المسيحيون السودانيون يشكون من الاضطهاد والانتهاكات ضدهم

المسيحيون السودانيون يشكون من الاضطهاد والانتهاكات ضدهم٢٢يوليو٢٠١٤

يشكو المسيحيون السودانيون من وجود مضايقات من قبل الحكومة بالاعتقالات والاستجوابات من قبل الاجهزة الامنية وازالة الكنائس ، الى جانب وجود معاناة كبيرة في ممارسة شعائرهم الدينية ازدادت عقب انفصال جنوب السودان في يوليو ( تموز ) من العام 2011 ، وربط بعضهم هذه الاجراءات بالحرب التي تدور في ولاية جنوب كردفان التي تشكل فيها اثنية النوبة اكثر من نصف السكان وبينهم مسيحيون باعداد كبيرة، وكشف رجال الدين المسيحي عن ان السلطات في الخرطوم الاسبوع الماضي هدمت عدد من الكنائس آخرها في منطقة بحري شمال الخرطوم تم بناؤها في العام 1983 .

ويعتقد المسيحيون ان واقعهم في السودان هو الاسوأ في المنطقة العربية والافريقية بعد وصول الاسلاميين الى الحكم في يونيو 1989، وقد رفع الاسلاميون شعار تطبيق الشريعة الاسلامية ومنها دخلت البلاد في دوامة من الازمات السياسية ، الاقتصادية والامنية ، اضيفت لها الفتنة الدينية والعرقية بشكل سافر ، بتحويل الحرب الاهلية والتي امتدت لاكثر من (22 ) عاماً في جنوب السودان الى حرب دينية -عرقية ، وهذا ما ادى الى هروب الكثيرين من المسيحيين الاقباط الى خارج البلاد ، وقد كشفت محاكمة مريم يحى ما يمكن ان يواجه المسيحيين في المستقبل .

ويقول الامين العام لمجلس الكنائس السوداني كوري الرملي لشبكة ( عاين ) ان التضييق على المسيحيين كان متوقعاً خاصة بعد انفصال الجنوب رغم ان الدستور فيه نصوص واضحة بحق ممارسة الشعائر الدينية للمسلمين والمسيحيين ، واضاف ( نحن نشعر بالظلم الكبير خاصة ان هناك من يردد باننا اقلية ولكننا نرد عليهم باننا اكثرية عند الله الذي ينظر الى عباده بالمساواة ) ، ويضيف ( اذا افترضنا اننا نمثل اقلية فهل هذا يعني الانتقاص من حقوقنا الدستورية ؟ ) ، ويقول ( نحن نريد ان تكون هناك مساواة بين كل السودانيين غض النظر عن المعتقد او العرق ) ، مشيراً الى ان مجلسه يشرف على (12 ) كنيسة بعد انفصال جنوب السودان ، ويضيف ان مجلس الكنائس في نيالا في ولاية جنوب دارفور قد تم اغلاقه من قبل الحكومة قبل اشهر الى جانب تهديد باغلاق عدد من الكنائس في الخرطوم ورفض منح تصاديق بناء اخريات جدد ، ويقول ان الاجراءات ضد  المسيحيين خطر كبير لانه ضد نصوص الدستور ومواثيق حقوق الانسان الدولية لا سيما التعدي على الكنائس وازالتها .

ويقول رجال الدين المسيحي ان نسبة المسيحيين بعد انفصال جنوب السودان بنسبة تصل الى (15%) من سكان السودان موزعون في انحاء مختلفة في البلاد ، وكان سكان جنوب السودان قبل الانفصال يشكلون اكثر من (40 % ) من المسيحيين في السودان الى جانب وجود مسيحيين في جبال النوبة ، النيل الازرق والاقباط في شمال ووسط البلاد ، لكن لا توجد احصائية حقيقية للمسيحيين في السودان منذ اخر احصاء سكاني في العام 2008 حيث رفض المؤتمر الوطني الحاكم ادراج سؤوال الدين في استمارة الاحصاء .

وكانت تصريحات وزير الارشاد والاوقاف الفاتح تاج السر القشة التي قصمت ظهر البعير حيث قال ( لن نسمح ببناء كنائس جديدة وليس هناك حاجة لها بعد انفصال جنوب السودان ) ، الى جانب حديث الرئيس عمر البشير نفسه في القضارف والذي قال ( هوية السودان قد حسمت واصبحت عربية -اسلامية ) ، وينظر الى هذه التصريحات بانها تخالف الواقع الديني التعددي ، وتم تسجيل عدد من الانتهاكات باغلاق المراكز الثقافية والتعليمية التابعة للكنيسة ، وحرق مجمع كنائس في منطقة الجريف شرق الخرطوم قبل عامين واخرى في مدينة نيالا في جنوب دارفور ومنع الاحتفالات الدينية للمسيحيين

وقال المنسق العام للهيئة الدكتور فاروق محمد ابراهيم ان حرق كنيسة الجريف ونيالا يمثل قمة المأساة بالبلاد ويهدد قيم التسامح الديني واحترام التنوع الثقافي والاثني، واضاف ان الخطاب السياسي الملئ بمشاعر الكراهية والتحريض الذي ظل يتكرر وأدي الي حدوث هذه الاعتداءات ، وقال (هذا خطر علي وحدة ومستقبل السودان)

ومن جانبه يعتقد المطران اندود ادم لشبكة ( عاين ) ان الهجمة على الكنسية بدأت منذ العام 2011 عقب إنفصال جنوب السودان بخطاب البشير الشهير في مدينة القضارف  بأن السودان اصبح اسلامي عروبي منذ ذلك الحين، لكن اقصاء المسيحية كان الهدف الأساسي من ذاك الخطاب لا سيما ان البشير قال ( إن المسيحين انفصلوا مع جنوب السودان) ، ويقول رغم أن عدد المسيحيين يقدر بحوالي 20% من جملة سكان السودان بعد انفصال الجنوب  لكنه يشير الى عدم وجود إحصائيات دقيقة ، ويضيف ( يتركز المسيحيون في العاصمة القومية  الخرطوم، تليها ولاية جنوب جنوب كردفان ،ثم النيل الازرق -الولاية الشمالية ،ودارفور وهنالك اخرون موزعون في بقية الولايات كالبحر الاحمر وشمال كردفان وغيرها من المدن والقرى )  

ويقول اندود ان المتطرفين الاسلاميين بعد خطاب البشير قاموا بحرق كنيسة في كادوقلي ، ثم المدرسة التابعة للكنيسة في منطقة الجريف غرب في الخرطوم وان السلطات شاركت هؤلاء المتطرفين في ازالة الكنيسة اللاهوتية في الحاج يوسف  واغلاق مدارس كمبوني ، ويضيف ان الحكومة رفضت منح التأشيرات لعدد من المبشرين قادمين من بريطانيا وكانوا يعدون العدة للحضور الى الكنيسة السودانية كبعثات ارسالية ، ويقول (ولكن رغم ذلك ستكون الكنيسة موجوده وسيتمسك المسيحيين بعقيدتهم مهما إشتدت المعاناة ) ، ويقول ( الحكومة تدعم المساجد وتشيدها وتصرف رواتب شهرية لأئمتها، كان الأجدر بها أن تمنحنا اراضي لتشييد الكنائس وتكفل لنا حرية ممارسة الشعائرة الدينية والتعبد )  ، داعياً المسيحيين الذين يشاركون في السلطة الحاكمة امثال دانيال كودي ، المطران حماد يونسان وفلوثاوث فرج ودكتورة تابيتا بطرس توضيح موقفهم بما يحدث من انتهكات ضد المسيحيين ، مشيراً الى وجود مسلمون معتدلون ومنهم من يتعرض للاقصاء بسبب العرق في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور ،

اما الخبير القانوني نبيل أديب المحامي فإنه يرى  أن الأقباط لديهم قناعة بأنهم يعاملون على أنهم أهل ذمة وتعودوا على هذا النهج، فهم يقبلون بالأحكام التي يقال لهم أنها ” إسلامية ” وأنه دين  الأغلبية لكن االباقيين يرفضون هذا السلوك.

ويضيف أديب بقوله ( أن قضية مريم يحى مثلاً كانت لها تأثيرها الواضح على المسيحين في المناطق الأخرى مثل النوبة وغيرهم ، وهؤلاء تحدثوا بوضوح عن حقهم حرية الفكر والعقيدة )، ويقول أن مثل هذه القضية فيها إعتداء على الحريات الدينية وحرية الفرد في إختيار العقيدة ، ولديهم حجة بأن الذين يتحولون من الأسلام للمسيحية يتم إستقبالهم بالإحتفالات والأفراح، ومن يتحولون من الإسلام للمسيحية يحكم عليهم بالإعدام ، وهؤلاء لديهم شعور بالظلم بأنه لاتوجد مساواة بينهم والمسلمين وعبروا عن إستيائهم من هذا النهج.

واوضح اديب أن مسألة الإدعاء بأن هذه الشريعة أصبحت غير مقبولة ليس لدى المسيحين فحسب بل  لدى المسلمين، فالمسلمين غير راضيين عنها ويطالبون بعدم تطبيقها ويرون أنها لاتتوافق مع العصر.

من جانبه يقول أحد الأقباط الذي رفض الكشف عن هويته بحجة  أن إثارة الموضوعات المتعلقة بالدين في السودان أمر في غاية الحساسية ويصعب الحديث عنها ، ويضيف ان البعض يرى أن الأقباط  موقفهم سلبي تجاه مثل هذه القضايا، ولايمكنهم تسجيل موقف لأنهم اصبحوا يخضعون بهذا الوضع وهذا لايعني أنهم راضين عنه تمام الرضا، ويشير الى ان الاقباط تضرروا بالفعل من هذا النظام  وكانوا من أوائل المهاجرين من السودان بسبب التطرف الديني  الذي ظهر في بدايات عهد الإنقاذ.