“سلام جوبا” على محك دمج الجيوش
24 يونيو 2021م
على أكثر من صعيد، تواجه عملية تنفيذ برتوكول الترتيبات الأمنية الموقع ضمن اتفاقية سلام السودان “جوبا” بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، صعوبات في التنفيذ تقر بها قيادات الحكومة والحركات المسلحة التي كانت تقاتل حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان.
ووضعت إتفاقية جوبا في الفقرات الخاصة بمسألة الترتيبة الأمنية إطارا عاما لهيكلة القوات العسكرية خلال مصفوفات توضح تدرج الدمج والتسريح بمُدد زمنية تصاعدية تكون الفترة الأولى 12 شهراً والثانية 13 شهراً والثالثة 14 شهراً،
التحدي الاصعب
ويبرز التحدي الاقتصادي كواحد من اهم العناصر لتنفيذ الاتفاق الأمني في البلد الذي يشهد اقتصاده تدهورا مريعا. ويستبعد أستاذ العلوم السياسية، حمدي عبدالرحمن، التزام المانحين والضامنين لاتفاق سلام جوبا بتنفذ مطلوباتهم المالية تجاه الاتفاق، وفي وقت، يعاني الاقتصاد السوداني ويحتاج إلى استثمارات محلية، وأجنبية واسعة النطاق، فضلا عن القدرة على الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية.
ويسأل حمدى، في شأن الجانب المالي المطروح بخصوص صفقة سلام جوبا، ومن الذي سيتكفل بالاستحقاقات المالية اللازمة سنويا لتنفيذه؟، ويضيف ” لقد تم استنزاف خزائن الحكومة بسبب الاقتصاد المتدهور، وعدم كفاية المساعدات من قبل المانحين الدوليين”. ويتابع حمدي في مقابلة مع (عاين)، بأن الجزء المتعلق بالترتيبات الأمنية، لا سيما نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، يمثل الجانب الأصعب العصي على التنفيذ فى اتفاق سلام جوبا.
وينوه عبد الرحمن، إلى ان التحدى الأكبر الذى تعكسه الخبرة السودانية هو أن الجماعات المسلحة الموقِعة على اتفاق السلام تعمد إلى تضخيم عدد أفرادها، والسعى نحو تجنيد المزيد من الأفراد فى صفوفها، وذلك لتحقيق أهداف ثلاثة، أولها المطالبة بحصة أكبر من المناصب داخل الأجهزة الأمنية، وثانيا، كلما زاد عدد مقاتلي الجماعات المسلحة زادت مكاسبهم النقدية والمادية التي سوف يحصلون عليها عن طريق المشاركة فى عملية التسريح والدمج.
نوايا سيئة
مع اقراراه بالتحديات المالية والفنية التي تواجه عملية الترتيبات الأمنية يشكك عضو وفد الحركة الشعبية لمفاوضات السلام – جناح مالك عقار، سعد محمد عبدالله، في عدم رغبة البعض في أعادة هيكلة الأجهزة العسكرية. ويقول سعد لـ(عاين)، “هناك قضايا متفق عليها تصطدم الآن برغبة البعض وعدم نيتهم تشكيل جيش وطني ومهني غير مسيس لأن ذلك يتعارض مع مصالحهم”. ويرجع عبد الله ذلك، لتنامي الثورة المضادة من جهة وضعف إمكانيات السودان من جهة أخرى الأمر الذي يحتاج لقرار حاسم من قيادة الدولة.
ويأمل سعد، في أن تسرع الحكومة في تنفيذ الترتيابت الأمنية لحماية الثورة السودانية، خاصة مع تزايد المشكلات الأمنية من الشرق إلى الغرب والخرطوم وهذا يحتم على الحكومة العمل على تشكيل القوات المشتركة لإستعادة الأمن والاستقرار.
تسكين عسكري
وحول مطالب جيوش الحركات بتسكينهم في رُتب عسكرية بالجيش السوداني الموحد وفقا للترتيبات الأمنية يؤكد سعد، “هذا شيء وارد وطبيعي، فكيف يمكن دمج تلك الجيوش دون إعطاء أفرادها رُتبهم الرسمية، والقانونية داخل الأجهزة العسكرية للدولة السودانية وهم الآن جزء أساسي من القوات النظامية المعترف بها بموجب اتفاق السلام”.
ويطالب عضو فد الحركة الشعبية- عقار- بأن لا يتخوف السودانيين من ذلك، ومن جيوش الكفاح المسلح، التي يعتبرها جيوش تحررية صديقة للشعب، وكانت تدافع عن حقوق وحريات كافة السودانيين، وفعلياً يحتاج السودان لتلك القوات، ويناشد تنفيذ الترتيبات الأمنية في مكانها الصحيح.
خطوات تنظيم
على الرغم من التحديات إلا ان هناك تقدما في تنفيذ الترتيبات الأمنة”، يقول مقرر المجلس المركزي للجبهة الثورية، محمد زكريا فرج الله، ويضيف لـ(عاين)، “فور توقيع اتفاق سلام جوبا، واجهت المصفوفة الزمنية للاتفاق تحديات الالتزام بالمواقيت لكن الأسابيع الماضية شهدت تركيزا حقيقيا في الإجراءات ذات الصلة بملف الترتيبات الأمنية، واتخاذ قرار بتشكيل اللجنة العسكرية العليا المشتركة بمرسوم من رئيس مجلس السيادة، وايضا تشكيل عدد من اللجان المتخصصة بالسيطرة في القيادة والتحكم”.
وكشف فرج الله، قيام الحركات المسلحة بتسليم عدد من الكشوفات، والآن تجري اجتماعات حثيثة لتنفيذ بنود الترتيبات الأمنية. ويضيف زكريا، كل الاطراف تؤمن أن السلام الحقيقي في تنفيذ بنود الاتفاق، وينفي وجود شروط بعينها لتنفيذ بنود الترتيبات الامنية، وانما هو بروتوكول متكامل، يوضح المراحل الثلاث لعملية الترتيبات الامنية وكذلك في المصفوفة الزمنية، وفي الاتفاق تم توضيح الآجال الزمنية للقرارات الخاصة بتشكيل اللجان، والهياكل التي ستشرف على تنفيذ الاتفاق، وبالتالي ليس هناك اشتراطات من أي طرف سواء كان أطراف السلام او الاطراف في الوفد الحكومي.
تقدم فني
ويشير إلى أنه في الجوانب الفنية تم تجاوز العقبات الخاصة بتأخير تنفيذ اتفاق الترتيبات الامنية، وتشكلت اللجنة العليا من أجل تشكيل بقية اللجان، وبعدها الدخول في القضايا الفنية ذات الصلة بتنفيذ بروتوكول الترتيبات الامنية.
الكاتب والباحث في شؤون السلام، عبدالله آدم خاطر، يرى أن القيمة الرئيسية للترتيبات الأمنية، هي تصفية العداوات والخصومات بين الأطراف المتحاربة، واتباع سياسة التناغم الوطني، ثم استيعاب أطراف النزاع والعمل على إعادة تأهيلهم، ويقع على كل الاطراف العمل معا لتحقيق الاستقرار والسلام وإنهاء الحرب، وهذا ما ينتظره مواطنو مناطق الحروب، وما يتوقعونه منهم في اقرب وقت.