أسباب غامضة وراء تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية بدارفور
20 يناير 2022
بينما تتصاعد مخاوف سكان مدن وارياف دارفور من الانتشار العسكري المربك لجنود الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والقادمون الجدد من جنود الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، مضت أكثر من (13) شهرا على تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق سلام جوبا الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة في 3 أكتوبر 2020.
يثير تأخير تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاق جوبا القلق بين سكان إقليم دارفور وقادة الحركات المسلحة لجهة التوترات الأمنية في الإقليم و المخاوف المتصاعدة من انفجار الاوضاع حال لم يتم دمج جيوش الحركات المسلحة في الجيش القومي.
وفي السادس من يناير الجاري، أعلن الجيش السوداني بدء تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لمسار دارفور الوارد في اتفاق السلام، وتطبيق المرحلة الأولى من تشكيل قوة المهام الخاصة بالإقليم المقرر تشكيلها من 3.300 جندي لتعمل على حفظ الأمن في إقليم دارفور، وهي تُشكل من الجيش والدعم السريع ومقاتلي تنظيمات الجبهة الثورية.
ماهي أسباب التأخير؟
وعلى الرغم من اعلان الجيش بداية تنفيذ الترتيبات الأمنية لمسار دارفور، يحذر رئيس حركة جيش تحرير السودان- المجلس الانتقالي- وعضو مجلس السيادة السوداني- الهادي إدريس من مغبة تأخير التنفيذ. ويضيف ادريس لـ(عاين)، “الاحداث الاخيرة التي وقعت في ولايتي غرب دارفور وشمال دارفور، لها آثار خطيرة على الأمن في الارض”.
“الفشل في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية ادى الى انهيار العديد من اتفاقيات التاريخية” يقول مستشار رئيس حركة العدل والمساواة، رئيس لجنة الترتيبات الأمنية سليمان صندل. ويضيف صندل في مقابلة مع (عاين)، “نحن كطرف في السلطة الانتقالية، ليس لدينا سلطة اتخاذ القرار والإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية التي نعتقد انها الاساس ومن دونها يصعب الانتقال إلى التحول الديمقراطي”.
ويلفت صندل، إلى أن الترتيبات الأمنية هي عبارة عن إجراءات عسكرية، و سياسية وتنفيذية تتخذ في سبيل دمج الجيوش التي حاربت فيما بينها، وفقا للاتفاق الموقع بين الأطراف. واوضح صندل انهم من خلال تنفيذ بند الترتيبات يسعون الى ترتيب الامن الداخلي، والهدف منها إقرار السلام الشامل، وكذلك تكون هناك بيئة صالحة ملائمة كي يطبق باقي اتفاق سلام جوبا.
تقاطع مصالح
ودون أن يخوض قادة الحركات المسلحة في أسباب عدم بدء التنفيذ الفعلي للترتيبات الأمنية، يقول مستشار قانوني سابق في البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور والمنسحبة لاحقا، لـ(عاين)، “ان تأخر تنفيذ الترتيبات الامنية سببه ان اتفاق سلام جوبا ليس اتفاق مشروع حقيقي، بل هي تسوية اراد بها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو أن يجد حلفاء له من حركات الكفاح المسلح تقف بجانبه، في حال وجود ترتيبات امنية حقيقية وجيش قومي موحد”.
ويضيف المستشار القانوني السابق اليوناميد والذي فضل حجب هويته، “في الحقيقة، (حميدتي) لا يرغب في جيش قومي موحد وله امتيازات منذ فترة الرئيس المخلوع عمر البشير، وفي حال إدماج القوات في الجيش القومي، سوف يفقد تلك الامتيازات، وحتى لا يكون (حميدتي) جزء من ذلك، يعمل على تأخير تنفيذ الترتيبات الامنية”.
وما يضعف نجاح الترتيبات الامنية-بحسب المستشار القانوني- العدد غير المعروف لقوات الحركات المسلحة، وهذا يشكل حجر عثرة في نجاح العملية، إضافة إلى أنه ليست هناك مقدرة مالية ولوجستية لحكومة الفترة الانتقالية لتحقيق ذلك، ومخاوف واضحة من الجيش السوداني في حال إدماج الأعداد الكبيرة من الحركات ما قد يؤدي إلى إلغاء الامتيازات التاريخية لهذه المؤسسة، لأن القرار السياسي السوداني مرتبط تاريخياً بالمؤسسة العسكرية السودانية.
ولفت المستشار القانوني السابق لـ يوناميد، إلى أن المؤسسة تعمل على اضعاف الاتفاقية، كما حدث في ابوجا والدوحة ونيفاشا، كي تقود الى اضعاف الخصم في الوقت نفسه.
فقدان ثقة
فقدت قيادات الحركات المسلحة المصداقية، بسبب مشاركتها العسكريين انقلاب 25 أكتوبر الماضي- بحسب المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر الذي يرى في مقابلة مع (عاين)، ان اللجنة الشعبية مثلا في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، يمكن أن تلعب دور فعال في نزع السلاح، ومواجهة التفلتات الامنية في ذات الوقت، أوضح هناك أصوات تردد بعض الاسئلة، هل كانت للحركات المسلحة دوافع ومطامع شخصية في الذي جرى؟، ان الارادة الشعبية يمكن أن تساهم في انجاح الترتيبات الامنية، لان انسان دارفور أصبح يبحث عن السلام والاستقرار، أكثر من أي وقت مضى.
فيما يعتقد المستشار السابق في بعثة اليوناميد، ان قواعد نجاح الترتيبات الأمنية يتطلب انجاح عملية النزع والتسريح وإعادة الدمج، وهي مهمة تقوم به الأمم المتحدة مع الحكومة السودانية، إذا تمت هذه المهمة بصورة كلية وناجحة في نجاح وتحقيق أهداف الترتيبات الامنية، واشار الى خطورة وجود الأعداد الكبيرة للحركات المسلحة، وعدم انتظام الحكومة، قد يؤدي الى خروج حركات اخرى ضد اتفاق سلام جوبا، تنضم الى حركة عبد الواحد محمد نور التي ترفض الاتفاق.
يستبعد الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، آدم رجال يستبعد ادم وجود خطوات تساهم في انجاح هذه الترتيبات، ويضيف أن السلام الذي تم في جوبا عبارة عن سلام محاصصات، ويختلف مع قيادات الحركات الكفاح المسلح الذين يعتقدون أنهم جاءوا من اجل تحقيق الاستقرار وعودة النازحين واللاجئين الى قراهم الاصلية، واوضح رجال في مقابلة مع (عاين) بأن النازحين لا يعينهم، اذا قاموا بالترتيبات أم لم يقوموا بها.