تواصل الاحتجاجات و قوى التغيير تكتسب ارضية جديدة
تقرير عاين :21فبراير 2019م
في موكب التحدي الذي إستبقته تهديدات رسمية من الحكومة. خرج الآلاف من المواطنين السودانيين في العاصمة الخرطوم، وبعض القرى والحضر بالولايات. مطالبين نظام الحكم السودان بالتنحي، وخرجت قيادة الأحزاب السياسية لأول مرة علنية، للالتحام بالشارع الان جهاز الأمن الوطني قطع أمامهم الطريق بالاعتقال من داخل باحة حرم مسجد فاروق وسط الخرطوم. كما شهدت تظاهرات اليوم تصادم بين سيارتين تتبعان لجهاز الأمن الأمن بينما رصد المتظاهرين عملية فرار سائق احدى السيارات الذي قال شهود عيان انهما كانا بصدد دهس المتظاهرين.
كيفية اعتقال القيادات
بشكل مفاجئ عززت القوات الأمنية تواجدها حول محيط مسجد فاروق قبل الموعد المحدد لانطلاقة موكب الرحيل والمقرر له تسليم مذكرة التنحي للقصر الجمهوري. ورفع درجة الاستعداد الأمني حول محيط المسجد الذي كان وقتها تقام بداخله صلاة الظهر يعود بحسب مراسل (عاين) الذي كان قريبا من محيط المسجد لتواجد عدد كبير من قيادة قوى المعارضة تحت تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
ورصد مراسلنا بالفعل توافد آخرين من قيادات القوى المدنية الموقعة هي الاخرى على اعلان الحرية والتغيير، مع تكثيف لقوى الامن التي تشكلت وتنوعت وحداتها وبين السيارات التي ارتكزت في محيط المسجد سيارات شرطية واخرى بدون لوحات عليها رجال ملثمون وسيارات اخرى تتبع لقوات الدعم السريع عليها جنود مدججين بالسلاح.
محاصرة المسجد بالكامل
انقضت صلاة الظهر وبدأ المصلون في الخروج من بوابات المسجد المتعددة، ووقف رجال أمن بأزياء مدنية على هذه البوابات يتفرسون وجوه الخارجين، قبل أن يأمر رجل أمن يبدو انه الاعلى رتبة بين القوة المتواجدة في المكان باقتحام ساحة المسجد واعتقال نحو 17 من قيادة قوى المعارضة كانوا في الساحة الخارجية للمسجد يتأهبون مع عدد من المتظاهرين للخروج الى الشارع.
ورصدت (عاين)، اعتقال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب والامينة العامة لحزب الأمة القومي سارة نقد الله، ونائبة رئيس حزب الامة مريم الصادق المهدي، والقيادي في حزب البعث العربي يحيى حسين وآخرين من قيادات تحالف قوى الحرية والتغيير.
وبعد اقتياد هذه المجموعة من المعارضين لجأت قوات الأمن إلى الشوارع الجانبية وأخذت في حملات اعتقال عشوائية وأوامر للحاضرين من الذين لم تطالهم يد الاعتقال بمغادرة المكان.
“عزيمة الثوار“
موكب محطة جاكسون كان الاضخم بحسب ما روى مشارك فيه لـ(عاين) ان “عزيمة المتظاهرين هي التي جعلت منه ممكنا بالنظر الى القبضة الامنية في المنطقة والقوات الكبيرة التي تحيط بالمكان وحملة الاعتقالات العشوائية التي طالت عدد كبير من المتظاهرين”.على طول شارع الحرية، احتشد المئات من المتظاهرين، وحاول العشرات منهم بداية مظاهرة قرب تقاطع رئيسي في الشارع الا ان سيارات عديدة للشرطة والأمن كانت غير مرئية في الشارع الرئيسي سارعت الى المكان واعتقلت اعداد كبيرة من المتظاهرين ونقلهم إلى مقر الاحتجاز الأولى بمنطقة أبو جنزير وسط الخرطوم.
بري… تفتيش
“شاهدت في أكثر من موقع نهار اليوم ارتكازات أمنية على طول شارع المعرض واخرى في شوارع جانبية، على شارع المعرض تقوم القوات الامنية بتوقيف المركبات العامة وتعتقل بعد حملة تفتيش للهواتف النقالة” يقول احد سكان بري لـ(عاين)، ويضيف ” اعلم ان شباب بري لن يقفوا مكتوفي الايدي ازاء موكب الرحيل المعلن وسيواصل وان ما بدأوه من احتجاجات في المنطقة”. بعد نحو ساعة من حديث احد سكان بري لـ(عاين)، نقلت مشاركة في الاحتجاجات بمنطقة بري ان “قوات كبيرة من الشرطة تمركزت قبالة ميدان بري الدرايسة وأطلقت بكثافة قنابل الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في المنطقة وتجري عمليات كر وفر بين الشرطة والمتظاهرين في المنطقة”.
القوى السياسية
حرصت عاين على استطلاع القوى السياسية لتقييم يوم التنحي وكان في بادرة عضو قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، عضو سكرتارية قوى الإجماع الوطني وجدي صالح عبده ، قائلاً لـ(عاين) ان موكب الرحيل اليوم اكد لكل جماهير شعبنا ان الحركة السياسية بشبابها وتنظيماتها السياسية واحزابها ومؤسساتها وكل الكيانات المنظمة، قد خرجت لتقول للنظام إرحل ، وتطالب هذه الجماهير برحيل النظام واقتلاعه من جذوره والإتيان بديل وطني ديمقراطي تقدمي . وعلق صالح على اعتقال قادة القوى السياسية قائلاً ” سان الإعتقال لن يثنيها والجماهير التي خرجت من ديسمبر الماضي ولازالت تواصل رغم التنكيل والعنف، وهناك من يصرون خلفهم على إسقاط النظام، وهذه الثورة محمية بجماهيرها وقوتها ولن تتراجع الإ برحيل هذا النظام وتقديم كل من تورط وارتكب جرماً بحق شعبنا سوى كان ذلك على مستوى السياسات أو الجرائم الجنائية فى الفساد والتعذيب والقتل الممنهج الذي ارتكبه زبانية هذا النظام” ، وأضاف “الثورة مستمرة ولن تقبل جماهيرها الإ بإسقاط النظام والمجئ ببديل يلبي تطلعاتها فى الوحدة والحرية والعدالة الإجتماعية”.
“تميز وعبور”
ومضى في ذات الاتجاه رئيس دائرة الإعلام بحزب الامة القومي، محمد الأمين عبد النبي واصفاً لـ(عاين) مواكب اليوم الخميس 21 فبراير بانها تتميز عن المواكب السابقة بٲنه جاءت بعد تهديدات النظام لقوى الحرية والتغيير وجاءت هذه القوى اليوم لتقديم مذكرة تفصيلية لمطالب الشعب تم الإتفاق عليها تمثل معالم العبور للنظام الجديد وجاءت بمشاركة قيادات القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير وبمشاركة واسعة لقطاعات المجتمع السوداني. واكد عبد النبي ، أنه رغم الإجراءات الأمنية المشددة الا ان الموكب نفذ فى الزمان والمكان المحددين مما يؤكد توفر إرادة قوية من أجل رحيل النظام، وخرجت تظاهرات في الشمالية والبحر الأحمر والجزيرة والنيل الأبيض وفي العاصمة في بري و سوق ام درمان وود نوباوي والخرطوم 3 والحاج يوسف والسجانة والكلاكلة ومناطق أخرى .
واعتبر عبد النبي مواكب اليوم تجديداً للعهد للشهداء بأن الثورة مستمرة ولا تراجع عنها ،وان قوى الحرية والتغيير كل يوم تكتسب ثقة أكبر في مسيرة الخلاص ، وربطت مواكب اليوم بين العمل السياسي والعمل الميداني وسوف تتواصل المواكب الى ان تتحقق المطالب المذكورة في مذكرة الرحيل ، وعلق على إعتقال قيادات حزب الامة القومي ونداء السودان والاجماع والمهنيين يؤكد قوة التنسيق والترابط ووحدة المسير والمصير وأن ما يروج له النظام من خلافات هراء يكذبه مشهد اليوم ،وبالتأكيد الاعتقالات لن تثنينا على مواصلة الطريق وتحدياته وتضحياته، وكذلك نعلن إفلاس النظام وهلعه وانقساماته الداخلية .
مشاهدات وتحدي
فى تقاطع صينية القندول بعد إنطلاق المواكب وسط الخرطوم حدث مشهد إهتز له وجدان الحاضرين بالمكان ، حيث إعتدت الأجهزة الأمنية على شاب عشريني بالضرب أثناء إعتقاله ، رفض الشاب التعدي عليه بهذه الطريقة المهينة ودافع عن نفسه بعد أن تكاثرت عليه رجال الأمن وكان يقاومهم بجسارة وثبات ادهشتهم واستفزازهم فزادوا عليه الضرب ولم يفلحوا فى إثنائه عن رفضه لما قاموا به من أذى جسيم ما اضطر رجال الشرطة الى مساندة رجال الأمن وتمكنوا من اعتقاله ودفعه نحو عربة بوكس تابعه للأجهزة الأمنية ، وظل من كانوا يقفون بجانب المكان يتحدثون بإعجاب شديد عن جسارة الشاب.
استهجان بالأمن
بالقرب من موقف “جاكسون” وسط الخرطوم ارتكزت قوات أمنية بكثافة غير مسبوقة من الأمن والشرطة، ورصدنا أحد أفراد الأمن يتحرش بالمارة من الشباب والشابات ويوجه لهم بعض العبارات بأنه يعلم انهم اتون للتظاهر ، ومن أكثر المشاهد اللافتة مرور أحد الشباب بالقرب من مركبات القوات الأمنية المرتكزة على جانبي شارع الحرية فتوجه نحوه أحد أفراد الأمن وقال: ” جيت لابس شبب عشان تجري ياتافه نحن عارفنك جاي تتظاهر ” فما كان من الشاب ان نظر اليه باستهجان ومضى فى طريقه دون أن ينطق بكلمة واحدة. بينما تقف (عاين )فى احد شارات المرور بشارع الجمهورية جاءت مركبة أمن محملة بعدد من الفتيات المعتقلات لانعلم الى اين كانت وجهتها ولكن كان أفراد الأمن على متنها يقومون بالتحدث بعنف شديد مع الفتيات وكلمات الوعيد والتهديد فيما بدين هادئات تماماً وينظرن حولهن بثقة وفخر بدت على ملامحهن. وكان الحدث الأكبر في التظاهرات هو اصطدام سيارتين تتبعان لجهاز الأمن بضاحية بري قبل أن يفر أحد السائقين في موقف كان هو الابرز للسخرية من قبل رواد التواصل الاجتماعي. ووفق متابعات عاين حتى وقت متأخر من المساء تقوم الاجهزة الامنية باعتقالات عشوائية وسط المواطنين المتجولين في السوق العربي وسط المدينة والذي تلاحظ هدوء تام في شوارعه الرئيسية وأغلقت المحلات التجارية أبوابها.