(الجنينة).. مدينة تحت قصف نيران الأهالي 

6 أبريل 2021

“من الصعب التكهن بأعداد ضحايا الاشتباكات الاهلية بمخيمات النازحين وبعض الأحياء الجنوبية والغربية بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور”، يقول المسؤول الحكومي بولاية غرب دارفور جمال فضل.

واندلعت امس الاثنين اعمال عنف أهلية استخدمت فيها الاسلحة الثقيلة والقصف المدفعي المتبادل دون تمكن السلطات الحكومية من السيطرة على الاوضاع.

ودارت الاشتباكات بعد مناوشات خلال يوم امس السبت بين اهلية المساليت ومجموعات عربية في المدينة عقب مقتل شخصين الجمعة الماضية، في احياء عديدة وداخل مخيم اباذر للنازحين.

ويضيف، فضل لـ (عاين)، “بدأ التوتر القبلي السبت الماضي حينما استعان شخص من مكون اجتماعي باثنين آخرين لمساعدته على العودة عقب تعطل سيارته في منطقة خلوية وأثناء عودتهما تعرضا إلى هجوم مسلح وقتل اثنين وإصابة الثالث”.

 

  • اشتعال الأزمة

 

احتج الأهالي لدى حكومة الولاية وقوات الشرطة لملاحقة الجناة الذين ينتمون إلى مكون اجتماعي آخر بحسب الروايات التي قٌدمت للمسؤولين وفي اليوم الثاني فوجئوا بهجوم من رجال قبائل مسلحين وصف بأنه الأعنف منذ بداية الصراع في يناير 2020 وتجدده في يناير 2021.

وسارع مجلس الأمن والدفاع والمشترك إلى إجتماع طارئ في القصر الرئاسي بالعاصمة السودانية إلى بحث تطورات الصراع في مدينة الجنينة مفوضًا القوات العسكرية باتخاذ ما يلزم لمنع اتساع رقعة الصراع المسلح.

لكن عاملة الإغاثة في منظمة إنسانية، ريان خليل تقول من حي الثورة الواقع غرب مخيمات النازحين بمدينة الجنينة في اتصال عبر الهاتف مع (عاين) أنها تختبئ برفقة عائلتها منذ الأحد في المنزل ولم يغادروا ولو لساعة تجنبًا للرصاص الذي قد يأتي نحوك من أي اتجاه.

وتضيف خليل : “تعطلت الكهرباء ولم نشاهد قوات حكومية لمنع الصراع المسلح نسمع بذلك في وسائل التواصل الإجتماعي لكننا لم نشاهدها على الأرض ونسمع أصوات القذائف (الدانات) التي تجددت بقوة صباح الثلاثاء مع دخان كثيف مع مخيم أبوذر للنازحين وهو مخيم كبير يضم عشرات الآلاف من النازحين”.

احداث "الجنينة".. روايات الشهود أسباب وراء العنف
والي غرب دارفور

ورغم هدوء الوضع نسبيا في المدينة الحدودية مع دولة تشاد لكن العنف عاد مجددا صباح الثلاثاء مع تعزيزات عسكرية زادت من قوة المليشيات القبلية فيما يعتزم مجلس الأمن والدفاع المشترك وهي هيئة حكومية تضم عسكريين ومدنيين تعتزم نشر قوات عازلة في المدينة بينما ارجأ والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة مؤتمره الصحفي بوكالة السودان للأنباء ي الخرطوم اليوم إلى وقت لاحق دون تقديم تفاصيل لكن مصادر أشارت إلى أن الوالي طلب رئيس الوزراء مناقشة حول التطورات وبحث التطورات الميدانية والتنسيق مع الأجهزة العسكرية.

من جهته يشير الخبير الأمني عمر عثمان، في مقابلة مع (عاين) إلى أهمية نشر قوات عازلة للفصل بين المجموعتين.

 

  • تفويض القوات العسكرية

 

ويرى عثمان أن بيان مجلس الدفاع المشترك بشأن منح صلاحيات للقوات العسكرية لفض الاشتباكات المسلحة لا يمكن الحديث عنه في ظل استمرار العنف لأن التشريعات مرحلة لاحقة والأهمية حاليا لإيقاف الدماء والحرائق.

ورغم إعلان حكومة الولاية نشر قوات عسكرية وتوجيه المواطنين بالإبلاغ عن أي أحداث عنف إلا أن شهود عيان ذكروا لـ(عاين) أن الأوضاع تشهد انفلاتا أمنيا في ظل غياب القوات العسكرية وتقترب المدينة والولاية من الانهيار الأمني الكامل.

ويوضح مدير التنمية الإجتماعية بولاية غرب دارفور جمال فضل في تصريحات لـ(عاين) أن العنف الذي بدأ الأحد الماضي لم يسبق له مثيل منذ بداية الصراع في يناير 2020 مشيرا إلى أن الوضع وكأن الحكومة المركزية تخلت عن المواطنين ووضعتهم أمام آلة الرصاص والقذائف.

وأضاف فضل : “سقطت قذيفة مدفعية في مخيم إيواء النازحين من ضحايا أحداث كريندنق في مباني محلية الجنينة وأصيب الأطفال بالهلع والخوف الشديد”.

وأوضح فضل، أن جميع سكان الجنينة باتوا في وضع غير آمن ويتوقعون سقوط الرصاص والقذائف أمام أعينهم في أي وقت وعندما اتحدث معك عبر الهاتف اسمع دوي إطلاق النار من الاتجاه الجنوبي والغربي والنيران تغطي الأرجاء.

ويرى فضل أن اسوأ مافي الأمر أن الأطقم الطبية والعمال في المجال الإنساني لا يستطيعون التحرك في هذا الوضع لانقاذ المصابين او توزيع الغذاء او المعينات سيما مع تدفق نازحون جدد جراء العنف في مخيمات النزوح وبعض الأحياء في المدينة.

من جهته ينصح الخبير الأمني عمر عثمان، باستبدال القوات العسكرية التي كلفت بحفظ الأمن في الجنينة وارسال كتائب عسكرية من مناطق أخرى موضحًا أن الإجراءات العسكرية التي تتبع في هذه الأوضاع يجب أن تكون مغايرة تماما.

بينما تؤكد عاملة منظمة الإغاثة ريان خليل، أن الأنباء الورادة أفادت بقصف شبكة الكهرباء ما أدى الى قطع التيار منذ الأحد الماضي ولا يمكن الخروج من المنزل لشراء الطعام لأن أصوات الرصاص لم تتوقف.

وأردفت : “المنازل هي الأماكن التي تحمي المواطنين، ليس هناك أي جهة تقدم الحماية …علينا أن نحمي أنفسنا بأنفسنا من خلال الاختباء في الغرف.. حتى الخروج إلى فناء المنزل تصرف خطير لأن القذائف تقع داخل المنازل في بعض الأحيان”.

بينما يضع مدير التنمية الإجتماعية بولاية غرب دارفور جمال فضل جملة من المخاطر المحتملة مشيرا إلى أن الإحصائيات الواردة الى السلطات قد تتجاوز الـ(40) قتيلاً وإصابة تفوق الـ(100) لأن الإجلاء متوقف والأرقام الواردة هي التي تمكنت من الوصول الى المراكز الطبية.

وتاتي تطورات الاحداث في اعقاب قتال عنيف شهدته مدينة الجنينة بين مجموعتي المساليت والمكونات العربية نهاية يناير الماضي واسفر عن مقتل أكثر من (163) شخصا وجرح العشرات.

ويقدر مكتب تنسيق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة النازحين الذين فروا بسبب الصراع الاهلي الذي إندلع بالجنينة في منتصف يناير، بحوالي (97000) مدنيا من فروا مخيمات داخل مدينة الجنينة والقرى المجاورة، واحتموا بالمؤسسات الحكومية.