صحافة حرة أو لا صحافة

صحفيون ينتزعون حرية الكلمة بالاعتصام والاضراب عن الطعام

– شبكة عاين – ٤ مارس ٢٠١٦ –

دخلت الصحافة السودانية كغيرها من مكونات الحياة الإجتماعية، في مواجهات مع النظام الحالي منذ وصوله إلى السلطة في يونيو 1989 ، وكانت مصادرة الصحف في أول البيان العسكري الذي أذاعه رئيس الانقلاب عمر البشير ، وتواصلت المعارك بين السلطة الحاكمة والصحافة حتى بعد اتاحة النظام للصحف والنشاط السياسي ما يسمى بهامش الحريات ما بعد (1996 ) ، وهذا الهامش كان يتسع ويضيق بحسب رغبة الحكومة ، وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي  قاوم الصحفيون السودانيون بكافة أشكالهم التقييد المضروب على الصحافة ، فأنشئت عدد من الاجسام المناشدة بحرية التعبير، اولها كانت مجموعة الصحفيين الديمقراطيين التي ضمت عدد من الصحفيين والكتاب ونظموا العديد من الندوات الجماهيرية والوقفات الإحتجاجية إبان إعتقال رئيس تحرير الصحافة آنذاك عادل الباز وعدد من الكتاب بخصوص مواد صحفية منشورة

وفي العام 2008 نفذ الصحفيون السودانيون وقفة إحتجاجية أمام البرلمان طالبوا السلطات رفع الرقابة القبلية عن الصحف ، ولكن قامت أجهزة الامن بإعتقال 60 صحفياً ، تم تحوليهم إلى الشرطة قبل أن يتدخل وزير العدل الاسبق عبد الباسط سبدرات باصدار قرار إفراج للمعتقلين.

وخلال الفترة الانتقالية لإتفاقية السلام الشامل (2005 -2011 ) ، اتسع هامش الحريات سواء للصحف أو النشاط السياسي واتسعت دائرة حرية التعبير والنشر، وتعتبر هذه الفترة حسب الصحفيين من اخصب فترات السنوات الاخيرة ، ومع ذلك فإن ذات الفترة الانتقالية شهدت إنتهاكات واسعة خاصة ضد الصحفيين ، أبرزها إغتيال رئيس تحرير صحيفة (الوفاق ) محمد طه محمد احمد في ابشع جريمة قتل تشهدها البلاد ، حيث تم فصل جسده عن رأسه، ويرجع سبب ذبح محمد طه لمواد متعلقة بالنشر بحسب تحقيقات الشرطة.

كما شهدت ذات الفترة عمليات غلق لعدد من الصحف إلى جانب الرقابة القبلية التي سرعان ما عادت فضلاً عن مصادرة لصحف بعد طباعتها ، وقد خلف ذلك خسائر مادية كبيرة على الصحف، وأغلقت بعض الصحف دورها بسبب الإفلاس والديون المتراكمة ، وصحف اخرى توقف عن الصدور بسبب قرارات من الحكومة السودانية مثل صحيفة( راي الشعب ) ،  بل أن الاجهزة الأمنية مضت أكثر من ذلك بتوقيف عدد من الصحفيين الكتاب من ممارسة المهنة ومنهم من منع من الكتابة بشكل نهائي ابرزهم اباذر الأمين ، وقد استخدم جهاز الامن القانون الجنائي بفتح بلاغات ضد الصحفيين والكتاب بمواد جنائية عقوبتها الاعدام ، واصبحت المهنة طاردة إلى درجة أن عدد كبير من الكتاب والصحفيين غادر البلاد منهم الكاتب  الحاج وراق .

وبعد إنقضاء اتفاقية السلام الشامل واستقلال جنوب السودان، تراجع وضع الحريات الصحفية  إلى الإسواء ، حيث تم تشديد الرقابة القبيلة ومنع الصحفيين من تناول قضايا الفساد ، اثر ذلك تردد عدد من الصحفيين ورؤساء التحرير على نيابة الصحافة لتوضيح ما نشر في صحفهم، .فضلاً عن ذلك، ظلت السلطات تمارس عمليات (خيار فقوس) في توزيع الاعلانات على الصحف التي تخضع لموجهات الاجهزة الامنية وبلغ الامر غايته عندما تمت مصاردة 14 جريدة في يوم واحد.

تقرير عن إغلاق ١٥ صحيفة في فبراير ٢٠١٥

وزادت الاحوال سواء بانتهاج الاعتداء على مقار الصحف والصحفيين ، مثل حادثة الاعتداء على مقر صحيفة التيار بواسطة مسلحيين اوسعوا رئيس تحريرها عثمان ميرغني ضرباً بالعصي والايدي نقل على اثرها إلى المستشفى ولم تظهر حتى الان نتائج التحقيق ومعرفة الجناة ، وفي بداية2016  أعلن الرئيس السوداني عمر البشير عن توليه الاشراف على الصحافة بنفسه بعد ما انقلب ضده حتى الصحفيين المواليين للنظام ، وأعقب ذلك مباشرة قرار الاجهزة الامنية بإغلاق صحيفة التيار، والتي كانت قد عادت إلى الصدور بقرار من المحكمة الدستورية العام الماضي بعد توقف لمدة عامين ، ولكن جهاز الامن لم يعبأ بقرار المحكمة وقرر منعها من الصدور مرة أخرى .

وقد نظم الصحفيون السودانيون وفق الدعوة التي وجهتها شبكة الصحفيين بالتضامن مع زملائهم في صحيفة (التيار) عدد من الوقفات الإحتجاجية التى وصلت الى الاضراب عن الطعام الذي إستمر لثلاثة أيام ، تم رفعه مؤقتاً بعد تدخل وساطة من مجلس الصحافة والمطبوعات ، إتحاد الصحفيين ، وعدد من رؤساء تحرير الصحف ، وقالت اللجنة إنها مفوضة من جهات رسمية للتوصل إلى إتفاق يتم بموجبه رفع الإضراب عن الطعام ومعالجة القضية بين الصحيفة والجهات المختصة ، ولم يصدر قرار من السلطات بعودة صحيفة ( التيار ) إلى الصدورحتى الأن .