الشهود في محاكم قتلة شهداء الثورة السودانية.. حماية قانونية بعد تهديد

22 سبتمبر 2020

قادت لجان المقاومة في السودان حملة لحماية الشهود في المحاكم الجارية بعدد من مدن السودان عقب ثورة ديسمبر بعد تلقى العديد من الشهود تهديدات من عناصر أمنية ونظامية الأمر الذي اصدرت على اثره رئيسة القضاء نعمات عبدالله منشورا يحمي الشهود في قضايا القتل التي طالت العشرات برصاص القوات النظامية أثناء الاحتجاجات ضد الرئيس السابق عمر البشير.

واستندت لجان المقاومة في حملتها لإصدار تشريع لحماية الشهود تأكيدها ان بعضهم تعرض لاستفزاز داخل قاعة المحكمة، ما يؤثر سلبا على الأدلاء بشهاداتهم، الأمر الذي يؤدي إلى ضياع أهم مبادئ الثورة المتمثلة في العدالة، بجانب أن إثبات الجرائم التي لها صلة بشهداء الثورة تعتمد أساسا على شهادة الشهود الذين أغلبهم من صغار السن ولا يملكون خبرة بالإجراءات القانونية.

والزم المنشور المحاكم باتخاذ تدابير احترازية لحماية الشهود والمجني عليهم والمبلغين والخبراء الذين يدلون بشهادتهم، وكذلك حماية الأقارب. وفي خضم ذلك يبرز السؤال الاساسي بانه كيف للتشريع أن يحمي الشهود من ابتزاز الاجهزة النظامية للدولة وعنفها وقمعها.

الشهود في محاكم قتلة شهداء الثورة السودانية.. حماية قانونية بعد تهديد
يقول أحمد الزبير من منظمة العفو الدولية، إن قرار رئيسة القضاء الأخير، يساعد ويحمي الشهود أثناء الإدلاء بأقوالهم في المحاكم

اخفاء هوية الشهود

ويقول أحمد الزبير من منظمة العفو الدولية (امنستي انترناشونال)، إن قرار رئيسة القضاء الأخير، يساعد ويحمي الشهود أثناء الإدلاء بأقوالهم في المحاكم، ويذكر انه في محاكمة قتلة احد الشهداء في العاصمة عندما طالب المحامين بعدم ظهور الشهود علنا امام المحكمة، الا ان قاضي المحكمة رفض الطلب، ويعتبر احمد ان مثل هذه الاجراءات تحفظية، يجب ان يجد الشاهد الحماية الكاملة، ويطالب أن تتضمن في قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك في قانون المحاكم كي توفر الحماية لهم.

يؤكد  أحمد لـ(عاين)، اذا لم تحدث مثل هذه الإجراءات لن تذهب قضية العدالة إلى الأمام على الاطلاق، ويناشد أن تكون مثل هذه الإجراءات  جزء من التشريع، ويعطي مثالا للأوضاع في مناطق النزاع والحروب في دارفور وجنوب كردفان (جبال النوبة)، مشيرا إلى أن اجراءات المحكمة الجنائية في لاهاي، في حالة وجود شهود، لهم برنامج يطلق عليه (برنامج حماية الشهود) أي إخفاء هوية الشاهد، حتى يشعر الشهود بالأمان والسلامة على حياته حياة أقاربه.

عدم تجريم الشهود

 

الشهود في محاكم قتلة شهداء الثورة السودانية.. حماية قانونية بعد تهديد

يوضح المحامي والمدافع عن حقوق الانسان، عيسى كمبل موضوع حماية الشهود في الأوساط القانونية (بحصانة الشاهد)، هذا الأمر قديم، موجود في القوانين الاجرائية، ونصت عليها القوانين، بينما رئيسة القضاء ربما ازالة فقط الغبار عنه، ويقول عيسي لـ(عاين) لاهمية الشهادة فيما يتعلق بقضايا الانتهاكات، أن مسألة حماية الشهود في المقام الأول، هي أن تحمي الشاهد أن لا يتعرض لأي نوع من الابتزاز، والتعنيف، ومواجهة إجراءات قانونية، طالما أنه ادى الشهادة أمام القضاء أو بطلب من القضاء، وعلى الشاهد ان يدلي بكل ما لديه دون خوف او توجس وملاحقات، وما يقوله للمحكمة لن يكون له أي تبعات أخرى، خاصة في الجرائم الخطيرة.

ويؤكد عيسى أن القانون السوداني نظم هذا الامر ويطبق في المحاكم، وايضا الشاهد يجب أن لا توجه له أسئلة تجريمية، لا يفتح او يدون ضده بلاغ نتيجة الشهادة، إلا في حالة شهادة الزور، إلا أنه طرأ عليه نوع من التجديد، يوضح ان الجهات التي تطبق حق حماية الشاهد، انها المحاكم السودانية ذاتها، أن يكون الشاهد في مأمن، بما شهد به، او ما سوف يشهد به، اضافة الى ذلك ان القانون يحمي الشهود من أي نوع من المضايقات، لاهمية الموضوع، يذكر أن المحاكم السودانية لا تسمح لاي جهة ان تهين الشاهد أو تبتز الشاهد.

 

الشهود في محاكم قتلة شهداء الثورة السودانية.. حماية قانونية بعد تهديد

إصلاح اجهزة تنفيذ القانون

بينما يشير الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش محمد عثمان، إلى مسألة حماية الشهود هي قضية أساسية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها الدولة ضد المواطنين، ويقول محمد لـ(عاين) ان اهمية الحماية هي مؤشر ان الاجهزة النظامية، يجب أن لا تعيق مسألة تنفيذ العدالة في البلاد، يكشف أيضا وجود اشكالية قانونية في الإجراءات العملية التي لا تعطي اهمية لحماية الشهود، ويشير إلى أن الحماية الموجودة عدم توجيه الأسئلة الجارحة، ان تحقيق هذه الأهداف يتطلب موارد مالية، يطرح في ذات الوقت تساؤلات أخرى، هل قاعات المحاكم لها خصوصية حقيقية لحمايتهم، يؤكد محمد منشور رئيسة القضاء خطوة جيدة في هذا الاتجاه، إلا أنه ليس كافيا، وينصح كذلك بتدريب القضاة على مفاهيم حقوق الإنسان، وأيضا إصلاح مؤسسي مرتبط بأجهزة تنفيذ القوانين.

ويطالب عثمان، بوضع قوانين تضمن استمرارية عمل تحقيق العدالة في البلاد، والعمل على تدريب القضاة والشرطة، تطرق إلى مسألة مهمة جدا، وهي الإرادة السياسية للأحزاب، يجب ان المشروع السياسي للفترة الانتقالية تحقيق هذه الأهداف، وتطرق الى اهمية مسألة مشاركة منظمات المجتمع المدني والإدارات الاهلية، والمتضررين من الصراع،  والمساهمة في تحقيق أهداف العدالة، واعطي اهمية  إلى المحاكم الهجين والمحاكم الخاصة، يمكن أن تحقق أهداف العدالة،  اذا توفرت الارادة الحقيقية لحكومات الدول.