة الى أن هؤلاء الضباط منهم من يحمل شهادات لدورة تدريبية متخصصة لمدة 6 أشهر حول التأثير الخفي في المجتمعات بالأردن .
إحصائيات فساد
بحسب شروط التوظيف الحكومية للوزارة، كان لوزارة العمل استيعاب و تشغيل موظفين يحملون مؤهلات علمية؛ ذات صلة بمجال الخدمات الاجتماعية لكن عدد من يشغلون الآن الوظائف لا علاقة لمؤهلاتهم العلمية بهذا المجال، وتبدأ هذه الوظائف من القطاع الثاني الخاص، أعلى درجة وظيفية ويشغلها عميد منتدب من جهاز الأمن، أما في القطاع الثالث الخاص؛ ثاني أعلى درجة وظيفية يوجد عدد (2) موظف، أحدهم يحمل بكالوريوس تخصص جيولوجيا، وثانيهم يحمل بكالوريوس زراعة تم تعيينهم في الفترة من العام 2011 و2016 ، اولهم بقرار مجلس الوزراء والثاني تم تعيينه خبرات وهو ليس لديه أي مستند خبرات، أما الدرجة الوظيفية الأولى هناك (12 ) وظيفة مشغولة من (19) وظيفة؛ يوجد بها (3) موظفين بلا مؤهل علمي، اما الدرجة الوظيفية الثانية هناك موظف واحد بلا مؤهل علمي، والدرجة الوظيفية الثالثة بها (24) وظيفة مشغولة من جملة (35) يوجد من بين الـ(24) المشغولة (5) موظفين بلا مؤهل علمي. الدرجة الوظيفية الخامسة هناك (51) وظيفة مشغولة من جملة (61) يوجد من بينهم (16) موظف بلا مؤهل علمي وعدد(1) موظف يحمل شهادة إكمال المرحلة الثانوية، اما الدرجة الوظيفية السابعة هناك (31) وظيفة مشغولة من جملة (51) وظيفة من بين هذه الوظائف هناك (18) موظف يعملون بلا مؤهل علمي، و عدد (1) موظف يحمل شهادة إكمال ثانوي. 49% بالوزارة غير مؤهلين علمياً لشغل الوظائف التي يشغلونها عدد الوظائف الشاغرة بوزارة العمل والإصلاح الإداري (171) وظيفة لمختلف الدرجات الوظيفية.
خلايا الأمن الشعبي
الموظف منذ العام 1995 بوزارة العمل، نورالدين أحمد -أسم مستعار- يأسف لسيطرة كوادر الأمن الشعبي على الوزارة. ويقول لـ(عاين)، ان ” تأسيس الوزارة الغرض منه الاستجابة للعديد من المشاكل؛ لرفع الاقتصاد بزيادة مستوى دخل الفرد، وزيادة الدخل القومي برفع كفاءة الكادر البشري، وتخفيف الصرف العشوائي بتجويد العمل وتقليل البطالة، وتوظيف الشباب خاصة حملة البكالوريوس، والاستفادة من طاقات الشباب في عملية البناء، ورفع الوعي بشكل قومي؛ مما يُشكل حماية من الحروب، والهجرات، والمهددات التي تضرب الشباب في مقتل سواء كانت مهددات فكرية، او اقتصادية تتبناها مجموعات ايدلوجية، او أيادي خارجية لان الشباب يمثل الرصيد المستقبلي لكل بلد”.
ويضيف احمد، “هذا الدور تم تعطيله تماماً وتحولت الوزارة إلى خلايا نشطة تخدم النظام المخلوع حتى الآن. و بتمدد الأمن الشعبي الذي مازال يعمل في الخفاء من خلال خلايا تسيطر على كل شيء بالوزارة”. ويضيف “هذا ما يجب تفكيكه بوضع حد للأيادي التي تعمل لمصلحة النظام البائد وهي ايادي تطال كل شيء بالوزارة”.
العمل ضد الوزارة
ويشير نورالدين، إلى أن أخطر ما تقوم به كوادر الامن الشعبي هي عملية تعطيل عمل الهيئات ذات التبعية المباشرة لوزارة العمل، مثل صندوق الضمان الاجتماعي، ديوان الزكاة، التدريب المهني، تشغيل الخريجين، العون الإنساني، مفوضية الاختيار للخدمة العامة، تشغيل الخريجين، المعاشات و استثمارات الضمان الاجتماعي الذي يعتبر مخلب القط للأمن الشعبي. موضحاً أن هذا الصندوق ما زال يُدار من خارج الوزارة، قائلاً “نشاط خلايا النظام المباد هي من تحدد أوجه العمل وتوجيه بنود الصرف”. “أما الآن دورها هو فقط تبطئ عمل هذه الهيئات وتارة تعطيلة مما يصيب كل من يرتبط بها بالإحباط”.
” النظام البائد يعلم ان وزارة العمل هي مؤسسة مهمة لإصلاح الخدمة المدنية.. لذلك مازال يسيطر عليها وحكومة الثورة تغط في نوم عميق”، تقول الموظفة بالوزارة اسماء يونس لـ(عاين)، وتضيف، “مازالت اموال الوزارة تذهب عبر بنك البلد المعروف بالتبعية للنظام السابق على الرغم من امتلاك الوزارة اتنين من المصارف “بنك الأسرة” و”بنك الادخار”، لكن حتى الآن تذهب كافة أموال الوزارة بما فيها مرتبات الموظفين الذين يتم توجيههم بخطابات الى بنك فيصل الإسلامي وبنك البلد الذي يسيطر على استثمار صندوق الضمان الاجتماعي”. وتضيف يونس “حجم الاختراق بالوزارة كبير.. ويجب تنظيف الوزارة وكنسها والا لن ينصلح الحال “.