تهديد جديد بالإغلاق .. موانئ السودان في قلب الصراع السياسي
4 ديسمبر 2021
لا يزال اقليم شرق السودان يمر بالاضطرابات الشعبية التي وصلت في وقت سابق حد إغلاق الموانئ الرئيسية للبلاد لفترة 45 يوما بين نهاية سبتمبر ومطلع نوفمبر الشهر الماضي حيث يطالب قادة تنسيقيات المكونات الاهلية للبجا بإلغاء مسار سلام وقعته الحكومة الانتقالية مع مجموعة تقول إنها تمثل الاقليم وذلك في أكتوبر 2020 في العاصمة جوبا التي استضافت محادثات السلام بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية.
ويقول المجلس الأعلى لنظارات البجا الذي يقود الإحتجاج على اتفاق السلام مطالبًا بإلغائه إن : “المجموعة التي وقعت اتفاق سلام الشرق لا يعبرون عن المكونات الإجتماعية للإقليم وهم من اثنية واحدة”. وانزلق إقليم شرق السودان الى مواجهات قبلية بعد فترة قصيرة من سقوط نظام عمر البشير بلغت نحو 16 قتال أهلي مسلح أودت بحياة العشرات بين عامي 2019 و2020 ومطلع العام الجاري.
الخناق على المدنيين
ويقول نشطاء من اقليم شرق السودان أن الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك فشلت في حل أزمة الإقليم المضطرب وترك ملف السلام إلى العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي أبرموا اتفاقا جلبت إليه الاضطرابات التي تؤدي الى إغلاق الموانئ والطرق الرئيسية.
وحدد المجلس الأعلى لنظارات البجا اليوم السبت موعدا لإغلاق الموانئ والطرق البرية الرابطة بين العاصمة وبورتسودان التي تضم الموانئ الاستراتيجية لتكرار الإغلاق السابق الذي كبد حكومة حمدوك خسائر فادحة وصلت إلى أكثر من مائة مليون دولار وتراجع إيرادات الجمارك وشح طحين القمح علاوة على أن الإغلاق ضيق الخناق على الحكومة المدنية وبرر العسكريون الانقلاب في 25 أكتوبر الماضي أن البلاد كانت “على شفير هاوية”.
وذكر عضو المجلس الاعلى لتنسيقية نظارات البجا ورئيس هيئة موانئ البحر الأحمر عبود الشربيني أن قادة الإحتجاجات في شرق السودان قرروا تعليق الإغلاق لأسبوعين حتى يتم منح مهلة للجنة الوساطة الحكومية لحل أزمة الإقليم بإلغاء مسار الشرق وهو مطلب لا تراجع عنه مهما حدث.
الإمارات وراء المسار
وأشار الشربيني إلى أن المطلب المتعلق بإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام نحن متمسكون به لأن المجموعة التي وقعت هذا الاتفاق ويزعمون تمثيل الإقليم على علاقة بدولة الإمارات التي تحاول السيطرة على الموانئ السودانية. يقول الشربيني لـ(عاين)، إن السودانيين يمرون بضائقة اقتصادية عندما يتم إغلاق الميناء والطرق، لكن لا توجد لدينا طرق أخرى نسلكها لإيقاف مسار الشرق الذي يضع الموانئ السودانية في يد الإمارات”.
وتابع: “فشلت الإمارات في السيطرة على الموانئ السودانية عبر الشركة الفلبينية ثم جاءت عبر مسار الشرق متخفية وراء من وقعوا الاتفاق ونحن نعلم ذلك جيدا”. وأضاف: الشربيني قائلا : “في إغلاق الموانئ تجد الإمارات ضالتها بإنعاش ميناء العين السخنة الذي تديره في مصر عبر توريد السلع الى السودان عن طريق مصر وعندما يحدث استقرار تحاول السيطرة على الموانئ السودانية بوضع وكلائها في قلب المعادلة السياسية وهذا مرفوض من جانبنا”.
ولعب تحالف خفي بين رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا محمد الأمين ترك والعسكريين في السودان دورا في إغلاق الموانئ في الفترة ما قبل الانقلاب العسكري وهي إجراءات كانت تهدف للإطاحة بالحكومة المدنية بحسب ما ذكر قادة قوى الحرية والتغيير “الإئتلاف السياسي المعزول”.
ويرى الناشط في قضايا شرق السودان خالد محمد نور في تصريحات لـ(عاين) أن الزعيم الأهلي محمد الامين ترك على صلة وثيقة بالعسكريين ولا يمكنه ان يغلق الموانئ في هذا الوقت وهو في ذات الوقت يشعر بالحرج مع أنصاره.
وذكر نور، ان مجموعة الأمرأر-احد مكونات البجا الاهلية- دخلت أيضا في الأزمة بالاعتراض على إغلاق الموانئ وأرسلت خطابات تحذيرية لمدير المخابرات والحاكم المكلف في الولاية ومجلس السيادة الانتقالي بالتوزازي مع تحركات القائد النقابي في هيئة الموانئ البحرية عثمان طاهر لمنع إغلاق الموانئ وابعادها عن الاستقطاب السياسي والاثني.
ويقول نور، إن هذه التطورات جعلت اغلاق الموانئ والطرق في شرق السودان صعبا متوقعا وصول العسكريين وترك والأمين داؤود أحد قادة مسار الشرق الى صيغة توافقية لإنهاء أزمة الشرق.
انقسام بين أنصار “ترك”
وتابع نور: “ترك يشعر بالحرج بين أنصار لأنه غير متحمس للإغلاق بينما يواجه ضغوطا من هذه الجماهير التي حشدها في الفترة السابقة لذلك ستكون الصيغة القادمة توافقية لرفع الحرج عنه من قبل العسكريين”.
وأردف خالد محمد نور: “لن يتكرر الإغلاق مرة أخرى مهما كانت البيانات والمحاولات لأن الداعم الأساسي للإغلاق السابق كانوا من العسكريين الذين دعموا الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك ولم يتخذوا اي الإجراءات الأمنية بحق الإغلاق”.
وجراء تلويح بعض قادة المجلس الأعلى لتنسيقية نظارات البجا الشهر الماضي بإغلاق الموانئ والطرق اعتبارا من الرابع من ديسمبر خففت شركات الملاحة من نشاطها في الموانئ السودانية المطلة على ساحل البحر الأحمر.
توقف شركات الملاحة
وذكر مسؤول من الميناء الشمالي في هيئة الموانئ البحرية في تصريحات لـ(عاين) أن شركات الملاحة أوقفت استقبال طلبات جديدة للصادرات والواردات وفضلت سحب مئات الحاويات من رصيف الموانئ لأنها خشيت تكرر الأزمة السابقة التي منعتهم من سحب الحاويات لفترة شهر ونصف.
وتابع: “اجتمعنا مع شركات الملاحة هذا الأسبوع وعبرت عن مخاوفها من الإغلاق. وقالت إن هناك عدم استقرار في عمل الميناء مرتبط بالتطورات السياسية في البلاد ويجب عليكم أن تأكدوا لنا عدم اغلاق الميناء مجددا”.
وأشار المسؤول إلى ان جميع الأرصفة تعمل حاليا بصورة مستمرة لكن في تلبية الطلبات القديمة دون فتح طلبات جديدة للصادر والوارد لذلك من الصعب استعادة شركات الملاحة دون تدخل حكومي رفيع يطرح ضمانات قوية على هذه الشركات بحل ازمة شرق السودان او على الأقل ابعاد الموانئ من التأثير السياسي والأمني.