السودان: لماذا يتجاهل قادة الانقلاب تلويح واشنطون بالعقوبات؟
29 مارس 2022
يُشهر الكونغرس الأمريكي”سيف العقوبات” على العسكريين السودانيين حال عدم العودة إلى المسار الدستوري وإعادة الحكم المدني. أدانت لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس رسميا في جلستها الأسبوع الماضي ما أسمته بـ”الانقلاب العسكري في السودان”.
ودعا نواب ديمقراطيون وجمهوريون في الكونغرس الأمريكي إلى إيقاع أقسى العقوبات على العسكريين في السودان وشددوا على وضعهما تحت لائحة عقوبات تلاحق حتى الدول التي تتعاون معهم.
وكانت الادارة الأميركية سمت ما حدث في السودان بعد 25 أكتوبر الماضي بـ”إستيلاء الجيش على السلطة” وبررت ذلك بأن الحكومة الانتقالية لم تكن منتخبة لكن الكونغرس يرى عكس ذلك فهو يعتقد أن الحكومة المدنية كانت في طريق محفوف بالمخاطر نحو التحول الديمقراطي وما حدث أن البرهان وحميدتي لم يتمالكا أنفسهما وأطاحا بالحكومة الانتقالية.
بايدن على النقيض
وتتمثل المطالب التي جرى تداولها داخل لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي رفع حالة الطوارئ والعودة إلى المسار الدستوري والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين متوعدة بعقوبات قد تطال العسكريين والمدنيين الذين نفذوا الانقلاب العسكري.
ويرى المحلل الدبلوماسي عمرو ابراهيم، أن الكونغرس الأمريكي على النقيض من ادارة الرئيس جو بايدن التي تتأنى في فرض عقوبات على العسكريين السودانيين.
ويقول إبراهيم لـ(عاين)، إن الكونغرس “متحمس جدا” لفرض العقوبات على العسكريين باعتباره معنيا بتشجيع الديمقراطيات في افريقيا كما انه يخشى من النفوذ الروسي في القارة والسودان ليس استثناء لأن موسكو تتعامل مع الخرطوم عبر “أذرع غير رسمية في الخفاء”.
ينتظر الكونغرس الأمريكي جولة للمبعوث الأمريكي في السودان في غضون الأيام القادمة لبحث ملف الأزمة بين العسكريين والمدنيين.
وكانت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مولي فيي، زارت العاصمة السودانية في يناير الماضي بالتزامن مع مقتل سبعة محتجين في إحتجاجات رافضة للحكم العسكري قرب القصر الجمهوري وتوعدت في العسكريين في تغريدة لها على توتير في ذلك الوقت.
ويشير عمرو إبراهيم، إلى أن النواب الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس متفقون على ادانة الانقلاب العسكري في السودان ويضغطون على ادارة بايدن لفرض العقوبات أو التلويح بها على الأقل لحث الجنرالات على وقف العنف وإعادة المسار الدستوري.
انحناء للعاصفة
لم تعلق الخرطوم على تلويح الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على المكون العسكريين في جلسة لجنة العلاقات الخارجية الأسبوع الماضي ففي كواليس وردهات مجلس السيادة الانتقالي الذي يهيمن عليه العسكريون هناك “إجماع على الانحناء للتصريحات والبيانات الصادرة من الولايات المتحدة إلى حين التوصل إلى توافق سياسي بين الأطراف”.
وتجاهلت الحكومة الانقلابية الرد على إعلان الولايات المتحدة في 21 مارس الجاري فرضها عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي السودانية بسبب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، واتهمتها باستخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين يحتجون سلميا على الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر الماضي.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن قوات الاحتياطي المركزي، وهي جزء من الشرطة، كانت في صدارة قوات الأمن السودانية التي لجأت إلى “الرد العنيف” للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في الخرطوم.
في رده على سؤال (عاين) حول مدى جدية الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات شخصية على المكون العسكري، يقول مسؤول بمجلس السيادة الانتقالي، إن : “التوافق السياسي بين الأطراف قاب قوسين أو أدنى والجيش متفق تماما على تسليم السلطة للمدنيين إما عبر اتفاق سياسي أو انتخابات”.
ويستطرد قائلا : “هناك توازن حساس في هذه المرحلة جعل الجيش يبقى في السلطة إلى حين تهيئة البلاد للتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة”.
حلفاء الجنرالات
“يعتمد المكون العسكري على حلفائه من الخليج ومصر لتخفيف اللهجة الأميركية تجاه جنرالات الجيش وقوات الدعم السريع” بحسب ما يقول المحلل السياسي، أشرف عثمان لـ(عاين).
ويرى عثمان، أن قرار الكونغرس غير ملزم لإدارة بايدن لكن النواب الديمقراطيون والجمهوريون يعتمدون على عوامل الضغط لفرض عقوبات على العسكريين في السودان وهناك نقاط ضغط متوفرة لديهم”.
ويعتقد أن الإدارة الأمريكية لا تريد الإسراع في فرض عقوبات على العسكريين وعزلهم دوليا وانسداد سبل الحوار مع المجتمع الدولي قائلا إن الخارجية الأمريكية أرسلت مسؤولة افريقيا، مولي فيي، إلى العاصمة السودانية وعقدت لقاءات مع العسكريين ولا تزال واشنطن تأمل في توصل العسكريين والمدنيين إلى اتفاق يعيد مسار الانتقال.
وجرب السودان عقوبات منذ عهد الرئيس بيل كلينتون في العام 1997 وخسر نحو 70 مليار دولار من الناتج القومي إلى جانب إيقاف المساعدات الاقتصادية المباشرة والثنائية.
ويرى المحلل في الشأن الأفريقي عادل إبراهيم، في حديث لـ(عاين)، أن التشريعات الصادرة من الكونغرس غير ملزمة للبيت الأبيض وهناك تقاطعات بين وزارة الخارجية والإدارة الأميركية والكونغرس.
وأضاف : “الادارة الاميركية رغم التشريعات الصادرة من الكونغرس كانت لديها مسارات مع نظام المخلوع وهي مسارات أمنية وإنسانية”.
ويتوقع إبراهيم عدم تأثير التشريعات الصادرة من الكونغرس على الادارة الأميركية التي تتعامل وفقا للمصالح العليا للولايات المتحدة متخلية في بعض الأحيان عن التشريعات.
وإذا ما مضى الكونغرس الأمريكي في المصادقة رسميا على تشريعاته بفرض عقوبات شخصية على قادة المجلس العسكري وجنرالات الجيش والدعم السريع فإن هذا لايعني عزلهم عن المجتمع الدولي لكنه بحسب محللين لا يعني أن التشريعات قد تضع حدا للانقلاب بقدر ما ان العقوبات قد تؤدي الى دولة فاشلة.
ويقول المحلل الدبلوماسي عمرو إبراهيم إن : ” واشنطن تنتظر تغييرات الأوضاع على الأرض في السودان وتأمل في وجود عسكريين لديهم أذان صاغية للذهاب مع تطلعات السودانيين”.