سقوط الفاشر .. هل تتغير الخارطة سياسيًا وعسكريًا؟

عاين- 29 أكتوبر 2025

عقب سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور في 26 أكتوبر الجاري تبدلت الخارطة العسكرية للطرفين المتحاربين في السودان بسيطرة قوات حميدتي على المنطقة الممتدة من المثلث على الحدود مع ليبيا ومصر والسودان مرورا بالمالحة حتى “أم دافوق” في جنوب دارفور على الحدود مع دولة جنوب السودان.

ومع السيطرة شبه الكاملة لقوات الدعم السريع على إقليم دارفور مع وجود دوافع لإكمال هياكل “الحكومة الموازية” تسعى هذه القوات وفق مراقبين إلى نقل القتال داخل مناطق تمركزات الجيش السوداني في إقليم كردفان.

ونقل نشطاء مدنيون من إقليم كردفان لـ(عاين)، تحريك قطع حربية وحشود عسكرية في جنوب كردفان وغرب كردفان لقوات الحركة الشعبية برئاسة عبد العزيز الحلو وقوات حميدتي لشن هجمات على الجيش السوداني في ثلاث مدن رئيسية تشمل كادوقلي والدلنج والأبيض.

يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس لـ(عاين): إن “سيطرة الدعم السريع على كامل إقليم دارفور عدا مناطق صغيرة تحت سيطرة حركة عبد الواحد نور في جبل مرة ومناطق كرنوي والطينة التي تنتشر فيها القوة المشتركة أصبحت غالبية مناطق دارفور تحت إدارة هذه القوات”.

ويقول عباس ردا على سؤال إذا كانت قوات الدعم السريع ستواصل في توسعة “هياكل السلطة” التي أعلنت عنها رسميا نهاية يوليو الماضي بتعيين رئيس الوزراء وعدد من الحقائب الوزارية: أن “الخلافات الداخلية هي التي تعطل إكمال (حكومة تأسيس) لأن المجتمعات التي قاتلت إلى جانب حميدتي تحتج على توزيع السلطة بشكل علني”.

ويشير محمد عباس، إلى أن خضوع إقليم دارفور لسيطرة الدعم السريع لا يعني قدرتها على توفير الأمن والاستقرار للمواطنين؛ لأن قادة القوات يفقدون دوما السيطرة على العناصر المسلحة. موضحا أن الدعم السريع ستشرع عبر تحالفها السياسي إلى تعيين سلطة محلية في مدينة الفاشر بشكل استباقي لإقناع المجتمع الدولي بقدرتها على إدارة حياة المواطنين.

وأضاف محمد عباس: “إذا اختارت توسيع جبهات القتال في كردفان لن تستطيع قوات الدعم السريع تسيير شؤون المواطنين في إقليم دارفور تحت إدارة حكومتها التي لا تحظى باعتراف من العالم كما إن الجيش لن يقف مكتوفا سيستخدم الطائرات المسيرة لإنهاك هذه القوات”.

وتابع: “قوات الدعم السريع غير مؤهلة للاستفادة السياسية من الهيمنة الميدانية على إقليم دارفور؛ لأنها تعاني اختلالات بنيوية كما إن استدامة ترسانتها العسكرية تعتمد على روافع إقليمية قد تتوقف عن دعمها ومساندتها سياسيا وعسكريا”.

تقسيم السودان

وفي تصريحات نشرها عبر مقطع فيديو أعلن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي” الأربعاء 29 أكتوبر الجاري إن الفاشر طوت صفحة الحرب وانتقلت إلى مرحلة السلم. مشيرا إلى أن السودان لن يتعرض إلى التقسيم، واتهم “الحركة الإسلامية” بالترويج لهذا الأمر.

قائد الدعم السريع: تحرير الفاشر تحول استراتيجي للحرب، وتحول لوحدة السودان سلما أو حربا

ورفض حميدتي، اعتبار “تحرير الفاشر بداية لتقسيم السودان، لكنه عاد وقال:”تحرير الفاشر تحول استراتيجي للحرب، وتحول لوحدة السودان سلما أو حربا”.

ويشير الباحث في القطاع الأمني والعسكري عادل أحمد السني، إلى أن سيطرة قوات الدعم السريع قد تشكل دوافع بالنسبة لها للتقدم إلى كردفان مع الوضع في الاعتبار عدم وجود تهديدات بالنسبة لهذه القوات في إقليم دارفور واستمرار خطوط الإمداد من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.

وتابع: “الوضع العسكري سيتحول بشكل كبير ليصنع مناطق تماس ملتهبة بين كردفان ودارفور وتحشيد بين الجيش والدعم السريع والأطراف المتحالفة معهما”.

ويقول عادل أحمد السني لـ(عاين): إن “انتقال الحرب إلى مناطق التماس بين دارفور وكردفان مسألة وقت فقط بالمقابل، فإن الجهود الدولية لوقف الحرب غير فعالة لإنهاء النزاع المسلح في السودان وتخضع لتقاطعات مصالح إقليمية ودولية”.

ويوضح السني، أن توسع قوات الدعم السريع للهجوم على مناطق كردفان مغامرة قد تكلفها خسائر كبيرة خاصة مع الأنباء التي تتحدث عن وجود نقص في أعداد المقاتلين في صفوف هذه القوات.

ثلاث مدن في مرمى الحرب

وكان قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان في خطاب رسمي الاثنين 27 أكتوبر الجاري بخسارة مدينة الفاشر إثر تقديرات من القيادات العسكرية بسحب القوات المسلحة.

صورة حديثة من مدينة الابيض- الصورة مراسل عاين

يقول الباحث في شؤون السلام والديمقراطية مهيد نور الدين لـ(عاين): إن “سيطرة الدعم السريع على الفاشر تفتح شهيتها لشن هجمات على مدن الأبيض وكادوقلي وهي عاصمتا شمال كردفان وجنوب كردفان”.

وتابع: “من الصعب وصول الدعم السريع إلى مدينة الأبيض، لكنها لن تسمح بحدوث الاستقرار في جميع مدن إقليم كردفان سيما مع إرسال الجيش الحشود إلى جبهات القتال”.

فصل جديد من النزاع

وفي تصريح نشره الأربعاء 29 أكتوبر الجاري قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن التعايش مع قوات الدعم السريع أصبح مستحيلا بعد ارتكاب مجزرة وحشية في مدينة الفاشر بحق المدنيين مشيرا إلى أن الحل في التصعيد العسكري.

ويقول الباحث في النزاعات المسلحة في إقليم كردفان عبد الوهاب مكي لـ(عاين) إن قوات الدعم السريع تعتمد على حشود الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في غرب كردفان وجنوب كردفان، إضافة إلى التعزيزات القادمة من نيالا لشن هجمات على الدلنج وكادوقلي والأبيض خلال الفترة القريبة القادمة.

وتابع مكي: “هناك حشود عسكرية تتحرك تتبع للجيش السوداني وحشود مضادة من الشعبية والدعم السريع في بعض مناطق غرب كردفان وجنوب كردفان وشمال كردفان”.

ويشير عبد الوهاب مكي إلى أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر كتبت فصلا جديدا من فصول النزاع المسلح في السودان وتزيد أطماع هذه القوات وحلفائها السياسيين والعسكريين للوصول إلى عمق كردفان لحماية إقليم كردفان من هجمات الجيش السوداني.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *