إغلاق الموانئ .. اقتصاد السودان المُنهك يفقد ملايين الدولارات

29 سبتمبر 2021

لايزال قادة الاحتجاجات يغلقون ميناء بورتسودان  بولاية البحر الأحمر شرقي السودان منذ (12) يومًا لإجبار الحكومة الانتقالية على تنفيذ شروط يطرحها الزعيم القبلي محمد الأمين ترك والذي يقود العموديات المستقلة لنظارات البجا في إقليم شرق البلاد.

ويشترط ترك إلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام إلى جانب حل الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيين وتعيين مجلس عسكري لإدارة الأقاليم الستة لكنه مؤخرا خفف من الاشتراطات الداعية إلى استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك.

ووقع الوفد الحكومي مسار الشرق ضمن اتفاق السلام الموقع في جوبا في أكتوبر 2020 مع الحركات المسلحة ويرفض ترك هذا الاتفاق ويقول إن ممثلي المسار لا يعبرون عن مكونات الإقليم.

ويقول قادة الاحتجاجات  في شرق السودان إن الإقليم يعاني من تهميش يستمر منذ سنوات لكن في ذات الوقت اذا حاولت الخرطوم الغاء مسار الشرق استجابة لشروط الزعيم الأهلي محمد الامين ترك فإن مجموعات مناهضة له قد يثيرون اضطرابات في الإقليم ولذلك اضطرت الحكومة الانتقالية للوقوف في منتصف الطريق بينما تهدد الاغلاقات المستمرة للموانئ اقتصادها المنهك وقد تؤدي الى اضطرابات شعبية واسعة قد تطيح بالحكومة نفسها.

حوار| والي ولاية كسلا السابق صالح عمار لـ(عاين): جهات تعمل لتمرير نموذج دارفور بشرق السودان

ويغلق الآلاف من أنصار الزعيم الأهلي محمد الأمين ترك الميناء الجنوبي”الحاويات” وميناء “سواكن للماشية والركاب” وطريقا رئيسيا يربط بين بورتسودان  ومدن البلاد حيث يعد طريقا حيويا يربط الموانئ الرئيسية مع الولايات السودانية قرب مدينة سنكات شمال شرق الولاية.

تأثير الإغلاق

أدت الإغلاقات إلى تعليق عمليات الصادر والوارد في الموانئ  منذ الجمعة قبل الماضي وتنتظر نحو (90) شاحنة محملة بسلع مستوردة مغادرة رصيف الميناء الموانئ نتيجة إغلاق الطريق في محطة سنكات جنوب شرق مدينة بورتسودان.

ولم تتمكن الحكومة الانتقالية من إنهاء الاحتجاجات ذات الطابع القبلي عقب نشوب أزمة بين المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية وألقت الأزمة بظلالها على احتجاجات شرق السودان.

وجرى حل ازمة ميناء بشائر النفطي حتى يتم تصدير البترول القادم من جنوب السودان عبر الأنابيب عقب احتجاج جوبا من إيقاف تصدير انتاجها وإبلاغ الخرطوم رسميا بضرورة الاسراع في انهاء الاحتجاجات وأنهى عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق شمس الدين الكباشي ووفد وزاري رافقه السبت الماضي أزمة ميناء بشائر.

وكانت وزارة الطاقة حذرت من خسائر قد تطال منشآت النفط في شرق السودان وقالت من إن البلاد قد تخسر سنويا نحو 300 مليون دولار من توقف تصدير نفط جنوب السودان كما  يؤدي توقف الصادر الى تجميد الخام في داخل خطوط النقل وقيمتها السوقية 1.8 مليار دولار وهي الأطول في افريقيا.

(50) مليون دولار خلال 12 يوما خسائر قطاع الاستيراد والتصدير 

ويحذر مسؤول العلاقات الخارجية في اتحاد أصحاب العمل السوداني “اتحاد يضم في عضويته آلاف الشركات” أسامة الطيب، في حديث لـ(عاين) من شلل الموانئ البحرية شرق البلاد موضحا أن قطاع الاستيراد والتصدير تكبد خسائر تفوق الـ (50) مليون دولار خلال 12 يوما من الإغلاق الذي امتدت الى الطرق والموانئ في بورتسودان.

ويؤكد الطيب، أن عشرات الشاحنات المحملة بصادرات السمسم والفول السوداني متوقفة في مناطق الإنتاج عقب إغلاق الميناء والطرق التي تؤدي إلى شرق البلاد.

توقف حركة الشاحنات بين الميناء ومدن السودان

وتابع: “الحاويات التي غادرت منطقة التفريغ في الميناء لم تسحب ايضا منذ 12 يوما نتيجة توقف الميناء ومكاتب التخليص الجمركي وهذا يترتب عليه رسوم أرضية تبلغ حوالي 45 ألف جنيه يوميا للحاوية”.

وأردف: “هذه الأزمة تنعكس على علاقة الموانئ بشركات الشحن والملاحة لأنها ترفع درجة التأمين في الموانئ التي تتعرض الى الاضطرابات الأمنية وهذه التكاليف ستنعكس على المواطنين بارتفاع الاسعار”.

شلل صادرات الماشية

الإغلاق امتد الى صادرات الثروة الحيوانية حيث اغلق محتجون ميناء سواكن المخصص لبواخر الماشية وقال المسؤول في “شركة سوبريا للملاحة” ابراهيم رفعت في حديث لـ(عاين) إن ميناء سواكن المخصص لصادر الماشية مغلق بالكامل بأمر من قادة الاحتجاجات.

وأردف : ” تغادر باخرتين ميناء سواكن يوميا وهي محملة بالماشية حاليا صادرات الثروة الحيوانية متوقفة منذ الجمعة قبل الماضي وهذا يعني فقدان السودان يوميا نحو نصف مليون دولار من عائد صادر الماشية”.

ويشير رفعت إلى أن صادرات الماشية متوقفة منذ عشرة أيام حينما أقدم قادة الاحتجاجات على اغلاق ميناء سواكن وشملت الإغلاقات ميناء هيدوب والجنوبي والميناء الأخضر.

السودان يفقد نصف مليون دولار يومياً بسبب توقف صادر الماشية

ويوضح رفعت أن مصدري الثروة الحيوانية تكبدوا خسائر فادحة عادت شحنات كانت قادمة إلى بورتسودان قبل الوصول إلى حدود الولاية بسبب إغلاق الطريق الرئيسي لافتا إلى عودة 24 شاحنة محملة بالماشية واضطرار ملاكها الى تغيير وجهتها لمنافذ أخرى قد تكون الحدود السودانية المصرية.

الخزانة العامة تفقد نحو 300 ألف يورو يوميا من الرسوم التي تفرضها على السلع الواردة عبر الموانئ 

وجراء إغلاق الموانئ شرق السودان خسرت الخزانة العامة نحو 300 ألف يورو يوميا من الرسوم التي تفرضها على السلع الواردة عبر الموانئ وهو ما قد يؤدي الى خسارة البلاد نحو 9 مليون يورو في الشهر من ميناء “الحاويات” كما يقول جمال مبارك مدير الميناء الشمالي بموانئ بورتسودان.

ويؤكد مبارك في تصريحات لـ(عاين) أن قادة الاحتجاجات اغلقوا الميناء الجنوبي “الحاويات” ومربط 16 المخصص لاستيراد الجازولين والغاز ومربط مخصص لاستيراد الغلال يديره البنك الزراعي.

تكدس الحاويات

وذكر مبارك أن الخسائر المترتبة على الاغلاقات جراء الاضطرابات الشعبية تقدر منذ 12 يوما بـ(5) مليون يورو لحصائل وزارة المالية من رسوم الجمارك في نقطة الحاويات إلى جانب ذلك فإن البلاد مهددة بانعدام السلع.

وتابع مسؤول الميناء الشمالي بالقول: “توقفت حركة سحب الحاويات من ملاكها في الميناء الجنوبي متأثرة بالاحتجاجات وتكدست الحاويات وأثر هذا الاجراء تراكم رسوم الأرضيات على الحاويات  وهذا الأمر ينعكس على زيادة أسعار السلع ويقع العبء على المستهلك”.

ولتخفيف الآثار المترتبة على إغلاق الموانئ يقترح جمال مبارك: “تحمل وزارة المالية تكلفة رسوم الأرضيات لأن الاحتجاجات والاضطرابات الشعبية قصور تخص بعض أجهزة الدولة”.

الإيرادات الجمركية

وفي طريق يربط بين سنكات وبورتسودان جنوب شرق الولاية أقدم محتجون على وضع حواجز من الكتل الصلبة ما ادى إلى توقف حركة المرور للشاحنات المحملة بالسلع.

وأكد رئيس نقابة عمال الموانئ البحرية عبود الشربيني في حديث لـ(عاين) أن الموانئ مشلولة تماما منذ (12) يوما بسبب الإغلاق الناتج عن الاضطرابات الشعبية في ولاية البحر الأحمر.

مسؤول نقابي: إذا استمرت الاغلاق ستعود الحياة الاقتصادية في السودان الى التدهور والوفد الحكومي جاء لفك الاغلاق عن ميناء بشائر النفطي بسبب ضغوط دولية.

ويقول الشربيني إن : “الإيرادات الجمركية والضرائب  التي تستقبلها بنوك امدرمان الوطني والسعودي والخرطوم والعمال في مدينة بورتسودان توقفت منذ 12 يوميا ” مقدرا الخسائر المالية جراء الاغلاقات خلال الأيام الماضية بنحو 15 مليون يورو وقال إن الازمة لن تتوقف عند هذا الحد.

أزمة طاقة مرتقبة

وتنتظر خمسة بواخر على رصيف الميناء الجنوبي مابين إجراءات الشحن والتفريغ وكلاهما لا يعملان بسبب الاغلاقات وجراء هذا الوضع ستتحمل الجهات المستوردة والمصدرة غرامات قد تصل إلى 25 ألف دولار يوميا.

يضيف مدير الميناء الشمالي بموانئ بورتسودان جمال مبارك بالقول: “هناك خمسة بواخر في الميناء الجنوبي تنتظر الشحن والتفريغ في وقت أغلقت بوابات الميناء بواسطة المحتجين”.

وقد تتقلص إمدادات الجازولين وغاز الطهي والفيرنس عقب إغلاق المحتجين رصيفا مخصصا “مربط 16” لاستيراد الجازولين وغاز والفيرنس الطهي لفك الاختناقات وتوقف هذه النقطة عن العمل منذ (12) يوما.

محطة وقود بالعاصمة الخرطوم

ويعد رصيف تفريغ شحنات الجازولين وغاز الطهي والفيرنس بمعزل عن “ميناء الخير” المخصص للمشتقات النفطية وأسس الرصيف لفك الاختناقات في الجازولين وغاز الطهي ووقود محطات الكهرباء.

و يستورد السودان شهريا 750 طن من الغاز لتغطية الاستهلاك البالغ 1500 طن وتغطية 50% من الإنتاج المحلي بالاعتماد على مصفاة الخرطوم ما يعني أن نفاد احتياطات الغاز قد يؤدي إلى عودة السوق السوداء لخدمات الجازولين وغاز الطهي مجددا حال نفاذ المخزون الرئيسي.

ويؤكد مدير الميناء الشمالي بموانئ بورتسودان جمال مبارك أن استمرار الاحتجاجات وقت طويلا سيؤدي إلى عودة اعطال الرافعات الجسرية “الكرينات” في الميناء الجنوبي “الحاويات” وقدرت تكلفة صيانتها بداية العام 2020 بحوالي 61مليون يورو.