هل يسبق (البرهان) العملية السياسية بمجلس أعلى يبتلع مهام المدنيين؟

22 فبراير 2023

يعتزم قائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، استباق الاتفاق النهائي مع قوى مدنية وفقا للاتفاق الإطاري الموقع بين الطرفين في الخامس من ديسمبر نهاية العام الماضي بتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة تضم في عضويته ممثلي هيئة الأركان وأعضاء المكون العسكري وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو.

الأسبوع الماضي زار البرهان العاصمة الإماراتية بالتزامن مع وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى هناك وعقد لقاءا محاطا بسرية كاملة جمعه مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

واستولى المكون العسكري على السلطة عبر انقلاب في 25 أكتوبر 2021 وتحت وطأة الاحتجاجات والضغوط الدولية تم توقيع اتفاق إطاري لا يحظى بتأييد المتظاهرين ولجان المقاومة بينما تمسكت به قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” تحت مبررات إنهاء الانقلاب واستعادة مسار الانتقال.

طموحات البرهان

لم تتراجع طموحات البرهان في تكوين المجلس الأعلى وهو مقترح طرح منتصف العام بالتزامن مع محادثات سرية بين قوى مدنية مع جنرالات الجيش وقالت تقارير صحفية الثلاثاء إن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان  يخطط لـ”ايقاف نفوذ”  نائبه محمد حمدان دقلو بحل مجلس السيادة الحالي ووضعه كعضو في المجلس الأعلى بشكل لا يتيح له التحرك في مهام خارجية أو داخلية من الناحية السياسية حسب التسريبات الصادرة أمس على موقع “الجزيرة نت”.

توقيع الاتفاق الاطاري 5 ديسمبر 2022

ويرى الباحث في الشؤون الأفريقية عادل إبراهيم في حديث لـ(عاين)، أن خطوة البرهان “تجد دعما مصريا” بالكامل باعتبار أن القاهرة لديها مخاوف جدية من قوات الدعم السريع وطموحات قائدها سياسيا.

ويعتقد إبراهيم، أن خطوة البرهان لن تكون على حساب الدعم السريع وقائدها بل ستكون على حساب “تحطيم الانتقال والديمقراطية في السودان”. وقال إن “المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأميركية لديها مخاوف من الوجود الروسي في السودان ومن نشاط قوات فاغنر الروسية في أفريقيا الوسطى وإذا حصلت على تعهدات من الجيش بالتراجع عن استضافة روسيا في السودان قد لا تجد واشنطون حرجا من التراجع عن دعم الانتقال والديمقراطية في السودان”.

بينما يرى الباحث السياسي، مصعب عبد الله، أن هناك عوامل كثيرة أدت إلى رغبة البرهان في تكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة لأن الاتفاق الإطاري في مضمونه لم يتطرق إلى وضعية العسكريين، فالحديث عن العودة إلى الثكنات وخروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية “مبهم وغامض”.

غموض (الإطاري)

ويفسر عبدالله، الغموض في موقف المؤسسة العسكرية من العودة إلى الثكنات في الاتفاق الإطاري الموقع بين المكون العسكريين وقوى مدنية أبرزها قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” في الخامس من ديسمبر نهاية العام الماضي بأن الاتفاق كان يجب أن يوضح وضعية العسكريين الذين شغلوا مواقع دستورية بعد الاطاحة بنظام البشير في 11 أبريل 2019.

وأضاف: “الحرية والتغيير تعلم تماما أن الجيش لن يعود إلى الثكنات وسيمارس المكون العسكري مهامه التي درج عليها منذ سقوط البشير بالهيمنة على الملفات الخارجية وملف السلام وملف الاقتصاد”.

ويرى مصعب عبد الله، أن الحرية والتغيير لا تعارض تكوين قائد الجيش المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهي ضمن الشروط التي “نُوقشت سرا” في المحادثات السرية.

كيف حافظ الاسلاميين على سيطرتهم داخل الجيش السوداني؟
قادة المجلس العسكري الذي تشكل بعد 11 ابريل 2019 عقب سقوط البشير

فيما يعتقد الباحث في الشؤون الافريقية، عادل إبراهيم، أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المجلس العسكري لكن هناك اختلاف في التسمية كنوع من التحايل على الانتقال وعدم رغبة العسكريين في الوقت الراهن على الخضوع تحت السلطة المدنية.

يشير إبراهيم، إلى أن المكون العسكري والجنرال عبد الفتاح البرهان سيتسمرون في إدارة الملفات المتعلقة بالعلاقات الخارجية القائمة على مكافحة الإرهاب والتعاون مع الإدارة الأميركية حول الوجود الروسي في أفريقيا الوسطى والسودان وادارة العلاقات مع أثيوبيا انطلاقا من أزمة الفشقة وملف التطبيع مع إسرائيل.

وأضاف: “جميع هذه الملفات ستكون بحوزة البرهان ولن تكون تحت تصرف الحكومة المدنية التي تأتي نتيجة للاتفاق النهائي بين قوى الحرية والتغيير مع العسكريين”.

ضعف أطراف الإطاري

 وكان عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف قلل من المطالب التي تتحدث عن إخضاع المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية. وقال إن “هذه الإجراءات تحتاج إلى وقت”.

يتقدم العسكريون في هذه الفترة بملفات قد تشبه المساومة مع الولايات المتحدة خلال أسبوع واحد تقدمت وزارة الخارجية السودانية بطلب إلى البرازيل والاتحاد الأفريقي لإلغاء القرار 1591 الصادر من مجلس الأمن الدولي في 2005 لوقف الانتهاكات ضد المدنيين في ذلك الوقت في إقليم دارفور والعقوبات حسب القرار الأممي متعلقة بوقف توريد الأسلحة إلى السودان وحظر سفر الأفراد والأصول.

يرى الباحث السياسي محمد عباس في حديث لـ(عاين)، أن الجيش السوداني بشكل موحد لديه رغبة في إلغاء هذا القرار وقد يلجأ إلى مقايضة الولايات المتحدة المؤثرة في مجلس الأمن الدولي بالإلغاء مقابل إبعاد روسيا من المنطقة. ويقول: “كل هذه الملفات ستحدث بمعزل عن الحكومة المدنية عبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يعد البرهان المرشح الأبرز لرئاسته”.

ويضيف عباس قائلا: “الأطراف المدنية في الاتفاق الإطاري ضعيفة من ناحية المطالب فلا يمكن الحديث عن خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية دون تفصيل هذا الأمر بشكل قانوني ملزم ودقيق جدا في الاتفاق”.