يدرس تجربة الإمارات.. هل يلجأ السودان لخصخصة الخدمة العامة؟
31 أغسطس 2021
بالتزامن مع زيارة وفد إماراتي الى العاصمة السودانية أفصحت الحكومة الانتقالية عن معلومات وصفتها وسائل الإعلام بالشحيحة بشأن مشروع مشترك بين البلدين لإصلاح الخدمة المدنية عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير وعقب عامين من تشكيل السلطة الانتقالية ومواجهة المدنيين صعوبة في تسيير الأمور بالمؤسسات الحكومية.
ورفض وكيل وزارة العمل والإصلاح الإداري يوسف الطيب الإدلاء بمعلومات دقيقة عن مذكرة التفاهم التي وقعت بين السودان والإمارات والتي ادت إلى وصول الوفد الإماراتي واكتفى بالقول :”هذه مشاريع متعلقة بالحكومة الالكترونية ومشاريع أخرى مدرجة في مذكرة التفاهم” ويضيف الطيب: “الحكومة الإلكترونية ضمن أهداف هذا المشروع الذي يحتوي على عدة مشاريع في هذا الصدد باعتبار أن النموذج الإماراتي هو من أفضل النماذج في المنطقة فيما يتعلق بأداء الخدمة المدنية”.
وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ووزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر ووزيرة العمل والإصلاح الإداري تيسير النوراني عقدوا الاحد اجتماعا مع وفد إماراتي برئاسة عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل.
وعبر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن إعجابه بتجربة دولة الإمارات في مجال العمل الحكومي مؤكدا رغبة السودان في الاستفادة منها وقال إن الاتفاق الثنائي بين البلدين سيسهم في وضع برنامج لمساعدة الحكومة في معالجة الخدمة المدنية باعتبارها واحداً من أكبر تحديات الانتقال التي تتطلب معالجات تساعد في خلق خدمة مدنية محترفة تستطيع القيام بالدور المطلوب منها في تنفيذ الخطط والبرامج بشكل علمي منهجي.
استيراد النموذج الإماراتي
من جهتها أكدت عهود الرومي في اللقاء الذي عقد في مقر مجلس الوزراء بالعاصمة السودانية أن حكومة دولة الإمارات بتوجيهات محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي تركز على تعزيز التعاون المشترك مع حكومات الدول الشقيقة والصديقة في إطار سعيها لترسيخ علاقات شراكة متميزة وبناءة هدفها تعزيز مسيرة التنمية.
ويصف المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين وليد علي أحمد المشروع المشترك بين الإمارات والسودان بالغامض وغير الشفاف ويلفت إلى أن الخدمة المدنية علاجها بالداخل عبر تفكيك التمكين.
وأوضح أحمد لـ(عاين) أن المشروع الإماراتي تحدث عن الحوكمة لكن يمكن إنجاز هذا المشروع بخبرات سودانية وهي مشاريع إصلاحية معنية بتفكيك تضارب الاختصاصات بين مؤسسات الدولة.
ويؤكد وليد علي أحمد، أن المشكلة الأساسية في الخدمة المدنية بقاء العناصر الاسلامية الموالية للمخلوع. ولفت إلى ان لجنة التفكيك وإزالة التمكين لم تتمكن من إنهاء التمكين.
أسرار الدولة
وتابع: “لا يمكن إصلاح الخدمة المدنية في ظل استمرار تمكين الإسلاميين”.
وأكد أن بعض الوزراء الذين جرى تعيينهم مؤخرا في الحكومة الانتقالية الثانية أعادوا جميع المدراء الموالين للمخلوع وكأن شيئا لم يكن.
ورأى وليد، أن تسليم إصلاحات الخدمة المدنية لجهات أجنبية يعد امرا خطيرا لأن أسرار جهاز الدولة داخل الخدمة المدنية. وأضاف: “يمكن نقل خبرات بعينها أو إرسال عناصر للتدريب في أي دولة اجنبية لكن لا يمكن استيراد خبراء لإصلاح الخدمة المدنية”.
تهيئة الخصخصة
لكن الخبير في الحركة النقابية محجوب منوفلي ينتقد خطوة الحكومة للاتفاق مع دول خارجية لرفع كفاءة الخدمة المدنية وإصلاحها ويستدل على فشل النظام الإلكتروني في الخدمة الحكومية بالتعقيدات التي تواجه ملايين المواطنين في استخراج الوثائق الشخصية والجوازات في هذا الوقت.
وقال منوفلي لـ(عاين) إن السودان يعاني من سوء الإدارة يجب على الحكومة العمل على إنهاء ذلك بالإصلاحات والقوانين وتعيين الكفاءات في المواقع الحكومية.
ويرى منوفلي أن تنفيذ مشاريع متعلقة بالخدمة المدنية بواسطة جهات خارجية أمر غير مقبول.
بينما يؤكد عماد عبد الرحمن المختص في شؤون الخدمة المدنية في حديث لـ(عاين) أن ما يحدث نتيجة طبيعية لـ”تغييب متعمد” لمفوضية الخدمة المدنية المنصوصة عليها في الوثيقة الدستورية.
وقال عبد الرحمن، إن الاستعانة بالخبرات الأجنبية وتعطيل مفوضية الخدمة المدنية طبيعي جدا لحكومة تمضي نحو الانفتاح الاقتصادي الشرس بخصخصة مؤسسات القطاع العام.
وأشار إلى أن التعاون بين السودان والإمارات يأتي في إطار نقل تجربة الإمارات وهي خصخصة الخدمات العامة في ظل رغبة ملحة لحكومة حمدوك لتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي بتسليع الخدمة العامة.
وتابع: “ينبغي أن يعلم الجميع ان الاصلاح المقصود للخدمة المدنية في نظر حكومة حمدوك خصخصة هذا القطاع بالكامل”.