(مدن السودان تنتفض).. الآلاف يتظاهرون ضد العسكريين

14 مارس 2022

واجهت مجدداً قوات الأمن السودانية بمشاركة الجيش في العاصمة الخرطوم وعدد من ولايات البلاد اليوم الاثنين التظاهرات السلمية المناوئة للإنقلاب العسكري بالقمع المفرط وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع.

وفيما حاصر المتظاهرون قصر الرئاسة في العاصمة، كان لافتاً المشاركة الاحتجاجية من قبل طلاب المدارس الثانوية في مدن الدمازين بولاية النيل الأزرق- جنوب، ونيالا بجنوب دارفور-غرب- وعطبرة في ولاية نهر النيل- شمال، بجانب احتشاد المئات بمدينة القضارف- شرق السودان.

وتأتي مشاركة طلاب المدارس الحكومية وانضمامها للحراك الثوري الذي ينتظم مدن البلاد ضد الانقلاب العسكري احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء تعرفة المواصلات وانعدام الخبز بعدد من مدن الولايات.

وتتزامن مشاركة طلاب الثانويات في التظاهرات مع تنفيذ تجمع المعلمين السودانيين إضرابا عن العمل منذ الخميس الماضي احتجاجا على تردي أوضاعهم المالية مقارنة مع ارتفاع تكاليف المعيشة.

واحتل طلاب الثانويات بمدينة الدمازين شوارع شمال المدينة منذ وقت مبكر صباح اليوم الاثنين، وجبات مواكبهم الاحتجاجية عدد من الأحياء، قبل أن تباغتهم قوة من الجيش وفق شهود من المدينة لـ(عاين).

قوة من الجيش تفض تظاهرات في مدينة الدمازين- الصورة من مواقع التواصل الاجتماعي

وتحكم الحركة الشعبية لتحرير السودان –قيادة مالك عقار، إقليم النيل الأزرق وفق ترتيبات اتفاقية السلام الموقعة في جوبا بين الحكومة الانتقالية المنقلب عليها والحركات المسلحة.

وافاد الشهود، ان القوة أطلقت الأعيرة النارية في الهواء وطاردت مواكب التلاميذ الذين شاركهم مواطنين في المدينة.

فيما أطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ضد الطلاب المتظاهرين بمدينة عطبرة في ولاية نهر النيل شمال السودان، وامتد إطلاق الغاز من قبل الشرطة لداخل المدارس.

اعتقال مُهين

انضم طلاب الثانويات في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور في وقت مبكر للاحتجاجات الشعبية في المدينة، وشاركت عدد من المدارس في التظاهرات الطلابية. في وقت اقدمت قوة من الشرطة على اعتقال ثلاثة معلمين بصورة مهينة بحسب فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي.

معلمان مضربان يرفعان لافتة مطالب- الصورة من صقحة لجنة المعلمين على فيس بوك

وأعلنت لجنة المعلمين السودانيين تعرض معلمين بمدرسة نيالا الثانوية بولاية جنوب دارفور، لانتهاكات جسيمة تمثلت في الضرب والسحل بواسطة قوات شرطية. وأدانت اللجنة، في بيان تحصلت عليه (عاين) إستخدام العنف ضد المعلمين، وإعتبرته إنتهاكاً لحقوق الإنسان.

وواصلت لجنة المعلمين السودانيين في الإضراب المعلن عن العمل منذ الخميس الماضي. وتطالب اللجنة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 24 ألف جنيه، وإزالة الازدواجية في المرتبات وصرفها بهيكل 2022 المعدل ، كما ينادون بصرف مرتب فبراير معدلاً مع صرف فرق يناير في هذا الشهر.

وقالت اللجنة أن ما حدث للمعلمين بمدينة نيالا يمثل ردة يندى لها الجبين. مؤكدة أن ما حدث لن يزيد المعلمين إلا قوة وجسارة في مواصلة المطالبة بالحقوق، واسترداد مكانة المعلم كرائد في المجتمع.

حصار القصر

وفي العاصمة الخرطوم، تقدم مئات المتظاهرين نحو القصر الرئاسي من نقطة باشدار الرئيسية للتجمع، وواجه المتظاهرون عمليات قمع مفرط ضدهم من قبل القوات الأمنية التي ارتكزت قرب محيط محطة شروني القريبة من قصر الرئاسة.

ورصدت (عاين) إصابات عديدة بعبوات الغاز المسيل للدموع واختناقات بالغاز المسيل للدموع، فيما قامت قوات بزي مدني باعتقالات في شوارع جانبية محيطة بالقصر الرئاسي وسط الخرطوم.

وكشفت رابطة الاطباء الاشتراكيين عن (85) اصابة وسط المحتجين بينها إصابات بالرصاص الحي “الخرطوش”.

وافاد متظاهرون في مدينة ام درمان (عاين) عن وقوع إصابات أثناء فض قوات الأمن للاحتجاجات في شارع الاربعين.

ويقاوم السودانيون منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي انقلابا عسكريا اطاح بالحكومة الانتقالية التي تشكلت في عقب الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير في أبريل من العام 2018.

إضراب “توباك” وآخرين

وجاءت مواكب اليوم الاثنين تضامنا مع عشرات المعتقلين والمعتقلات في سجون حكومة الانقلاب، ورفع المحتجون صور لعدد من المعتقلين لاسيما قادة الحكومة الانتقالية وقادة لجنة ازالة التمكين واسترداد الأموال العامة.

إلى ذلك، دخل المتهمون في قضية مقتل عميد الشرطة علي بريمة حماد، في إضراب عن الطعام إحتجاجاً على رفض النائب العام تولي التحري والتحقيق وفتح بلاغ في الانتهاكات الدستورية والقانونية التي مورست في مواجهة المشتبه بهم في البلاغ المدون ضدهم.

وفي 13 يناير الماضي، قالت الشرطة إن العميد بريمة، قُتل أثناء مشاركته في تأمين احتجاجات نُظمت قرب القصر الرئاسي.

ويتضامن السودانيون مع المقبوضين بينهم ” محمد آدم” في قضية مقتل العميد شرطة، وسط تقارير لتعرضهم للتعذيب.

وقالت هيئة الدفاع عن المتهمين في بيان اطلعت عليه (عاين):” إن المقبوضين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ اليوم وحتى قيام النائب العام بالتحقيق في مخالفة الشرطة والنيابة للمسلك الواجب اتباعه.

وأوضحت الهيئة أن إضرب المتهمين عن الطعام جاء بسبب المعاملة الغير انسانية والعنف المفرط من قبل الشرطة، وتستر النيابة على ذلك، بالمخالفة للقانون و المسلك الواجب اتباعه.

كما أشارت لإجبار المتهمين على تقديم بينة ضد أنفسهم عن طريق بتسجيل اعترافات قضائية تحت الضغط والإرهاب والتعذيب، وإجبارهم على تمثيل الجريمة تحت تهديد السلاح.

ولفتت الهيئة إلى المتهمين تم إجبارهم على تقديم بينة ضد أنفسهم بالإمساك بأداة الجريمة وتمثيلها بعد الثانية فجراً في وجود مكثف للقوات الامنية، وأخذ دم من المتهمين، ومنعهم من مقابلة اهلهم ومحاميهم وإخفاء مكانهم عن الأهل والمحامين، الأمر الذي يعد مخالفة للمادة 83 من قانون الإجراءات الجنائية.

واتهمت الهيئة إدارة سجن كوبر التي وضعت القيود الحديدية على أرجل المتهمين، بمخالفة المسلك الواجب إتباعه، مشيرة إلى أن المشتبه بهم ليسوا مدانين بواسطة محكمة، لافتة إلى أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.