الجنينة تلاحقها رصاص مليشيا الجنجويد
– شبكة عاين – ١٥ يناير ٢٠١٥ –
منعت الاجهزة الامنية في ولاية غرب دارفور البعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد) من الدخول إلى منطقة مولي لإجراء تحقيق حول الاحداث التي جرت خلال يومي الاحد والاثنين الماضيين، وبرر جهاز الامن رفضه دخول البعثة الاممية إلى المنطقة بسبب ما أسماه بتفاقم الوضع الأمني، وكانت البعثة تريد أن تقف على الاوضاع الانسانية التي تأزمت خلال الأيام الماضية.
أسباب الهجوم على منطقة مولي
وكانت أحداث عنف قد وقعت في منطقة (مولي) التي تبعد (15) كلم من مدينة الجنينة عندما فقد مواطن يبلغ من العمر (20) تعود اصوله من القبائل العربية مقتولاً قرب المنطقة ويعمل راعياً، حيث تتبع احد اقاربه آثار اقدامه التي اوصلته الى قرية (مولي) ولكن فقد الاثر بعدها، وقام والده بفتح بلاغ لدى الشرطة، متهماً زملاءه بأنهم وراء اختفاء ابنه، وفي الثامن من يناير الجاري عثرت مواطنة وهي في طريقها الى الحقل على جثة ملقى على قارعة الطريق، ثم عادت الى والدها واخبرته والذي توجه الى شرطة (مولي) للابلاغ عن وجود جثه، وابلغت رئاسة شرطة الجنينة بالواقعة، وخلال وجود الشرطة في المنطقة، قامت مليشيا عربية بالهجوم على القرية واختطفت (7) من المواطنين، كما قامت بتهديد ونهب المواطنين في وجود الشرطة التي لم تتخذ إي اجراءات او رد فعل فيما يحدث أمامها، وفي ذات اليوم تم ارسال قوة من الجيش السوداني الى (مولي).
ويقول شاهد عيان تحدث لـ (عاين) أن مليشيا من القبائل العربية التي يتزعمها ابو شنبات تابعة لجهاز الامن والمخابرات قامت بالهجوم مرة أخرى على سكان (مولي) التي تنتمي غالبيتها الى قبيلة (المساليت) الافريقية قبل ان تطالبهم بدفع مبالغ مالية بعد أن تم تهديدهم بحرق القرية، وعندما رفض أهل المنطقة الخضوع إلى تلك المطالب، قامت المليشيا التي جاءت بالدراجات النارية والجمال بالهجوم على المنطقة والاعتداء على سكانها بالضرب ونهب ممتلكاتهم، ولم يكن امام المواطنين سوى الفرار إلى الجنينة عاصمة الولاية والاعتصام بأمانة الولاية إحتجاجاً على التدهور الامني وإعتداء المليشيات على المدنيين، غير أن سلطات الولاية واجهت المواطنين بالرصاص مما أدى إلى مقتل (12) مواطناً، وجرح العشرات على مدى أيام الاحداث، حيث قتل في اليوم الاول من الاحداث (9) اشخاص، وعندما اراد السكان تشييع جثماينهم أطلقت الاجهزة الامنية والمليشيا التابعة لها الرصاص على موكب التشييع وأدى ذلك الى مقتل (3) اشخاص واصيب أخرون بينهم عمدة (مولي) النور عبد العزيز عبد القادر الذي تم نقله الى مستشفى المدينة.
وكانت بعثة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور (يوناميد) قد اعربت في بيان صحفي عن قلقها ازاء استمرار التوتر في الجنينة وقرية مولي، فيما قرر والي غرب دارفور خليل عبدالله تشكيل لجنة للتحقيق في الاحداث أوكل رئاستها إلى رئيس المجلس التشريعي وعضوية ممثلين للاجهزة النظامية في الولاية، كما اصدر وزير العدل عوض الحسن النور لجنة لتقصي الحقائق حول احداث الجنينة برئاسة مستشار عام الوزارة.
تأخير مرتبات المليشيات الحكومة تحدث الفوضى
ويعتقد الناشط عبدالسلام نورين في حديثه لـ(عاين) أن أسباب أحداث قرية مولي تعود إلى ان الحكومة لم تدفع مرتبيات للميشيات التابعة لها تقوم الأخيرة باعمال العنف ونهب ممتلكات المواطنين والاغارة على الاسواق، ويقول (اذا نشب نزاع داخلي بين المجموعات العربية وقاد الي مقتل فرد منهم تقوم المليشيات التي تنتمي إلى هذه القبائل العربية بنقل جثة قتيلها قرب قري (اندونكا) وهي دار (المساليت)، ويضيف (بعدها يتم توجيه الاتهام إلى اولئك المواطنين والمطالبة بدفع ملايين الجنيهات كدية او القيام بهجوم انتقامي)، ويشير إلى أن احداث مماثلة وقعت في العام 2004 في وحدة (أزرني) الإدراية التابعة إلى محلية (كرنيك) شرق مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، حيث اتهم سكان المنطقة بقتل أحد المواطنين ينتمي إلى احدى القبائل العربية التي طالبت بدفع الدية او مواجهة الانتقام من قبل المليشيا التابعة لها.
وأكد نورين أن المليشيات العربية اختطفت (7) أشخاص من قرية مولي واخذوا إلى مكان مجهول، ويقول أن مليشيا الجنجويد قتلت في (وادي كجا) ثلاثة اشخاص، وفي داخل أمانة حكومة الولاية قتلت شخصان أعمارهما بين (17 إلى 18) عاماً، مستبعداً وجود جهات خارجية وراء الاحداث كما ذكرت حكومة الولاية، معتبراً ان الاحتجاجات بدأت يوم الجمعة الماضية عندما شعر المواطنون انفراط الأمن في المنطقة، حيث يواجه السكان يومياً عمليات الاغتصاب والاعتداء على المدنيين، ويقول (على الرغم من المواطنين نزحوا الى مقر أمانة الحكومة طلباً للحماية إلا ان قوات الامن ومليشيا الجنجويد استهدفتهم بالرصاص)، وذكر أن الجيش تدخل لحماية المواطنين ودخل في اشتباكات مع مليشيا الجنجويد التي احتمت بمباني جهاز الامن والمخابرات، وكشف عن مقتل ضابط من القوات المسلحة في تلك الاشتباكات.
قتل مواطنين أثناء تشييع جاثمين
وفي يوم الاثنين الحادي عشر من يناير قتل ثلاثة اشخاص وجرح آخرين خلال تشييع جثامين أحداث يوم الاحد، حيث اطلقت قوات الشرطة وجهاز الامن الرصاص على المشيعيين الذين كانوا (يهللون ويكبرون) في المقابر لدفن قتلاهم، وحصلت (عاين) على بعض من أسماء القتلى والجرحى خلال يومي الاحداث، والقتلي هم: مبارك محمد يعقوب، سليمان يوسف ارباب، أبكر حسن محمد، رمضان عبدالكريم، صلاح هارون جمعة، عبدالعزيز محمد احمد، ومحمد ابراهيم اسحق. والجرجي هم: ارباب فضل سليمان، فاطمة محمد حسن، رمضان الامين، عبدالرازق اسحق جمعة، اسماعيل جمعة عبدالرحمن، جمال محمد اسحق، ادم ابكر ادم، عبدالرازق يوسف، الرشيد احمد عبدالله، محي الدين يسن ابراهيم. وكان يفترض أن يتم نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات الخرطوم، غير أن السلطات رفضت نقلهم بحجة أن هناك وفداً حكومياً قادماً من الخرطوم لمقابلتهم.
ويرى حبيب محمد ادم القيادي في حركة وجيش تحرير السودان بزعامة عبدالواحد محمد نور أن الاحداث في ولاية غرب دارفور تشير الى تطور خطير، وأن هذه الاوضاع ستنعكس على كل ولايات دارفور الاخرى، ويقول (هذه الاحداث تشير إلى كذب ادعاءات الحكومة بأن الاوضاع مستقرة في دارفور)، ويضيف لـ(عاين) إن الحكومة ما زالت مستمرة في تسليح القبائل علي اساس إثني وعرقي، وأن ما حدث في منطقة مولي هو استهداف لقبيلة المساليت، ويعتقد ان تصنيف المليشيات مرتبط في الاساس بتدريب عرقيات معروفة لتقوم بالهجوم والاغارة علي مجموعة غير (عربية)، ويقول (هذا يؤكد فشل الدولة السودانية، وما حدث في مدينة الجنينة يوم الاحد الماضي دليل علي الفوضي الشاملة وغياب مؤسسة امنية حقيقية).
فشل الحكومة في توفير الامن في دارفور
في ذات السياق يرى المحامي القانوني عيسى كمبل أن الحكومية الولائية والقومية فشلتا في توفير الامن في المنطقة، ويقول لـ(عاين) أن هذا النظام فاشل بحسب معايير الامم المتحدة عندما لا تحافظ علي حياة مواطنيها وتحميهم، ويضيف أن من قتلوا في الايام الماضية لم يتم قتلهم في حرب بين طرفين وانما نتيجة انفراط عقد الامن بسبب إنتشار المليشيات التابعة للنظام، ويقول (الحكومة تتحمل المسؤولية لانها خلقت هذه المليشيات وقامت بتسليح قبائل بعينها)، ويرى أن لجنة التحقيق التي شكلها وزير العدل لن تفعل اي شئ لان هناك تجارب كثيرة حدثت في الماضي بتشكيل لجان تحقيق ولا تظهر نتائج، وتنبأ بفشل لجان التحقيق المكلفة التي دائما لأن الحكومة طرفا في الازمة ولا يمكن ان تصبح الخصم والحكم، وأشار الى منع الحكومة من ذهاب بعثة اليوناميد الي منطقة الحدث في منطقة مولي نابع من حساسية النظام المفرطة تجاه عمل اليوناميد خاصة إن الخرطوم تعمل على خروج البعثة من السودان.
ويقول احد شهود العيان لـ(عاين) من مكان التشييع أن الحشود اجتمعت امام معسكر (ابا ذر) للنازحين وهتفوا (الموت الموت والدم لجهاز الامن)، ثم تحركوا بعدها الي المقابر لدفن الجثامين، وبعدها مباشرة اطلقت المليشيات الحكومية علي المشيعيين الرصاص، ويضيف أن هذه المليشيات لم تراعي لحرمة الموتى، وفي مساء الاثنين قام اثنان من الملشيات باعتراض شخصين اثناء قيادتهما دراجة نارية في حي (ام دورين) احدى ضواحي مدينة الجنينة، حيث اطلقا النار عليهما وسرقا الدراجة، وتم نقل المصابان إلى مستشفى المدينة.