قتل واعتقالات وقص شعر الشباب.. اسلحة الانقلابيين لقمع الاحتجاجات
10 أكتوبر 2021
لجأ الانقلابيون الجدد في السودان إلى اشكال متعددة من القمع وإعمال القتل وتنفيذ اعتقالات بحق المتظاهرين في الشوراع واستهداف قادة لجان المقاومة في احياء العاصمة السودانية الخرطوم والولايات، إلى جانب مظاهر متعددة من التعنيف من ضرب واذلال عبر حلق رؤوس الشباب المتظاهرين. وتنفذ هذه الاعتقالات بحسب معتقلين مفرج عنهم عبر قوة مشتركة تضم الجيش السوداني والدعم السريع وأفراد من الاستخبارات العسكرية.
” اثناء مروري بشارع الغابة غربي العاصمة الخرطوم اوقفني جنود من قوات الدعم السريع صبيحة يوم 25 أكتوبر الماضي بعد تنفيذ الجيش انقلابه على السلطة في البلاد، وطلب الجنود مني الجلوس على الأرض وعمدوا على الفور في قص شعري بطريقة عشوائية”. يقول صالح عمر صالح 23 عاما لـ(عاين) ويضيف، ” لم أكن لوحدي هناك شاب آخرين رأيت الجنود ينفذون بحقهم نفس العملية ويجلسونهم على الأرض وشباب آخرين تم ضربهم”.
أعاد هذا المشهد صالح إلى مشاهد يصفها بـ المذلة إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير وثورة السودانيين ضده في ديسمبر 2018. ويقول صالح إنه اكتفى بالصمت والمثول لكل أوامر الجنود حتى لا يتعرض لمزيد من الإذلال وربما الاعتقال.
ضرب واذلال
ويوثق عضو عضو لجان مقاومة بري، محمد تاج السر، لتعرض عدد من شباب أحياء البراري شرقي العاصمة تعرضوا للضرب بأعقاب الاسلحة وآخرين تم حلق شعرهم بجانب تعرضهم للعنف اللفظي والجسدي. وأضاف ” هناك حالات كثيرة لكن لم نحصها”.
مساء الثلاثون من اكتوبر أرغمت قوة أمنية بشارع “الهوا” جنوبي العاصمة ستة شباب على النزول من احدى المركبات العامة كانوا يستغلونها أثناء عودتهم من شارع الستين بعد مشاركتهم في الاحتجاجات المناوئة للانقلاب العسكري، وبحسب أواب ابراهيم لـ(عاين)، أنه تم انزالنا من المركبة وطلبوا منا الجلوس على الأرض خافضين رؤوسنا. وبعد دقائق معدودة أتى فردين من القوة التى لم نتبين هويتها. ويشير أواب إلى أن احدهم يحمل شفرة حلاقة تقليدية وقام بحلاقة شعري من المنتصف وهددني في حال قاومت سيقوم بإستخدام السكين بدلاً من الشفرة وحلق رأس شاب آخر من الخلف قبل أن يطلب منه الضابط أن يتوقف عن الحلاقة فيما تولى الفرد الآخر ضربنا برجليه والعصاة واطلق سراحنا بعد ساعة تقريباً وتم تهديدنا بالحبس أن تواجدنا في المكان. ويضيف أواب” نحن كشباب ثرنا ضد هذه الممارسات المهينة وسنواصل في الخروج الى الشوارع ان تتحقق مطالبنا بالحرية والعدالة “.
مخالفات قانونية
ولا تستند هذه الاعتقالات بحسب القانوني وعضو الجبهة الديمقراطية للمحامين وائل على سعيد، اسانيد قانونية لاسيما الحادثة الاخيرة لإعتقال 119 من المعلمات والمعلمين أثناء تنفيذهم وقفة احتجاجية داخل مقر وزارة التربية والتعليم وسط العاصمة الخرطوم تندد بالانقلاب العسكري.
وبعد أن أطلقت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع واستخدمت القوة والضرب بالعصي لتفريق المحتجين داخل مبنى الوزارة، نفذت عمليات اعتقال واسعة وسط المعلمين. ويقول سعيد هنا “بدأت ربكة الإجراءات القانونية حيث جرى نقل هذا العدد الكبير من المعتقلين إلى قسم المقرن بالخرطوم عبر القوات العسكرية المشتركة.
ويضيف المحامي وائل سعيد الذي باشر مع محامين آخرين الاجراءات القانونية لـ(عاين)، “لم يعرف وكيل النيابة في القسم ماذا يفعل بهذا العدد الكبير من المعتقلين والإجراءات التي تمت لاعتقالهم، وأثناء حديث المحامين مع وكيل النيابة جرى نقل المعتقلين من قسم المقرن إلى مقر القيادة العامة للجيش وامضوا هناك ساعات دون اي اجراءات قانونية بحقهم قبل أن يتم تحويلهم مجددا إلى قسم المقرن”.
ويشير سعيد إلى أنه بعد عودة المعتقلين إلى قسم المقرن ابلغ المسؤولون في القسم بأنهم سيقومون بإجراءات اطلاق سراح المعتقلين لجهة عدم وجود بينات بحقهم، وحتى قانون الطوارئ المفعل في البلاد عقب انقلاب 25 أكتوبر الماضي لم تصدر له لوائح ومراسيم قانونية. ووثقت منظمات مدنية مستقلة حتى يوم الأحد الماضي 115 معتقلا سياسيا في العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من مدن الولايات.
تلجأ الشرطة السودانية لفتح بلاغات متعلقة بالازعاج العام من القانون الجنائي المادتين 69 و70 ، وينوه المحامي وائل على سعيد إلى ترافعه عن اثنين من الشباب الذين جرى اعتقالهم من مواكب الثلاثين من أكتوبر الماضي، ويشير إلى أن القضاة لا يتوانون في اطلاق سراحهم لأن المواد الجنائية المفتوحة في المعتقلين في العادة تحتاج إلى بينات حول الشغب الذي قاموا به وفي أي مكان إلى جانب أي نوع من الإزعاج الذي سببوه. ويضيف سعيد “في الغالب لا تتوفر هذه البيانات ويشطب البلاغ”.
فصل تعسفي
من بين الاجراءات القمعية التي انتهجها الانقلابيون في السودان، وإلى جانب اجراءات حل الحكومة وولاة الولايات، لجأ القائد العام للجيش إلى إصدار مراسيم عديدة متعلقة بدواوين الحكومة والخدمة المدنية واعفاء مسؤولين وتكليف آخرين بشؤون ادارة هذه الهيئات الحكومة. وبدورهم لجأ المدراء المكلفين لعمليات اعفاء واسعة للموظفين، ويقول المحامي والمتابع لقضية فصل 200 موظف من ديوان الضرائب وائل سعيد لـ(عاين)، ان اجراءات الفصل التي تتم بحق الموظفين باطلة قانونا.
ويشير سعيد إلى انه لا يحق قانونا للقائد العام للجيش التدخل في الخدمة المدنية. ويضيف، ” نقدم الدعم القانوني لمثل هذه المجموعات ونحثهم عبر تنظيماتهم النقابية بان الإجراءات بحقهم مخالفة للقانون وعليهم ان لا يتوقفوا عن مزاولة عملهم إلا بقرار من المدراء المباشرين وفي هذه الحالة سنلجأ لمحكمة الطعون الإدارية لإلغاء القرار”.