جنوب كردفان: اغتصاب واسع النطاق للنساء في جبال النوبة

عاين- 16 ديسمبر 2024

أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، بأن  مقاتلي قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها اغتصبوا عشرات النساء والفتيات، بما في ذلك في سياق العبودية الجنسية، في ولاية جنوب كردفان السودانية.

وترسم نتائج المنظمة، التي وثقت 79 حالة اغتصاب لفتيات ونساء تتراوح أعمارهن بين 7 و50 عاماً، صورة مروعة لاستهداف النساء في منطقة جبال النوبة بولاية جنوب كردفان.

وكانت أغلب هذه الحالات عبارة عن اغتصابات جماعية وقعت في مدينتي هبيلا وفايو وحولهما ، وتوضح تفاصيل حالات اعتدى فيها جنود قوات الدعم السريع على هؤلاء النساء في منازلهن ــ بل وحتى حالات احتجاز الناجيات في الأسر كعبيد جنسيين.

وبحسب إحدى الناجيات التي ورد أسمها في تقرير هيومن رايتس ووتش، اختطف أفراد من قوات الدعم السريع “هانيا” البالغة من العمر 18 عاماً وجارتها البالغة من العمر 17 عاماً من منزلهما في فايو بولاية جنوب كردفان. وذكرت هيومن رايتس ووتش أن الجنود أخذوا جارتها و16 فتاة أخرى إلى الدبيبات، على بعد 85 كيلومتراً شمال فايو. ومن هنا، احتجز نحو 100 جندي من قوات الدعم السريع 33 امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 13 و28 عاماً. وكان الجنود يأتون في مجموعات من ثلاثة ويغتصبونهن بشكل منهجي في الصباح والمساء. وبالكاد يتم إطعامهن ومقيدات مثل الحيوانات، حملت العديد من النساء من الاعتداءات. وظلت هانيا أسيرة لمدة ثلاثة أشهر حتى تمكنت من الفرار.


صور الأقمار الصناعية تظهر تدمير المنازل في هبيلة، جنوب كردفان (هيومن رايتس ووتش)

وبحسب هانيا، قال مقاتلون في الدبيبات إن منشأتين أخريين تابعتين لقوات الدعم السريع في المنطقة تؤويان مجموعات أخرى من النساء والفتيات. ورغم فرار هانيا في نهاية المطاف، إلا أن عقلها لا يزال محاصراً، ويتعرض للتعذيب المستمر عندما تتذكر ما تحملته. وقالت هانيا لـ هيومن رايتس ووتش: “لا أعتقد أنني سأكون بخير، فأنا أشعر بالاكتئاب الشديد وأبدأ في البكاء كل يوم“.

وسلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على الافتقار إلى العدالة والدعم للناجيات. وأعربت إحدى الناجيات عن يأسها قائلة: “لا أحد يستطيع مساعدتنا. ليس لدينا خيار سوى الأمل في التغيير من جانب أصحاب السلطة“.

“هانية” اختطفت من منزلها في الفيو (هيومن رايتس ووتش)

وقد تم تبادل النتائج مع السلطات المعنية والهيئات الدولية، ولكن حتى الآن، لم يكن هناك سوى القليل من الاستجابة أو الاعتراف بهذه الحوادث، وفقًا للتقرير. وكشفت هيومن رايتس ووتش أنها في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، شاركت ملخصًا لنتائجها والأسئلة ذات الصلة مع الجنرال محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، لكنها لم تتلق ردًا.

تقول سارة*، وهي ناشطة لديها أسرة محاصرة في الولاية، إن التحديات الهائلة التي تواجهها النساء في ولاية جنوب كردفان تعكس السكان بالكامل. وتصف سارة، التي فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، الوضع المزري المتمثل في الاختطاف والمجاعة والعنف الذي تفاقم بسبب الغياب شبه الكامل للمساعدات الإنسانية.

وتضيف سارة: “يتعرض الناس في كردفان لشتى أنواع الوحشية، مثل الخطف والتجويع القسري ومنع المياه وغير ذلك الكثير. لقد كانوا وما زالوا يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة والصمود كل يوم“.

تروي سارة التجارب المروعة التي مرت بها أسرتها. فقد اختطفت قوات الدعم السريع في منطقة سوداري عمها مؤخرًا وطالبت بفدية من الذهب، وهو مبلغ مستحيل بالنسبة للعديد من الناس في الولاية. ورغم إطلاق سراحه في النهاية، فإن التواصل مع أقاربها لا يزال خطيرًا ومتقطعًا. وتستخدم الأسرة هواتف متعددة لتجنب الكشف عنها، ولكن قد تمر أيام أو أسابيع دون اتصال.

إن الغذاء شحيح، وتعتمد الأسر على القليل من الغذاء الذي يمكنها زراعته أو تهريبه. وتتسبب المياه الملوثة، التي يتقاسمها الحيوانات، في انتشار أمراض المعدة على نطاق واسع. ويلجأ كثيرون إلى أكل العشب أو الأوراق أو حتى التربة لتجنب المجاعة. وقد قلصت أسرة سارة وجباتها إلى وجبة واحدة فقط في اليوم، مع إعطاء الأولوية للأطفال وكبار السن.

خريطة مناطق الدلنج وهبيلا بجنوب كردفان (أوتشا)

تعاني والدتي من الربو وارتفاع ضغط الدم، وتعاني جدتي من قصور في القلب”، كما توضح سارة. وتتابع: “إنهم يحتاجون إلى أنظمة غذائية وأدوية محددة، ولكنهم لا يحصلون حتى على ما يكفي من الطعام للبقاء على قيد الحياة؛ وفي بعض الأحيان يضحي أصغرهم بوجبته الوحيدة حتى يتمكنوا من تناول الطعام“.

وتقول إن العنف الجنسي منتشر على نطاق واسع، حيث يتم استهداف النساء والفتيات في كثير من الأحيان بهجمات عشوائية. وتقول: “هناك العديد من حالات العنف الجنسي والاغتصاب، لكن الضحايا طلبوا منا عدم الحديث عنها لأنهم ما زالوا يعانون مما حدث لهم”. وتوضح أن الناجيات يعانين من صدمات جسدية وعاطفية، وغالبًا ما يصبن بعدوى شديدة مثل الأمراض البكتيرية والفطرية نتيجة للانتهاكات.

وتحاول سارة ونشطاء آخرون إرسال الأدوية والبطانيات لمساعدة الفتيات، اللاتي يعانين من العدوى الناجمة عن العنف.

منذ اندلاع الصراع العسكري في السودان قبل عشرين شهرًا، كانت قوات الدعم السريع شبه العسكرية محور مزاعم بارتكاب فظائع واسعة النطاق في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وترسم التقارير الواردة من الناجين ومنظمات حقوق الإنسان وبعثات البحث صورة قاتمة للانتهاكات المنهجية، بما في ذلك العنف الجنسي والعبودية القسرية والاختطاف.

* اسماء مستعارة لحماية الهوية

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *