مخدر الآيس ببورتسودان.. قاتل يضرب بقوة
7 سبتمبر 2022
“بلغ سوء استخدام مخدر الآيس لدرجة ان أحدهم يقوم بحقن نفسه بدم متعاطي آخر في حال عدم حصوله على الجرعة”. تقول الاختصاصية بمستشفى الطب النفسي في مدينة بورتسودان شرقي السودان، نسيبة معتصم، في شهادتها حول الانتشار الكبير للمخدر في المدينة الساحلية.
وتسود حالة من القلق بين سكان مدينة بورتسودان لجهة غزو مخدر الآيس على وجه التحديد مع انتشار أنواع اخرى من المخدرات التي يستخدم مروجيها الاطفال في وقت تمتنع السلطات-بحسب سكان في المدينة- عن ملاحقة التجار بحجة الخوف على منسوبيها من الاعتداء على أساس الاختلاف الأثني. الأمر الذي اضطر نشطاء للعمل على مبادرات بجهود شعبية ومحلية لمكافحة المخدرات.
أكثر أنواع المخدرات انتشارا هي الكريستال والميث مع وجود منافسة بسيطة للهروين، وأن مخدر الآيس ليست له مرحلة تعود بل يصبح المتعاطي مدمنا من اول جرعة خلافا للهروين الذي يتم عبر ثلاثة مراحل تشمل التعاطي والتعود والإدمان. وفقاً للاختصاصية النفسية نسيبة معتصم والتي تضيف في مقابلة مع (عاين)..
” في الفترة من 2019 وبعد فترة النزاعات التي شهدتها الولاية جعلت الشباب يهربون من الواقع بتعاطيهم للمخدر، ليست هناك احصائيات واضحة ومضبوطة لنسب المتعاطين ولكن بحكم تواجدي في مستشفى الطب النفسي ببورتسودان هناك كمية كبيرة من المتعاطين تدخل المستشفى”.
وأرجعت نسيبة، سهولة حصول المتعاطين على المخدر إلى أن المروج هو فرد أقرب من محيط الشباب لدرجة انه صار هناك مروج او متعاطي في كل جلسة. وأشارت إلى أن المخدر يصيب المتعاطي بالإنهاك الجسدي وألم في المفاصل ومشاكل في الدم تصل الى مرحلة مرض الكبد الوبائي ويصبح المتعاطي شخصا منعزلاً لا يقوى على أداء الأدوار الجسدية ويمكن ان يموت المتعاطي بجرعة زائدة.
غزو الأحياء
يقول الناشط الاجتماعي، عمر طارق بركة، ان المخدرات انتشرت في الفترة الأخيرة بمدينة بورتسودان، وبدأت بأحياء بعينها لأسباب محددة-لم يذكرها- ثم توسعت لتشمل العديد من الأحياء ووصلت الى العديد من الشباب الجيدين في المجتمع والآن أصبحوا مدمرين نفسيا وصحيا وغير قادرين على تقديم شيء للمجتمع.
ويعود بركة لتأكيد ان “السيولة الأمنية في المنطقة لها ارتباط مباشر بانتشار المخدرات واستشهد بحصار فرضته القوات الأمنية على حي من احياء بورتسودان وقد قاد الحصار الى انتشار المخدرات في الحي”. حسب قوله لـ(عاين).
ويشير الناشط الاجتماعي، إلى أنه في السابق كان تعاطي المخدرات مرتبط بالفئات العمرية ما بين الـ 20 سنة الى 30 سنة، حاليا هناك فئات عمرية جديدة تبدأ من عمر ال 12 سنة ما قد يعني وجود أطفال قصر في ظاهرة تعاطي المخدرات.
وأشار بركة الى غياب دور القوات الأمنية في مكافحة ظاهرة المخدرات ودخول أنواع جديدة منها الى المدينة مثل الكريستال ميث مشيرا الى ان هذا النوع من المخدرات لا يتم تصنيعه محليا وتساءل عن كيفية دخوله الى المدينة.
حرب الآيس
“الحرب الآن لم تعد بالرصاص بل هي حرب مخدرات وانهاء للقيم والشباب والثقافة.. يجب أن نحارب ذلك جميعا”. يقول الناشط الاجتماعي بمنطقة ديم عرب حي التقدم، كمال محمد علي وهو أحد المبادرين في محاربة المخدرات بالمدينة.
ويتابع كمال في مقابلة مع (عاين)، “بدأت مبادرتنا بالعمل في المناطق الأكثر تضررا لمحاربة المخدرات ولن تتوقف كل المبادرات الاجتماعية حتى يتبدد خطر المخدرات الذي يواجه مجتمعاتنا”. ويضيف “ما دفعنا للقيام بالمبادرة هو أن المخدرات دخلت على الاسر العفيفة ورأينا كيف أصابت المخدرات أسرنا وأطفالنا وأن العلاج من المخدرات غالي ومكلف”.
وأشار علي، إلى أن كثرة المروجين والمتعاطين في الآونة الأخيرة وغياب الوعي المجتمعي جعل المنظمات تنشط في هذا المجال. ويذهب كمال، إلى أن أبرز التحديات التي تواجه عملهم في محاربة المخدرات هو الموقع الجغرافي التي تشغله ولاية البحر الأحمر حيث انها تجاور دولتين من البر إضافة الى الميناء الذي وصفه بمعبر للمخدرات الدولية. مضيفا ان الأجهزة الأمنية والعدلية ليس لها إمكانية تغطية كل هذه الحدود.
تكلفة باهظة للعلاج
في حديثها عن مكونات الكريستال ميث او الآيس تقول الطبيبة الصيدلانية، تقوى وداعة الله، هو مشتق من المادة العلاجية الميثامفيتامين وفي بداية اكتشاف المادة كانت تستخدم لعلاج مرض فرط الحركة وبعدها تم اكتشاف أن لهذه المادة خواص تسبب الإدمان وتم إيقاف التعامل معها كعلاج.
وتقسّم تقوى، المخدرات الموجودة في الولاية الى عدة أنواع منها الحشيش والمورفين ومشتقاتهم وهذه تعد موجودة طبيعيا وهناك مخدرات نصف مصنعة مثل الكوكايين وهناك نوع مصنع كامل وهو مخدر الآيس او الكريستال.
وشددت على أن مخدر الآيس يستحسن أن يمنع الوقوع في الإدمان بدلا من علاجه لان العلاج مكلف ماديا ويحتاج إلى إمكانيات ليست متوفرة من حيث المرافق التي يمكن ان تستوعب عدد كبير من المدمنين أو على مستوى وعي المجتمع للتعامل معهم. ونصحت بان تنتبه الاسر الى ابناءها والى سلوكياتهم واصدقائهم لأن متعاطي الآيس تبدر منه سلوكيات وتغيير حتى في الشكل.