اتفاق “الحلو- البرهان”.. ترحيب شعبي وملاحظات سياسية

29 مارس 2021
“تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فدرالية في السودان تضمن حرية الدين و الممارسة الدينية و العبادة لكل الشعب السوداني، وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والجهوية، والدين عن الدولة، و أن لا تفرض الدولة ديناً على أي شخص ولا تتبنى ديناً رسمياً. وتكون غير منحازة فيما يخص الشئون الدينية وشئون المعتقد والضمير. كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية على أن تضمن هذه المباديء في الدستور”.
تضمن هذا النص اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، عبد العزيز الحلو، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان. ومثلت هذه الجزئية معضلة لسنوات في المفاوضات بين حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، وبدايات التفاوض بين الحكومة الانتقالية والشعبية.
ووقعت الحكومة بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، والحركة الشعبية شمال الجمعة الماضية بعاصمة جنوب السودان جوبا إعلانا للمبادئ تمهيدا للتفاوض الشامل، بحضور ومباركة رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير، وديفيد بيزلي مدير منظمة الإغاثة الدولية.

اتفاق "الحلو- البرهان".. ترحيب شعبي وملاحظات سياسية
– ردود أفعال
شعبياً، وجدت خطوة التوقيع التي تمهد لبداية المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية، ترحيباً واسعا مع مطالبات عاجلة بتوعية أوسع حول أهمية فصل الدين عن الدولة على المستوى الشعبي، تأكيد أن ذلك لا يمس الدين باي حال من الأحوال، وإنما يساعد في خلق دولة تسع الجميع.
يقول عباس على، 41 عاما مهندس كمبيوتر، إن اتفاق إعلان المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية خطوة مهمة في سبيل تحقيق السلام الشامل في البلاد. ويضيف أن النظام المباد استخدم الدين لأسباب سياسية، وادخله في الدولة دون اية مبررات حقيقية.
“الدولة طبيعي أن تكون مهتمة بشؤون المواطنين وليس من مهامها أن تخلط الدين بالسياسة، كما حدث في العهد البائد. يقول عباس لـ(عاين)، ويشير إلى أنه لا يوجد أي خوف من أن يمارس المسلمون أو غيرهم عباداتهم او طقوسهم، لافتا إلى أن من يحاولون عكس هذه الصورة هم اعوان النظام البائد.

اتفاق "الحلو- البرهان".. ترحيب شعبي وملاحظات سياسية
إلا أن المواطنة شيرين ابراهيم تقول(عاين)على الرغم من أن ميثاق أعلان المبادئ اقر بفصل الدين عن الدولة إلا أن الفقر(2 – 4) جاء متناقضاً مع مبدأ العلمانية وهى الفقرة المتعلقة بقوانين الأحوال الشخصية والتى جاء فيها – يجب أن تستند قوانين الأحوال الشخصية إلى الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الاساسية – مع الوضع في الاعتبار أن الحقوق الاساسية الواردة في الوثيقة لم تُعرف بشكل نستطيع عبرها تحديد ماهية هذه الحقوق على وجه التحديد .
اما أحمد الحاج يقول في مقابلته لـ(عاين) فيما يتعلق بتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين الحركة الشعبية والحكومة الانتقالية السودانية انه عكس جملة من الإشكالات أولها أن ملف السلام مازال في يد العسكريين وان الاختراق الذي أحدثه رئيس مجلس السيادة الانتقالى عبدالفتاح البرهان أوضح مدى ابتعاد المدنيين عن الامساك بالملفات المهمة مثل ملف السلام وهذا يدلل على أن موازين القوى لا تعطى أهمية للقضايا التى تمس الشعب السوداني كقضية العلمانية بقدر ماتعطى اعتبارات لتوازن القوى العسكرية.
وفيما يخص ملف قسمة السلطة والثروة في السودان يتوقع الحاج – أن تنظر الاتفاقيات الجديدة بشكل ذكى لموارد الدولة التي ما يزال يتم نهبها بقوة السلاح والمليشيات كالمعادن ويرى ضرورة إعادة توزيعها بشكل عادل في توفير الخدمات بحيث تساهم في رفع المعاناة عن الشعب السوداني .
رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، عبد العزيز الحلو، في تصريحات صحفية عقب الاتفاق، اعتبر خطوة التوقيع خطوة جريئة لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعدها إختراق مهم في مسار العملية التفاوضية، والتي قد تؤدي إلى تحقيق سلام دائم، ووحدة عادلة.
ونقل الموقع الرسمي للحركة عن الحلو، “نأمل أن يضع المفاوضون مصلحة الوطن واستقراره نصب أعينهم بدلا عن التنافس والتباري و التشاطر في ما لا طائل منه حتى ينقلوا البلاد إلى سلام حقيقي”. مشيرا إلى التحديات الأمنية، واهمية إدارة التنوع والتعدد الثقافي وكيفية صياغة الدستور، ووقف التدهور الاقتصادي ومشكلة البطالة.

– ملاحظات القوى السياسية
القوى السياسية المشاركة في الحكومة الانتقالية، صدرت عنها مواقف تصب مجملها في الترحيب بالاتفاقية الاطارية، ويقول الأمين السياسي لحزب الأمة القومي د.محمد الحسن المهدي لـ(عاين)، ان حزبه من حيث المبدأ يرحب بهذه الخطوة ويجتهد في استكمال عملية السلام مع الآخرين.
ولفت المهدي، إلى إعلان المبادئ الموقع بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد الحركة الشعبية شمال ،عبد العزيز الحلو، تضمن قضايا جديدة وأمن على وحدة تراب السودان ولم ترد في هذا البيان عبارات الوحدة الطوعية وتقرير المصير وهذه مسائل ايجابية.
وأضاف المهدي، “لكن لدينا ملاحظات حول قضايا الدين والدولة باعتبار انها يفترض أن تطرح في المؤتمر الدستوري او تناقش امام البرلمان المنتخب هذه أكبر ملاحظة لدينا في الإعلان بجانب ملاحظات اخرى لم نجتمع مؤسسياً داخل حزب الأمة القومي لنضع رأينا النهائي فيها “.
وزاد، “ستتم مناقشة هذا الإعلان داخل مجلس الشركاء وستبدي عضويتنا داخل المجلس ملاحظاتها حوله ولكن بشكل عام نحن نرحب بهذا الإعلان ونعتبره خطوة الى الامام”
الحزب الشيوعي السوداني، يرى الخطوة خطوة اولى في مسيرة طويلة نحو السلام العادل والشامل والديمقراطي، ويقول تصريح منسوب للناطق الرسمي باسم الحزب، فتحي الفضل، “رغم أن المبادئ العامة التي تضمنها الإعلان تبدو ايجابية لكن كما علمتنا التجارب السابقة أن العبرة هي في التنفيذ وأن السلام عملية معقدة تحتاج لجهد كبير ومشاركة أوسع ومنبراً يسع جميع القوى السياسية خاصةً أصحاب المصلحة من ممثلي النازحين وسكان المعسكرات”.
وتابع الفضل في تصريحه الذى اطلعت عليه (عاين)، “سوف يجتمع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني ليناقش ويتخذ الموقف المناسب تجاه التطورات السياسية الاخيرة بما فيها إعلان المبادئ”.

اتفاق "الحلو- البرهان".. ترحيب شعبي وملاحظات سياسية
تجمع المهنيين السودانيين
من جهته، رحب تجمع المهنيين السودانيين بإتفاق إعلان المبادئ بين الحكومة الإنتقاليةِ والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وقال انه خطوة في غاية الأهمية في طريق تحقيق السلام الشامل والعادل ووقف الحرب نهائياً وبناء دولة المواطنة أساساً للحقوق والواجبات وسيادة حكم القانون و رعاية الأديان وكريم المعتقدات وإدارة التنوع الاجتماعي والثقافي والإثني والسياسي بما يضمن حقوق الإنسان في السودان ويؤسس لمستقبل أفضل للأجيال المقبلة.

ورأى التجمع أن هذا الإتفاق على المبادئ يبني أساساً متيناً وواضحاً لمسار المفاوضات بين الحكومة الإنتقاليةِ والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال من حيث وضع النقاط على الحروف فيما يخص النقاط الخلافية التي شكلت عقبةً فيما مضى .
وزاد التجمع في بيان، “التأكيد على أن جمهورية السودان دولة مدنية اتحادية تقوم على نظام حكمٍ فيدرالي هو من صميم أهداف ثورة ديسمبر المجيدة و ما قامت عليه الوثيقة الدستورية بأن يكون نظام الحكم فيدرالياً”.
بجانب التاكيد، على قيام نظام سياسي ديمقراطي يدير شؤون السودانيين هو ما خرج فئات الشعب تطلبه وأسقطت به نظام الإنقاذ و المخلوع البشير، هذا الإتفاق هو إستمرار للتأكيد على مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة والتي نادت بالمواطنة و إحترام الأديان وكريم المعتقدات و تثبيت الحقوق السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية للسودانيين دون تمييزٍ يمس أحداً منهم.
وشدد التجمع دعمه للاتفاق و ما يتعلق به من ترتيبات الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي والمدني والترتيبات الأمنية وملفات التفاوض السياسي والإنساني وقبل ذلك المحاسبة والعدالة الانتقالية و القصاص من مرتكبي الجرائم ضد السودانيين طيلة السنوات الثلاثين الماضية وفي ظل حكم الإنقاذ.