انقسام قيادة “البجا”.. هل يتم إغلاق شرق البلاد مجدداً؟
31 مايو 2022
بعد أن مهد المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة الطريق لتنفيذ انقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر، جدد رئيسه العزم على إغلاق شرق السودان، فيما ينخرط مناصروه في إعتصام أمام الأمانة العامة لحكومة ولاية البحر الأحمر للمطالبة بإقالة الوالي.
مرة أخرى يُهدد رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا و العموديات المستقلة سيد محمد الأمين ترك بإغلاق ميناء الشرق بشكل دائم، إذا إستمر الممثل الخاص للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، في تحركاته التي وصفها بـ الاقصائية.
وتنخرط الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم و الاتحاد الأفريقي منظمة الإيقاد في عملية سياسية تهدف إلى إستعادة الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وفي مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء، إعتبر ترك ما أسماها بـ إجراءات 25 أكتوبر التصحيحية لم تمضِ وفقاً لرغبة الشعب في التصحيح الكامل لمسار ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام عمر البشير.
ويواصل أنصار المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة إعتصاماً مفتوحا أمام مقر أمانة حكومة ولاية البحر الأحمر، للمطالبة بإقالة والي ولاية البحر الأحمر ضمن مطالب أخرى.
ويأتي الإعتصام في أعقاب إنقضاء مهلة الـ 72 ساعة الأحد الماضي التي حددها المجلس لتنفيذ عدة مطالب بينها إقالة والي ولاية البحر الأحمر، علي أدروب والتنفيذ الفوري لبنود القلد – صلح أهلي – عبر اللجان التي تم تشكيلها بداية القبض على المتسببين في الأحداث ورسم الحدود الجغرافية بين الأطراف والبدء الفوري في برنامج التنمية التي توقفت بقرار من الوالي وإلغاء قرار وزارة المالية الاتحادية الخاص بإيقاف التنمية في جميع الولايات تنفيذاً لاستحقاقات وإستقطاعات إتفاقية جوبا لسلام السودان، كما يطالب المجلس بإعلان المنبر التفاوضي تنفيذاً لمقررات مؤتمر سنكات.
فيما أكد الناشط السياسي بشرق السودان، خالد محمد أنور، وجود إنقسامات فعلية بالمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة. لافتاً إلى أن الحراك الأخير لا يعبر عن موقف الناظر محمد الأمين ترك، بل يعبر عن مجموعة أخرى داخل المجلس.
وأشار في حديث لـ(عاين) إلى أن المذكرة التي قدمها المجلس إلى اللجنة الأمنية بولاية البحر الأحمر إحتوت على عدة مطالب، موضحاً أن المجموعة المعتصمة أمام مقر أمانة حكومة البحر الأحمر مطلبها الأبرز هو إقالة الوالي.
ويرى أنور أنه وفي أعقاب إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ظلت الأوضاع في إقليم الشرق كما هي، مشيراً لعدم وجود تغيرات تذكر، وقال أن المواطنين بالإقليم يعتقدون إن الإنقلاب أطاح بمكاسب إقليم الشرق التي تحققت أبان الفترة الإنتقالية المُنقلب عليها. ولفت إلى أن عدد كبير من المواطنين يرون أن المكون العسكري أستخدم المجموعات القبلية في تضييق الخناق على الفترة الانتقالية كذريعة للإطاحة بها.
وعلى الرغم من إحتقان الأوضاع السياسية شرقي البلاد، إلا أن الحكومة المركزية بالخرطوم، والتي يقودها رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان، بدأ أنها غير مكترثة لما يحدث هناك.
وساهم إغلاق شرق السودان المدعوم من العسكريين منتصف سبتمبر العام الماضي في تضييق الخناق على الحكومة الإنتقالية، ضمن جهود المكون العسكري في تهيئة المناخ من أجل تنفيذ إنقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر الذي قاده القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.
ووقتها طالب المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، بحل الحكومة الانتقالية وإلغاء مسار الشرق الموقع ضمن إتفاقية جوبا لسلام السودان. وفي أعقاب تنفيذ إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، رفعت المجموعات ذات الطابع القبلي إغلاق الشرق، فيما ظلت اضطرابات الاقليم تراوح مكانها.
صراع الموانئ
ويحتدم صراع دولي من أجل السيطرة على الموانئ البحرية السودانية. وصار من المعروف أن المنطقة وبحسب موقعها الجغرافي تعد ساحة لمعارك النفوذ الاقليمي والدولي، الأمر الذي ساهم ضمن أسباب أخرى تتصل بغياب التنمية في تكرر الأحداث والنزاعات ذات الطابع الأثني والسياسي في المنطقة، الأمر الذي ظل يؤثر على فاعلية الموانئ البحرية في دعم الاقتصاد الوطني.
والأربعاء الماضي أدى حريق ضخم في ميناء عثمان دقنة في المنطقة المخصصة لشحن البضائع، لخسارات مالية كبيرة، حيث ظل الميناء يحترق لساعات طويلة، إلى تم إخماده بواسطة جهود فردية من قوات الدفاع المدني.
وفي الثالث من مارس الماضي، قال نائب رئيس المجلس السيادة الانقلابي، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تصريحات صحافية، عقب عودته من موسكو، إنه لا يرى ما يمنع قيام قاعدة روسية على السواحل السودانية، طالما أن الأمر لا يتعارض مع المصالح السودانية.
حميدتي رغم تأكيده بأن القاعدة الروسية لم تكن ضمن أجندة زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو، إلا أنه توجه إلى ولاية البحر الأحمر بعد أيام قليلة من عودته.
وكانت روسيا قد شرعت في عقد اتفاقيات مع الرئيس المعزول عمر البشير، بخصوص إنشاء قاعدة بحرية على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر، قيبل مدة وجيزة من سقوطه. وبعد توليها مقاليد الحكم في البلاد، عملت الحكومة الانتقالية على إيقاف الاتفاق، وأكدت أن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تتم بعد موافقة برلمان منتخب.
وقال الناشط السياسي، المهتم بشأن إقليم الشرق، جعفر خضر إن قضية شرق السودان لا يُمكن أن تحل بمعزل عن حل قضية السودان ككل، موضحاً أن إقليم الشرق له قضية تتصل بضعف التنمية كنتيجة للمظالم التاريخية التي ظل يشهدها الاقليم في ظل الحكومات المتعاقبة.
ولفت خضر في حديث مع (عاين) إلى أن الحل الكُلي لحل مشكلة السودان يبدأ بإسقاط إنقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر، والبدء في بناء الدولة المدنية الديمقراطية بمساهمة كل أقاليم السودان التي سيكون لها الحق في الإستمتاع بمواردها المحلية، لمصلحة مواطنيها وليس لمصلحة النخب العاصمية أو الاقليمية.