في إحتفال الشعوب الأصيلة.. النوبة تراث عريق و هوية غائبة

 

12/09/2014

جمع غفير من شعب النوبة، تدافع إلى ميدان البحيرة بمحلية أمبدة في أمدرمان، السبت الماضي، للمشاركة في الاحتفال (باليوم العالمي للشعوب الاصيلة)،الذي نظمته اللجنة العليا للمهرجان الثقافي لتراث النوبة

إنطلتحت شعار “كوكو عرف”.ق الاحتفال منتصف النهار، في أجواء خريفية وممطرة،  بتلاوات من القرآن الكريم والكتاب المقدس وطقس كجور قدمته “كجوريات” فرقة (كوكا برون) حيث تم رش الماء من قرعة بواسطة غصن شجرة على الحاضرين ومباركتهم، وقدمت المنصة سرداً للمجموعات اللغوية للنوبة شمل تعريفاً باللغات المحلية والعربية والإنجليزية، وإستعراض من الفرق الشعبية بازيائها الافريقية المميزة والكشكوش والقرون واصوات الصفافير الصاخبة ورقصات الكرنق والرقصات الإستعراضية والفلكلورية للمجموعات النوبية بالأزياء التقليدية،  و شهدت  بداية الاحتفالية فقرة كاملة عن المصارع حيث تباري عدد من مصارعيين النوبة الاقوياء، قبل أن تطلق مجموعات النوبة المشاركة في الاحتفال وهي مجموعة كواليب – مجموعة تقلي – مجموعة تلودي – مجموعة لفوفا – مجموعة كادقلي – مجموعة تيمين – مجموعة كتلا – مجموعة اجانق – مجموعة داجو – مجموعة نيمايق

النوبة الأصل و التاريخ

أعتلت المنصبة ملكة جمال النوبة للعام 2014، فتاة سمراء اللون ترتدي فستان بنفسج، الآنسة نتالينا يعقوب، لتقيدم كلمة اللجنة المنظمة، التى بداتها بتقديم تحايا خاصة، بإسم شعوب جبال النوبة والشعوب الأصيلة في العالم كـ الهنود الحمر في أمريكا الجنوبية والأبورقينز في أستراليا بإسم الأجداد الذين عانوا من الحرب ولا يزالون، الشعوب الأصيلة عندها إرث وثقافة وتاريخ، تعاني من الفقر والحروبات، “شعب جبال النوبة شعب له لغة وهوية وأصالة وتاريخ” ونحن فخورين بلك، لا بد من أن نتحد ونقاوم “نحن تعبنا وعانينا كثيراً” لأننا نود العيش في سلام، لدينا حق سنأخذه والرب معنا “ماف زول بقدر علينا”.

مطالبة بحقوق النوبة الثقافية

السيِّدة حياة جون رئيسة اللجنة الإعلامية للمهرجان قالت بأنهم أصحاب مطلب إنساني وهو “الإعتراف بحق شعب النوبة الذي نصت عليه مؤسسات كثيرة ليس أقلها (اليونسكو)”، بجانب مطالب أخرى تخصهم كشعب أصيل يترتب له حقوق كفلتها الدساتير وتضمنتها، غير أنه من الصعب تجاوز الخلافات السياسية لكن وقع التراث جميل ويجد صدى داخل أي نوباوي لأنه يخاطب وجدانه، لذا فإن البعد الثقافي محل تركيز بالنسبة لهم، وقالت أنهم في السنين التي تلت 2005 كانوا خارجين من الحرب لتوهَّم لذا تم إهمال الجانب المتعلق بتضمين اللغات في مناهج الدراسة. وأضافت: “الناس فقدت المكوِّن الأساسي اللغة فقدت وحسينا إنها ماشة تندثر”، وأكدت أن هذا الأمر أحست به كل مجموعات النوبة لذا حدثت مخاطبة لأن الناس حتى الآن لم يدركوا خطورة الأمر “إندثار اللغة”ـ فهم كل (كم وعشرين) سنة يكونون خارجين لتوِّهم من حرب “ممنهجة”. وقالت حياة جون أن وضع النوبة في إتفاقية السلام الشامل 2005 ما كان واضحاً والإطار كان ضيقاً لإدراج اللغات النوبية في المناهج علماً بأنه لا يوجد تعليم رسمي في الجبال “من  أساسو!”، وأشارت إلى أن المشورة الشعبية كبرنامج تم نقله من مكان ما لجبال النوبة لم يكن مضبوطاً أو مكيَّفاً على مشاكل النوبة، فالنقل كان حرفياً ولم يناقش مشاكل جبال النوبة القديمة بتفاصيلها، وقالت: “أعتقد بأن من أوكل إليهم مناقشة قضايا النوبة وطرحها لم يكونوا جديرين بمناقشتها” وعملية إجراء المشورة الجانب السياسي كان طاغياً فيها مع أنها من المفترض أن تكون معنية بمناقشة كافة الجوانب الحياتية لإنسان المنطقة، ولذا تكالب عليها الساسة، مع أن طرح قضايا المواطن من القاعدة إلى القمة هي أساس تلك العملية لإيجاد الحلول  المباشرة.

اللغة و الثقافة

وأوضحت السيِّدة علوية الفاضل ممثلة النوبة “كَتْلا” بمنطقة “جُلُكْ” لـ() أن المهرجان إحتفاء بالشعوب الأصيلة في العالم، والنوبة في السودان إحد الشعوب الأصيلة، وقالت: “بإحتفالنا هذا نرسل عدّة رسائل ونلم شملنا ونفتح أعيننا كشعب أصيل، هنالك الكثيرين لا يعرفون أن هنالك وثائق كونية تخص حقوق الشعوب الأصيلة ولابد أن يعرف النوبة بذلك ويعوا به، ولذا نجتهد في تقديم المحاضرات ونركز على الجانب الثقافي”. وأقرت بوجود إختلافات بين النوبة ولكنهم يصبونها في ماعون التراث الذي هو محل إتفاق بينهم يجمع القبائل والتقسيمات الموجودة فيهم، وبذا تصبح لديهم قضية موحدة، وحالياً لديهم معاهد تقوم بتدريس اللغات النوبية لأبنائهم، كما تقوم الكنيسة الاسقفية بتعليم اللغات النوبية المدوَّنة ويتم تخريج الدارسين في حفل سنوي.

وقال الشاب  خميس عبد الرحمن بخيت ممثل نوبة “لفوفا” لـ() أن الـ”لفوفا” تقيم بمنطقة جنوب كردفان، حيث تم تقسيم إدارية الليري إلى محليتين الليري شرق وهي بوابة منطقة الليري ومحلية الليري غرب، وهي أرض السلطان كوبونقو الشهير بـ”كرِّيس”، وأهلها يزرعون الفول واللوبيا والسمسم، ويمارسون زراعة الجبال الفواكه مثل القشدة والمانجو، وتوجد بالمنطقة مشاريع زراعية أهمها “أم صفافير” و”كاكا التجارية” و”أَمْبُوْجَّة”، والقبيلة كلها مسلمين، بيد أنها تعاني من مشاكل قبيلة مع مجموعات الفلاتة التي تمت إستضافتهم في أراضي “لفوفا” منذ (56) سنة، بجانب أن مشكلة التصنيف السياسي فإذا لم تعلن إنحيازك للنظام يتم إعتبارك متمرد “ساكت كده”، كما تعاني المنطقة من عدم وجود مراكز صحية فقط طبيب واحد وغير مؤهل من جامعة الدلنج

الهوية الغائبة

الأكاديمي والكاتب البروفيسور جمعة كندة قال 🙁 إنَّ النوبة غير ممثلة في الهوية الرسمية للدولة أو أجهزة إعلامها إلا في المناسبات القومية وليست جزءاً من برنامجها اليومي، والإحتفال رد فعل للسلوك الإقصائي، بيد أن الإحتفال بالشعوب الأصيلة لا ينتقص من مواطنة الذين قدموا بالهجرة، هنالك أقوام سودانية تعتز بأن أصولها في الجزيرة العربية وبنو هاشم رمز أصالتهم، ونحن نقول أن أصولنا في السودان، ولذا فإن الشعوب الأصيلة والمهاجرة من ناحية المواطنة متساوية في الحقوق والواجبات بمعيار الدولة الحديثة، التي إعترف بإصالة الشعوب بإعتبار وجود معايير التراث والعرق المرتبط بأرض الإقامة بجانب عامل الإضهاد للتراث المحدد. وللحق عانينا تاريخياً من الرق والإقصاء الثقافي، فلا مناهج الدراسة أو وسائل الإعلام تتناول تراث الجبال بالقدر الواجب واللائق. وقال: “رسالتنا الأولى للمؤسسة الرسمية نحن موجودون كمكون أساسي وبدوننا “مافيش سودان” نحن “مسمار نص” تعدد وغنى الثقافات في صالح السودان، نريد إعادة تعريف الهوية السودانية واهمون من يظنون أن إنفصال الجنوب أوجد نقاءاً ثقافياً فنحن موجودون ولا بد  من تعريف جديد يعترف بالمكوِّن الموجود”، مضيفاً بأنهم يودون  إستدعاء الدول والشعوب المحبة للسلام لدعم حقنا في الهوية والتراث وذلك عبر إبراز وإثراء التراث الإنساني العالمي بفنون وثقافة النوبة في المنابر العالمية وبإسم السودان الوطن الواحد المتعدد. وأضاف بأن الحرب مستمرة حالياً لكننا شعب محب للسلام ومستعدين للتعايش مع كل الإثنيات وهذا ما يجب للسودان أن يكون عليه، كل شعوب النوبة مع إعادة صياغة السودان المستقر سياسياً وإجتماعياً  والثري ثقافياً وذلك على الضد تماماً من التفكير السياسي السائد حالياً، وحقيقة نحن السودانيين على المستوى الإجتماعي متعايشين ولكن المؤسسة السياسية والرسمية لنا معها خلاف، لا بد من فتح منابر الدولة للجميع يجب ألا يُحَرمْ السودانيون من السودانيين وأنا مارست التدريس من المرحلة الإبتدائية وحتى الجامعة ولم أحس إطلاقاً في يوم من الأيام بأن ما أُدَرِّسُهُ يعكس هوية السودان!.. وجزء من ذلك تتحمله صفوة النوبة أنفسهم الذين يعانون من إنفصام حيث يدعون تمثيل شعب النوبة ولكنهم لا يمثلون القيم والمعتقدات النوباوية.. هذا تناقض! وأنا جزء من هذه الصفوة لكنني تُبتُ عنها

التهميش مستمر

من جهته  قال رئيس اللجنة العليا لمهرجان تراث جبال النوبة الدكتور شمسون خميس ان النوبة تعرضوا لتهميش واسع داخل بلدهم وانهم عانوا من مرارات التمييز والاقصاء وتسأل قائلا:ماذا فعلوا حتي تتم معاملتهم بهذه المعاملة القاسية لكنه اجاب قائلاً:في اشارة الي شعار الاحتفالية (كوكو عرف) وقتها قابل الحضور حديثه بالتصفيق الداوي والزغاريد والروراي وردد(نريد ان يري كل مواطن سوداني رقصاته الشعبية وتراثه في اجهزتنا الرسمية وشدد شمسون الي كان يرتدي زياً افريقيا كاملاً شدد علي ضرورة السماح لهم بممارسة حقوقهم كاملة دون الانتقاص من حقوق الاخرين  وتابع(لسنا عنصريين ومن حقنا ان نحتفل بتاريخنا واصالتنا)وقال انهم دعاة سلام ومحبة واوضح انهم وجهوا الدعوة لوزير الثقافة الاتحادي لكنه غاب وتابع(الغائب عذروا معاه).

يذكر ان الجمعية العامة للامم المتحدة كانت قد أقرت التاسع من سبتمبر يوما دوليا للشعوب الاصيلة في العالم. ويصف مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة( الشعب الاصلي)بأنه هو الذي ولد وعاش وتوالد وصار جزء من مكان معين وله ثقافته وتاريخ معين يريد المحافظة علي عاداته وتقاليده وثقافته وهو الذي يعاني من الظلم لأنه لا يختلف عن الشعب الذي يسيطر علي الحكومة.فالشعوب الاصيلة التي منذ عصور طويلة تعيش بأمان وسلام ومحبة وتعاون مع غيرها لا يوجد لديهم اي تفرقة تجاه الاخرين وهو ما يأملون ان يجدوه ايضا من الآخرين لاسيما ايقاف الحرب، توصيل المساعدات الانسانية ، تحقيق العدالة،وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قد وصف الاعلان العالمي لحماية الشعوب الاصيلة بالقول هذا يوم نصر لجميع الشعوب الاصلية وغير الاصلية هذا يوم تاريخي. انه اول اتفاق من نوعه بين شعوب الامس واليوم