22 أبريل 2023
فشلت مساع محلية ودولية لتهدئة الأوضاع الملتهبة في السودان، حيث انهارت هدنة جديدة مدتها 72 ساعة، كان طرفي الحرب الجيش وقوات الدعم السريع التزما بالدخول فيها ابتداءً من مساء الجمعة لأغراض إنسانية.
وتواصلت اليوم السبت المواجهات المسلحة في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم، وسط تصاعد في حصيلة القتلى المدنيين وتفاقم تدهور الوضع المعيشي والإنساني للسكان، فيما بدأت عدد من الدول في عمليات إجلاء دبلوماسييها رعاياها من البلاد.
اشتباكات في الأحياء
وعاشت مناطق في الخرطوم رعباً اليوم على وقع دوي الطائرات بعد طلعات وضربات مكثفة نفذها سلاح الجو التابع للجيش السوداني على تجمعات لقوات الدعم السريع في غرب وشمال مدينة أمدرمان والملازمين وبحري شمالي العاصمة واجهتها الدعم السريع بمضادات ارضية، كما شهد محيط قيادة الجيش بوسط الخرطوم اشتباكات بالأسلحة بين القوات المتقاتلة، وذلك حسبما نقله شهود ومراسلون لـ(عاين).
وبحسب شهود، فإن هجمات السبت، أسفرت عن مقتل 6 أشخاص من أسرة واحدة في حي المنصورة بمدينة أمبدة غربي أمدرمان، بينما شهدت منطقة غرب الحارات بضاحية الثورة شمال أمدرمان تفلتات أمنية وأحداث نهب لمحال تجارية بأسواق صابرين، والخليفة، والـ17.
وحصد الصراع المسلح أرواح 256 شخصاً من المدنيين وإصابة 1454 آخرين، وفق اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، بينما تقول حصيلة لمنظمة الصحة العالمية إن الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع خلفت 413 قتيلاً من المدنيين وجرح 3551 شخصا آخرين.
تفاقمت الأوضاع المعيشية للمدنيين في الخرطوم، بعد نفاد المؤن عن معظم السكان وبروز شح كبير في الخبز وتوقف تام لطلمبات الوقود.
وتفاقمت الأوضاع المعيشية للمدنيين في الخرطوم، بعد نفاد المؤن عن معظم السكان وبروز شح كبير في الخبز وتوقف تام لطلمبات الوقود، ونقل شهود لـ(عاين) أن العديد من الأحياء بالعاصمة السودانية شهدت طوابير أمام المخابز للحصول على الخبز وذلك اثر انقطاع إمداد المخابز بالدقيق من المطاحن المتوقفة بسبب الاشتباكات العسكرية.
وتوالت أيضا عمليات النزوح من العاصمة الخرطوم نحو الأقاليم بحثا عن الامن، وذلك استمرار الاشتباكات وتراجع الوضع الإنساني، وتدهور الحالة الصحية نتيجة توقف 70% من المستشفيات عن العمل.
واتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بإخراج عدد من النزلاء في سجن الهدى غربي أمدرمان. وقال محمد آدم الشهير بـ(توباك) المتهم بقتل قائد شرطة الإحتياطي في مقطع فيديو بثه من منزله عقب مغادرته السجن، إنهم سمعوا أصوات رصاص خارج السجن وعندما استفسروا الحراس ابلغوهم ان مسلحين اقتحموا السجن ومع اشتداد المواجهات قرروا الفرار.
وأضاف “عانينا كثيرا حتى وصلنا الى منازلنا، ساعود واسلم نفسي بمجرد انجلاء هذه الاحداث، فنحن ثوار مع القانون والعدالة وهذا ديدنا لن اهرب وسأعود إلى السجن لأن لي اخوان آخرين مسجونين على ذمة فعل لم نرتكبه”.
مع استمرار الاشتباكات العسكرية بين الجيش والدعم السريع ودخول الحرب السودانية أسبوعها الثاني، بدأت عدد من الدول عمليات لإجلاء رعاياها.
مع استمرار الاشتباكات العسكرية بين الجيش والدعم السريع ودخول الحرب السودانية أسبوعها الثاني، بدأت عدد من الدول عمليات لإجلاء رعاياها في الخرطوم بعد موافقة قائدي الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي على السماح وتأمين قوافل الإجلاء.
وبحسب بيان للمتحدث الرسمي للجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله فإن كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين ستشرع خلال ساعات قادمة في إجلاء دبلوماسييها ورعاياها جواً بطائرات نقل عسكرية تتبع الى القوات المسلحة لهذه الدول. لكن الخارجية الأمريكية اشارت في بيان صحفي الى أن عمليات إجلاء رعاياها لن تتم في الوقت الحالي لأن الظروف الأمنية غير ملاءمة لذلك، وإنها لا تريد تكرار سيناريو الاجلاء الذي حدث عند دخول حركة طالبان للعاصمة الأفغانية.
وفي وقت سابق من يوم السبت، جرى إجلاء البعثة الدبلوماسية السعودية برا إلى مدينة بورتسودان ومنها جواً الى المملكة العربية السعودية وسيتم تأمين مغادرة البعثة الأردنية في وقت لاحق بنفس الأسلوب، وفق متحدث الجيش السوداني.
أظهر البرهان وحميدتي، مرونة كبيرة في تصريحات جديدة بخلاف ما كان يحدث في السابق، وهو ما يشير الى تقدم خيار التفاوض لإيقاف هذه الحرب.
ورغم احتدام المواجهات العسكرية على الأرض، أظهر جنرالي الحرب في السودان، قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان حميدتي، مرونة كبيرة في تصريحات إعلامية جديدة السبت، بخلاف ما كان يحدث في السابق، وهو ما يشير الى تقدم خيار التفاوض لإيقاف هذه الحرب.
وقال البرهان في مقابلة مع فضائية (الحدث) إن “الحرب الحالية عبثية ليس فيها كاسب والخاسر الوحيد هو الشعب السوداني، يجب أن نجلس جميعاً لكي نعيد لهذا الشعب الأمل”، وأضاف: “نناشد ان تتوقف الحرب وتخرج كافة المجموعات المسلحة من الأحياء السكنية. ماضون بأي إجراء يمنع التصعيد وملتزمون بإكمال لعملية السياسية”.
وفيما قال قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان “حميدتي” في تدوينة على حسابه الرسمي بفيس بوك، إنه اتفق مع وزيرة الخارجية الفرنسية خلال اتصال هاتفي السبت على العديد من المسائل الضرورية التي سيكون لها تأثير مباشر على مجمل الأوضاع، مضيفاً “ملتزمون بالوقف الكامل لوقف إطلاق النار خلال فترة التهدئة في السودان”.