إستهداف طلاب جامعة بخت الرضا
تقرير: شبكة عاين 1 ديسمبر 2017
أحداث العنف الطلابي ظلت في ارتفاع متصل الوتيرة، فلم تتم أشهر قلائل حتى ويشهد الرأي العام السوداني عنف جديد. ففي الفترة ما بين يونيو إلى ديسمبر 2017. شهدت الساحة تقديم إستقالات جماعية لطلاب من بخت الرضا. وإغتيال طلاب داخل مساكنهم. ولكن ثمة سؤال يُطل برأسه وسط هذه الأحداث: لماذا الضحايا في أغلب الأحيان من إقليم دارفور؟ في الوقت الذي لايتم فيه الوصول إلى الجناة الذين ينحدرون في العادة من حركة الطلاب الاسلاميين التابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وكان آخر هذه الأحداث هو الهجوم على داخلية طلاب جامعة امدرمان الاسلامية التي راح ضحيتها على الفور الطالب جعفر عبد الباري “جيفارا” ولحق به زميله محمد على عبد الله الذي توفي متأثراً بجراحه. ولكن لم يُقدم الجناة الى العدالة حتى الآن، في الوقت الذي حُكم فيه على الطالبين؛محمد عبد الله بقاري وعاصم عمر بالإعدام في أحداث طلابية، الأمر الذي يعطى ثوابت لاستهداف الطلاب المنحدرين من إقليم دارفور ومواجهتهم بالغلظة سواء كانوا ضحية أو جناة.
شغلت الأذهان قضية طلاب بخت الرضا التي مرت عليها شهور، حيث ظلت إدارة الجامعة ساكنة، لم تغير موقفها او قرارها القاضي بفصل طلاب ينحدرون من إقليم دارفور، الأمر الذي شكل تنميط مفاهيمي بتبعية الطلاب للحركات المسلحة لدى العامة من أبناء الشعب، ظلوا ينظرون فيه إلى الضحية بأنه جلاد، ساعدهم في هذا التنميط الآلة الإعلامية المملوكة للدولة، اضافة الى الشائعات التي يتصدرها جهاز الأمن.
يتضح ذلك في أزمة الطلاب السودانيين المنحدرين من إقليم دارفور في جامعة بخت الرضا. إذ قامت إدارة الجامعة بفصلهم بانتقاء كامل مما أدى استقالات جماعية من قبل ابناء الاقليم، تبعتها الأجهزة الأمنية والإعلامية بِتصوير مفاهيمي يحث على نبذ أبناء دارفور حتى لا يخربوا الحياة. حادثة إصابة المهتمين رفضها الجميع خاصة عندما منعت السلطات الأمنية الطلاب من دخول الخرطوم. حيث تصدى رجالات الطرق الصوفية وبعض الساسة لهذا المسلك، لكنهم لم ينجوا من عمليات الاعتقال التعسفي في إرهاب معتاد من قبل السلطات.
الفصل مخالف
أسباب فصل طلاب دارفور من جامعة بخت الرضا تكمن في أن إدارة الجامعة صنفت طلاب دارفور بأنهم يثيرون العنف، وتروج لذلك مراراً وتكراراً وعن عمد، بهذه الكلمات ابتدر الطالب المفصول صلاح عبدالله حديثه لـ(عاين) متهماً إدارة الجامعة بالترويج بأن طلاب دارفور وراء كل الاحداث التي دارت في جامعة بخت الرضا مؤخراً. ويصف صلاح الطالب بكلية الاقتصاد – الذي يعكف على اكمال بحث تخرجه – أن فصله من الجامعة وهو في السنة الأخيرة يمثل فصلا عنصريا بحتا، موضحاً ان ادارة الجامعة تفوهت بألفاظ عنصرية، (يا ناس دارفور، انتو خربتو بلدكم، دايرين تخربوا البلد دي)، في إشارة منهم لولاية النيل الأبيض مقر جامعة بخت الرضا. ووصل الأمر حتى قال أحدهم (أنتم لا تستحقون الدراسة).
ويسرد صلاح لـ(عاين) جذور المشكلة قائلا: (القضية كانت حول انتخاب جسم يمثل الطلاب وإرادتهم، طالبوا بذلك، لكن المؤسف أن إدارة الجامعة رفضت الطلب، وقالت لهم: (اتحاد طلاب جامعة بخت الرضا للحركة الإسلامية و الزول الداير يمشي يشيلو منهم)، وأضاف صلاح (بعد ذلك قرر الطلاب الاعتصام الى حين الاستجابة الى مطالبهم، (ولكن فوجئنا بقوة نظامية هاجمت سكن الطلابي. وأصيب طالبان بعيار ناري، وقتلت طالبة اسمها مشتهي من كلية الآداب المستوى الثالث من ولاية النيل الأبيض). وتابع بالقول (في ذلك اليوم مات رجل شرطة داخل سكنات الطلاب، اثناء الاشتباك.
موضحاً أن بعض الطلاب قاموا بجهود مع الإدارة لإرجاعهم إلى فصول الدراسة لكنها باءت بالفشل لتعنت الإدارة، رغم إدراكها لحجم الخطأ في قرار فصلنا، ومخالف للائحة الجامعية. معللاً ذلك ب(استجابتها لارجاع الطلاب، قد يفقدها هيبتها) الأمر الذي دفع الطلاب لتقديم استقالات جماعية طلباً لحقوقهم.
وقام طلاب دارفور بالتوجه نحو الخرطوم راجٍلين بعد أن رفض أصحاب البصات السفرية نقلهم بايعاز من الأجهزة الأمنية، ورفضت ذات الأجهزة لطلاب دارفور دخول العاصمة القومية الخرطوم متعمدة منع مواطنين دخول وطنهم, الأمر الذي شكل موجة من الغضب وسط رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القوى السياسية. وسبقهم في ذلك الشيخ الياقوت المقيم جنوب الخرطم ففتح أبواب مسيده لاستقبال 1200 طالب متكفلاً بكافة تفاصيلها.
عنصرية ممنهجة
ويتهم أحد الطلاب المفصولين من جامعة بخت الرضا النظام بالعنصرية تجاه أبناء دارفور . وقال ابوبكر فضل:(هنالك إساءة عنصرية من قبل الأجهزة الأمنية، ايضاً هناك إساءة داخل قاعة الدراسة، فمثلاً أستاذ يوصف طالب بالقاتل لانه فقط من دارفور) ويضيف فضل قائلاً لـ(عاين) (في أحداث جامعة بخت الرضا هنالك طلابين من اقاليم اخرى تم انتقاؤهم بشكل مباشر ولم تطالهم قرارات الادارة، لانهم ليس من إقليم دارفور هذا يوضح العنصرية الفجة حيالنا) واستدرك قائلاً (منذ العام 2003 بدأت العنصرية واضحة والدليل على ذلك أحداث العنف المتتالية وهو ما يؤكد العنصرية ضد إنسان دارفور.
وكانت القوى السياسية قد تدافعت بكافة مشاربها، للتضامن مع الطلاب السودانيين المفصولين من جامعة بخت الرضا في هذه المحنة. ولكن السلطات الأمنية كانت لهم بالمرصاد، مستهدفة حزب المؤتمر السوداني، الذي اعتقل رئيسه السابق إبراهيم الشيخ، ومسئول إعلامه بكري يوسف. ويقول حزب المؤتمر السوداني (ما حدث في جامعة بخت الرضا لا يمكن تفسيره بمعزل عن الطبيعة العنصرية للدولة السودانية وتحيزها الفاضح ضد أبناء وبنات الهامش السوداني على امتداد أصقاعه).
وقال نائب رئيس الحزب خالد سلك ل(عاين): (ظلت الدولة السودانية، منذ الإستقلال تكرس لعمليات الإقصاء والتهميش، على قاعدة من أوهام التفوق العرقي لبعض الكيانات، والتمييز ضد كيانات أخرى، وفي هذا السياق تأتي قضية جامعة بخت الرضا تجسيد واضح لهذه الوضعية. إذ لا يعقل أن تختار إدارة الجامعة عقب أحداث طلابية شارك فيها الجميع، طلاباً ينتمون لإقليم دارفور وحدهم دون غيرهم وتعاقبهم بالفصل) وأضاف (وتختار الأجهزة الأمنية طلاباً تعود أصولهم أيضاً لإقليم دارفور، وترمي بهم في السجون متهمين بقضايا خطيرة للغاية. ما تم هو استهداف خطير، يستدعي الوقوف بصرامة ضده). وتوقع سلك بأن ينعكس هذا الحدث على مستقبل وحدة السودان.