سودانا
عندما انفصل الجنوب العام ٢٠١١ وخسرت السودان لقب أكبر دولة أفريقية وعربية من حيث المساحة، اعتقد الكثيرون أن ذلك سيشكل حلاً للصراعات السياسية القائمة على أساس إثني بحيث يصبح السودان بلداً عربياً إسلامياً خالصاً. إلا أن الواقع أثبت قصور هذه الرؤية العنصرية التي يغيب عنها مفهوم المواطنة والهوية الجامعة. ففضلاً عن أزمة دارفور التي لم تجد حلاً إلى الآن اندلع الصراع في مناطق التماس مع الجنوب في جبال النوبة والنيل الأزرق. ولم يتمتع شرق السودان وشماله الأقصى بمقدار معقول من الاستقرار والخدمات العامة. فيما شكل الوسط اسثناءً يوضح مدى مركزية السودان واقتصار كفاءة الدولة في عاصمته وحدها فارضاً على الأقاليم تهميشاً قاسياً من التنمية والمشاركة السياسية على حد سواء. يضاف إلى ذلك معاناة المواطنين والنازحين من ظروف الحرب التي لا تبرز في الأفق أي بارقة لإنتهاءها.
قامت (عاين) بإنتاج هذا الفيديو مستعينة بالمواد التسجيلية لمراسليها في مناطق الصراع بجنوب كردفان و النيل الأزرق فقط. ليس لحصر الحالة الإنسانية للمواطن السوداني في أنحاء البلاد المختلفة ولكن لإيصال صورة عن وجود سودان آخر غير سودان برج الفاتح ومول الواحة وأهرام البجراوية. سودان يعاني فيه الناس من قصف الأنتونوف وشح الغذاء ووقوف الدبابات على أبواب المدارس. سودان يفرقه تعدده عندما لا يعترف إلا بجزء واحد منه ويبقى جزؤه الأكبر في طي النسيان.