أزمة الأجور تضاعف معاناة الحرب في السودان
عاين- 18 أغسطس 2023
تستغل “فاطمة” زحام سوق رئيسي في مدينة ود مدني لبيع “المعجنات” بعد توقف أجرها الذي كانت تتلقاه نظير عملها في وحدة حكومية، فيما يدفع زوجها 400 ألف جنيه قيمة استئجار المنزل من مدخرات أوشكت على النفاد.
ومنذ اندلاع حرب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع 15 أبريل الماضي، لم يتلق الملايين من موظفي القطاع العام أجورهم وسط عجز حكومي تام تجاه معالجة الأمر. ولجأت فاطمة مع عائلتها إلى ولاية مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط البلاد مع نحو 1.5 مليون شخص بعد اندلاع حرب العاصمة ويواجه العديد منهم معاناة إقتصادية ويقيم بعضهم في مراكز إيواء مشتركة بعد تحويل مدارس ومقار حكومية في المدينة إلى مراكز إيواء.
وتقول فاطمة لـ(عاين)، إنها تعمل في بيع “المعجنات” والحلويات في سوق بمدينة ود مدني قريب من مقر سكنها ولم يكن أمامها سوى اللجوء إلى هذا الخيار لدفع تكلفة المعيشة المرتفعة. وأفاد مصدر حكومي من وزارة المالية (عاين)، بإن وزارة المالية بعد أن وعدت بصرف أجور شهر مارس فشلت في ذلك لأنها كانت تريد الإعتماد على زيادة أسعار الوقود وتحويل الزيادات من وزارة الطاقة إلى المالية لسداد الأجور.
وأشار المصدر الحكومي، إلى إن وزارة المالية لديها مساع لتوفير التمويل اللازم للأجور في القطاع العام لكن ربما فشلت في ذلك حتى الآن ولن تستطيع الإستجابة لأن الطاقم الاقتصادي المعني بحل الأزمة لا يملك رؤية مناسبة لحل قضية الرواتب.
ويقول الخبير الإقتصادي محمد إبراهيم لـ(عاين)، إن الوضع الإنساني كان سيكون مختلفا الى حد لو تمكنت الحكومة السودانية من سداد رواتب القطاع العام، لأن مدينة مثل ود مدني قد تأوي عشرات الآلاف من العاملين في مؤسسات الدولة.
ويرى إبراهيم، أن الحكومة السودانية هربت من مسؤولياتها تماما بعد اندلاع القتال وأضحت أكثر انشغالا بالدعاية الحربية وتمويلها وتركت ملايين السودانيين يواجهون ظروفا حرجة للغاية وكأنها غير مسؤولة عنهم.
وأردف:”في ظل عجز الحكومة السودانية في سداد الأجور يخصص المسؤولين التنفيذيين من الولاة إلى موظفي المحليات مثل المدراء التنفيذيين ملايين الدولارات المفروضة على التجار كرسوم خدمات للحصول على المكافآت المالية دون اكتراث لمعاناة المواطنين”.
وتأتي أزمة صرف الأجور في ظل عدم تدفق المساعدات الإنسانية المباشرة، وتقول “فاطمة” أنها، “لم تحصل على مساعدات مباشرة منذ وصولها الى مدينة ود مدني بعد أن نزحت من العاصمة السودانية منذ ثلاثة أشهر”.
وتضاعف عوامل عديدة معاناة النازحين بمدينة ود مدني المكتظة- بحسب العامل في المجال الإنساني على عبد الرحمن- الذي يقول في مقابلة مع (عاين)، إن ضعف التدخل الحكومي لضعف الموارد المالية ابرز العوامل، إلى جانب عدم كفاءة الأجهزة الحكومية مثل مفوضية العون الإنساني علاوة على نقص التمويل من المجتمع الدولي.
ويعتقد عبد الرحمن، أنه لا حل للمشكلة الاقتصادية للنازحين في مدينة ود مدني دون توقف الحرب تماما وعودة النازحين إلى منازلهم ومقر إقامتهم في العاصمة الخرطوم. وقال إن “الولايات تعاني من ضعف البنية التحتية والغالبية يعتمدون على تحويل مالية من خارج البلاد”.