(21 أكتوبر) .. دعوات واسعة للتظاهر في السودان وتحذيرات من قوى الثورة المُضادة

20 أكتوبر 2020

بين دعوات مُعلنة وأخرى مُبطنة ورفض صريح، تباينت مواقف القوى السياسية التي يضمها الإئتلاف الحاكم في السودان، حيال الخروج للشارع والتظاهر يوم 21 أكتوبر، للضغط على الحكومة الإنتقالية لتصحيح مسار ثورة ديسمبر وإكمال هياكل السلطة، وتأتي هذه المواقف بالتزامن مع دعوات اطلقها مناصري النظام البائد لإستغلال الزخم الجماهيري للذكرى 56 لإسقاط أول حكم عسكري في البلاد، والمطالبة برحيل حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الأمر الذي احدث نوعاً من الغموض حول المشهد وطرح عدة تساؤلات عن الجدوى من التظاهر.

تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد الحراك الجماهيري خلال ثورة ديسمبر التي اسقطت نظام البشير، كان في مقدمة القوى التي دعت للخروج للشارع في ذكرى 21 أكتوبر، ولم يكتفي التجمع بدعوى الخروج فقط بل اتهم السلطة الانتقالية وحاضنتها الرسمية بإتباع منهج الإلهاء والحلول الجزئية وعدم الإعلان عن مسار وخطوات وضع الشركات الحكومية والرمادية تحت سيطرة وزارة المالية، وإنهاء نزيف الموارد وسطوة الاقتصاد الموازي، فيما تدحض مواقف مجلس السيادة والملفات التي يمسكها، بخاصة شقه العسكري، مزاعم صفته التشريفية.

وأوضح التجمع أن دعوته للخروج في 21 أكتوبر، هي للتأكيد على أن طريق التغيير السلمي الديموقراطي الذي مضى فيه الشعب وارتضاه لا يرتبط بأشخاص أو حكومات، بل تتجدد فيه الدماء كلما اقتضى الحال، وأن السلطة الانتقالية مطالبة بتغيير ما بها قبل فوات الأوان.

رؤية خاطئة

وفي تعليقه على موقف التجمع الذي اتسم بالحدة تجاه الحكومة الإنتقالية، أكد عضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين حسن فاروق، أن الثورة مطلوبات وأهداف يجب تنفيذها، وأعتبر جرد الحساب بعد عام من تشيكلها يؤكد اخفاق الحكومة الإنتقالية في إدارتها لمعظم الملفات.

رفع إعتصام بلدة "مورني" بعد استجابة حكومة غرب دارفور علي مطالب المعتصمين
رفع معتصمو بلدة “مورني” بولاية غرب دارفور غربي السودان اعتصامهم الذي استمر لاربعة أيام بعد إلتزام والي غرب دارفور بتنفيذ مطالبهم كاملة خاصة فيما يتعلق بقبض المتهمين في مقتل اثنين من النازحين المزارعين بجانب تأمين الموسم الزراعي

فيما رفض أن يكون موقفهم داعماً لدعوات مناصري النظام البائد الرامية لإسقاط حكومة حمدوك، وقال لـ (عاين) “إن هذا جانب من الرؤية الخاطئة للمشهد السياسي، بجعل الثورة في موضع ندية مع النظام البائد، وهذا الإتجاه يذهب إليه من يحاولون تعطيل الخط الثوري، والتلميح بأن التمسك بالحكومة الحالية يقط الطريق أمام العسكر للإنقضاض على السلطة “.

وأشار فاروق إلى أن الوعي الذي تتمع به الجماهير أكبر من استيعاب ما وصفها بالترهات التي تُطلق على مواقف التجمع، وأن المواكب التي تخرج في كافة المناسبات الوطنية تؤكد أن الثورة ما زالت مستمرة.

ضغط لتحقيق مطالب الثورة

أما تحالف قوى الإجماع الوطني والذي يضم مجموعة من الأحزاب ابرزها الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الإشتراكي (الأصل), أعلن مشاركته في مواكب 21 أكتوبر، والتي وصفها بمواكب حماية الثورة، فيما دعا الجماهير للمشاركة فيها، وتفويت الفرصة على أعدائها الذين يسعون لاستغلال هذه المناسبة للنيل منها ومن السلطة الانتقالية بإستخدام العنف.

وفي موقف منفصل أكدت سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني أن مواكب 21 أكتوبر، ستكون خطوة مهمة في طريق تفكيك النظام البائد وتصفية وجوده في جهاز الدولة المدني والعسكري وإحلال عناصر نزيهة محله كأمر لازم لتحقيق المطالب التي ثار من اجلها الشعب، ولتصحيح مسار الثورة و بناء الدولة المدنية، إضافة لمواصلة الحراك والضغط على السلطة بشقيها التنفيذي والسيادي حتى تحقيق مطالب الثورة كاملة.

وفي ذات السياق اوضح حزب البعث العربي الإشتراكي (الأصل) أن دعوته للخروج في ذكرى 21 أكتوبر، تأتي من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية بالشروع الفوري في تشكيل المجلس التشريعي، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، وتخفيف الضائقة المعيشية على المواطنين بالتزام الحكومة الإنتقالية الصريح بالبرنامج الانتقالي لقوى الحرية والتغيير، والدفاع عن تطلعات القاعدة الاجتماعية التي فجرت ديسمبر، ورفض روشتة الصندوق والبنك الدوليين.

مخاوف ورفض

لكن حزب المؤتمر السوداني الذي ينضوي تحت مظلة تحالف قوى نداء السودان، كان أقل وضوحاً في موقفه من الحراك الجماهيري المُقرر له 21 أكتوبر، بينما أعرب عن تخوفه من استغلال عناصر النظام البائد للحدث لتخريب الفترة الإنتقالية، وشدّد الحزب على التمسك بالسلمية والوعي وتفويت الفرصة على أذيال النظام البائد، التي قال انها تعمل على توظيف الحراك الجماهيري لتخريب الفترة الانتقالية، وتجتهد في وضع العراقيل لتعطيلها، و تهدف للإنسلال وسط الجماهير وحرفها عن أهدافها.

فيما ذهب حزب الأمة القومي، والذي ينضوي ايضاً تحت مظلة تحالف قوى نداء السودان، في اتجاه الرفض الصريح لدعوات الخروج يوم 21 اكتوبر، وقال إن الخروج، في هذا اليوم يدعم مخططات قوى الردة والتآمر على الثورة، وان تلك القوى تنادت إليه بكل طوائفها، وناشد الحزب كافة الثوار، بتفويت الفرصة على من وصفهم بالمتربصين بها والعمل على تحقيق مطالب الإنتقالِ الثورية عبر الحوار البناء مع حكومتهم، التي أتوا بها وارتضوها، وإن تطلب الأمر تعديلها أو إعادة تشكيلها.

لا تفويض للجيش

مواقف الكُتل الثورية ممثلة في لجان المقاومة ومنظمة (أسر شهداء ثورة ديسمبر)، فقد انقسمت بين التأيد والتحفظ على دعم الحراك الجماهيري في 21 اكتوبر، وأكدت (غرفة تنظيم مليونية 21 اكتوبر)، التي تضم عدد من لجان المقاومة والأجسام الأخرى المؤيدة للخروج للشارع، أن القصاص العادل من القتله والمجلس التشريعي الثوري والبرنامج الاقتصادي البعيد عن الترضيات والايدولوجيات ومعيشة المواطن اليسيرة هي حقوق واجبة على من اتوا بتضحيات تنفيذها.

ذكرى "المجزرة ".. هل تطال التسوية ملف شهداء الثورة السودانية؟
لا شيء يتسيد المشهد السوداني في الذكرى الاولى لـ”مجزرة فض اعتصام القيادة العامة” في الثالث من يونيو 2019، سوى حالة الإحباط التي تسيطر على مناصري الثورة السودانية وذاكرتهم تستدعى المشاهد الدموية لـ”المجزرة” التي حدثت امام مقر قيادة الجيش وخلفت قتلى وجرحى ومفقودين، وسط تعثر بائن في عمل لجنة التحقيق التي شكلتها حكومة التسوية السياسية مع تصاعد المخاوف من أن تطال التسوية ملف العدالة في “المجزرة” وحقوق مئات الشهداء والجرحى والمصابين.

الأمين العام لمنظمة (أسر شهداء ثورة ديسمبر) كشة عبدالسلام، قلل من إمكانية إستغلال انصار النظام البائد للحراك الجماهيري خلال موكب 21 أكتوبر، وأكد أن الموكب سيتم تأمينه بشكل كامل بواسطة لجان المقاومة والكُتل الثورية.

وأضاف لـ (عاين) “قادرون على تأمين الموكب لمنع التفلتات التي يمكن أن تحدث بواسطة القوى المضادة للثورة”، فيما قطع بعدم وجود نية لتوجيه الموكب نحو القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة الخرطوم.

وقال: “لايوجد إتجاه للذهاب للقيادة العامة للجيش لتفويضه لإستلام السلطة كما يحاول أن يشيع انصار النظام البائد”، وتساءل “نحن نريد محاكمة المجلس العسكري الإنقلابي على الجرائم التي ارتكبها بحق ابنائنا، فكيف نذهب لتفويضه لإستلام السلطة؟”.