متظاهرون سودانيون يقاومون القمع لساعات في محيط قصر الرئاسة
14 مارس 2023
تمكن مئات المحتجين ضد الانقلاب العسكري اليوم الثلاثاء، من إحكام الحصار على وسط العاصمة السودانية من نقطتين رئيسيتين للوصول إلى القصر الجمهوري رغم الاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع من قبل قوات الشرطة والظهور اللافت لسيارات أمنية دون لوحات عليها ملثمون واعتقال متظاهرين.
وقاوم المتظاهرون لساعات طويلة تشكيلات أمنية مختلفة في الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي قبل أن تعزز قوات الأمن وجودها وتضطر المحتجين للتراجع جنوبي الخرطوم.
وتحرك المئات من وسط الخرطوم في شارع السيد عبد الرحمن للوصول إلى محيط القصر الرئاسي اليوم الثلاثاء وهي نقطة احتجاجات اتخذها قادة الحراك السلمي لتنويع الوسائل ضد العسكريين.
انتشار أكثر من 7 سيارات “بوكس” عليها رجال أمن ملثمون ومن دون لوحات في محيط التظاهرات محطة شروني.
وبحسب ما رصدت شبكة (عاين)، انتشار أكثر من 7 سيارات “بوكس” عليها رجال أمن ملثمون ومن دون لوحات في محيط التظاهرات محطة شروني. وشوهد معتقلون بداخلها كما أنها عمدت على التحرك في الشوارع الجانبية لأحياء الخرطوم 2 و 3 أثناء عمليات الكر والفر بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وكانت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم حددت القصر الجمهوري وجهة للمتظاهرين في مليونية 14 مارس اليوم الثلاثاء للمطالبة بالحكم المدني وإسقاط الانقلاب العسكري.
وتصدرت الاحتجاجات اليوم “الفوضى الأمنية” التي ضربت بعض مقار الشرطة اليومين الماضيين حيث رفع محتجون قصاصات ورقية كتبوا عليها “تمازج كيف ..كيف” في إشارة إلى قمع الشرطة للمحتجين وعدم القدرة على التعامل مع حركة تمازج المسلحة التي اقتحمت قسم شرطة الخرطوم شمال الأحد الماضي للإفراج عن أحد عناصرها.
كما تظاهر المئات في محطة شروني في موكب وصل إلى هذه النقطة من جنوب الخرطوم “تقاطع باشدار” وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للعسكريين ووزير الداخلية في أعقاب اتهامات بالفساد يواجها الوزير المقرب من قائد الجيش.
وشوهدت قوات الشرطة وهي تتخذ موقعها قرب معمل ستاك المركزي طوال ساعات الظهيرة بينما وقف المئات من المتظاهرين في تقاطع يفصل بين الجانبين وفي وقت لاحق قامت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
الشرطة تطرح مبادرة وتحدد ساحة الحرية في الخرطوم وساحة ميدان المولد في محلية شرق النيل وميدان الخليفة في أم درمان وميدان عقرب في الخرطوم بحري.
وفي خطوة تهدف لامتصاص الغضب المتصاعد ضد وزارة الداخلية وقوات الشرطة طرحت مبادرة اليوم متعهدة بحماية التظاهرات السلمية وحددت ساحات رئيسية للتظاهر وهي ساحة الحرية في الخرطوم وساحة ميدان المولد في محلية شرق النيل وميدان الخليفة في أم درمان وميدان عقرب في الخرطوم بحري.
ودعت مبادرة الشرطة التي بثتها على منصات إعلامية محلية اليوم الثلاثاء وسمتها “مبادرة التعبير السلمي الديمقراطي وفقا للقانون”، للتنسيق وتبادل المعلومات مع لجان المقاومة لتجنب الاحتكاك والمساعد على ضبط المجرمين. كما أشارت المبادرة إلى أن الالتزام بالموجهات والتقيد بالمسارات يضمن ممارسة حضارية.
متظاهر يقلل من مبادرة الشرطة ويقول: “الغاية أن تحمي القوات الأمنية المحتجين في المواقع التي يريدون التظاهر بها دون أن تحدد لهم الوجهة مسبقاً”.
بالمقابل يقلل ضياء الدين وهو أحد المشاركة في موكب شروني اليوم، من مبادرة الشرطة. وقال إن “الغاية أن تحمي القوات الأمنية المحتجين في المواقع التي يريدون التظاهر بها دون أن تحدد لهم الوجهة مسبقاً.. أي من دخل هناك فهو آمن”.
وأضاف: “إذا كانت التظاهرات قرب القصر لماذا لا تحمينا الشرطة … لا توجد مواقع استراتيجية في المدن لأنها منطقة المدنيين نحن لم نذهب ونتظاهر في مواقع وأهداف عسكرية نحن نتظاهر قرب مقار مدنية مهمتها الاستجابة لمطالب الشعب”.
وتزايدت الضغوط على وزارة الداخلية منذ مقتل متظاهر في شرق النيل في 28 فبراير الماضي برصاص ضابط في الشرطة اقتيد إلى التحقيقات تحت ضغط الرأي العام المحلي.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالشق المدني عن السلطة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021 أوكل قائد الجيش مهام مكافحة الاحتجاجات لقوات الشرطة وتقول منظمات مستقلة إن عدد القتلى برصاص القوات الأمنية بعد الانقلاب وصل إلى 125 متظاهرا وأغلبها تواجه الشرطة اتهامات بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز مباشرة على المحتجين.
وفي أم درمان تظاهر المئات قرب مقر البرلمان في مليونية 14 مارس استجابة لدعوات تنسيقية لجان مقاومة ولاية الخرطوم ورددت هتافات مناوئة ضد الشرطة والعسكريين مطالبة بإقالة وزير الداخلية ووزير المالية جبريل إبراهيم.
ورغم أن موكب أم درمان في البرلمان لم يكن معلنا في جدول تنسيقيات لجان المقاومة إلا أن المتظاهرين أطلقوا “غنجة” لإنهاك قوات الأمن وتنويع وسائل المقاومة الشعبية للانقلاب العسكري.
وقال حامد الذي شارك في موكب أم درمان لـ(عاين)، إن المتظاهرين اقتربوا من مبنى البرلمان ووضعوا أعلام لجان المقاومة في تحد واضح للقوات الأمنية التي تمركزت قرب هذا المبنى منذ وقت مبكر.
واستخدمت قوات الأمنية تكتيكاتها المعتادة في الاعتماد على سرعة المركبة الأمنية التي تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود من محيط البرلمان.
أما في وسط الخرطوم تمكن المئات من المتظاهرين من الوصول إلى شارع السيد عبد الرحمن وترديد هتافات “صحة وتعليم مجاني العسكر للثكنات”.
وذكر شهود لـ(عاين)، إن المتظاهرين في السوق العربي وصلوا إلى وسط العاصمة السودانية قريبا من برج الذهب لأول مرة منذ شهور طويلة وأطلقت القوات الأمنية الغاز بكثافة عالية لتفريق المتظاهرين.
وتقول مآب التي شاركت في الاحتجاجات وسط العاصمة السودانية لـ(عاين)، إن البنية العسكرية التي استولت على السلطة في طريقها إلى التصدع والخلافات وملفات الفساد في وزارة الداخلية والفوضى الأمنية دلالة على هذا التصدع”.
وتقول مآب، “الاحتجاجات التي تكافحها القوات الأمنية سترجح كفتها لاحقا بإنضمام عشرات الآلاف من السودانيين لأن الانقلاب ليس لديه ما يقدمه لهم سوى المزيد من الضرائب”.
وأردفت: “بشكل شبه يومي تحدث احتجاجات في أكثر من أربعة مناطق في العاصمة السودانية لم تتوقف منذ عام ونصف كفيلة بإسقاط العسكريين يوما ما”.