اعتداءات واعتقالات.. صحفيو السودان تحت تهديد العسكريين

19 نوفمبر 2021

يشعر الصحفيون السودانيون بالقلق من تراجع الحريات الصحفية عقب استيلاء الجيش السوداني على السلطة في 25 أكتوبر الفائت، وطالت الاعتقالات رموز صحفية وإجراءات عمقية بحق وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة. فيما بدأت هيئة التوجيه المعنوي بالجيش السوداني إجراءات متعددة “تكمم الأفواه المناهضة للانقلاب”.

وكان السودان أحرز تقدما في مجال الحريات الصحفية عالميا بعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في ابريل 2019 ويرى صحفيون ونشطاء أن الانقلاب العسكري  قد يكون سببا رئيسيا في “انتكاسة جديدة على الصحافة في البلاد”.

مظاهرة مناهضة للرقابة في الخرطوم عام 2012 (مواقع التواصل الاجتماعي)

تدخلات مباشرة

وفي أول خطوة قد تصنف على إنها تكميما للأفواه أوقفت هيئة البث “هيئة حكومية” إذاعة هلا في العاصمة السودانية منذ وقوع الانقلاب الشهر الماضي فيما سمحت للإذاعات الأخرى بالعمل وفق الموجهات التي تصدرها مكاتب على صلة بالعسكريين.

ويوضح أحد الصحفيين بإذاعة هلا في تصريح لـ(عاين) أن هيئة البث الإذاعي وهي هيئة حكومية “تتلقى أوامر مباشرة من العسكريين  في الوقت الراهن” أوقفت بث إذاعة هلا والتي اضطرت الى اغلاق مكاتبها.

وتلقت صحيفة الجريدة الورقية التي تصدر في العاصمة الخرطوم اتصالات من مجلس الصحافة والمطبوعات الأسبوع الماضي حول مقالات ناقدة للعسكريين وطلب المجلس “هيئة حكومية” من إدارة الصحيفة بعدم توجيه عبارات ناقدة للانقلاب. فيما استدعى المجلس مراسل صحيفة الشرق الأوسط في الخرطوم للمثول أمامه.

وأقال قائد الانقلاب في السودان الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، حسام الدين حيدر وعين أمينا عاما جديدا للمجلس عرف عنه في وقت سابق الولاء لحزب المؤتمر الوطني المحلول.

كما استمر تعليق صدور صحيفة الحداثة الورقية التي تصدر في العاصمة السودانية منذ وقوع الانقلاب ولم تعلن عما إذا كانت تنوي استئناف الصدور.

ويقول رئيس تحرير الحداثة الورقية شمس الدين ضوء البيت في تصريحات لـ(عاين) أن الوضع الراهن لا يسمح لهم بإصدار الصحيفة لأن عهد قمع الحريات عاد بصورة سيئة مشيرا إلى أن إدارة صحيفة الحداثة ستعلن موقفها خلال اليومين القادمين.

الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف المحمول قبل الانقلاب وبعده (Netblocks)

عراقيل

وأدى حظر شبكة الانترنت في السودان منذ صبيحة وقوع الانقلاب في 25 أكتوبر  إلى صعوبات تواجه النشطاء والصحفيين في الحصول على المعلومات وتوثيق الانتهاكات فيما أمرت محكمة سودانية بإعادة خدمة الانترنت وذلك بحكم قضائي اصدرته بحسب ما أكد الأمين العام لجمعية حماية المستهلك ياسر ميرغني للصحفيين مساء الاثنين في مؤتمر صحفي بالعاصمة السودانية قائلا إن “الجهات التي أوقفت خدمة الانترنت يجب ان تنفذ الأمر القضائي فورا”.

ولا تزال وزارة الإعلام بمنأى عن الوضع الصحفي والاعلامي لكن تغييرات جذرية أجريت على قيادة  التلفزيون الحكومي والإذاعة السودانية تظهر مدى رغبة العسكريين في الهيمنة على الاجهزة الاعلامية.

نظم الصحفيون الأسبوع الماضي مسيرة احتجاجا على قمع الدولة لزملائهم (طلال نادر)

المربع الأول

ويؤكد عضو شبكة الصحفيين السودانيين، حسن فاروق لـ(عاين) أن وضع الحريات اصبح اسوأ من الاول في الحقب العسكرية الماضية موضحا أن الانقلابيين بدأوا يومهم الأول اعتقالات طالت الصحفيين أبرزهم ماهر أبو الجوخ و فايز السليك وفيصل محمد صالح.

لكن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان طالب في مؤتمر صحفي عقده في 26 أكتوبر الماضي الصحافة بالمسؤولية الوطنية وتوثيق الحقائق في إشارة إلى عدم توجيه انتقادات الى الجيش السوداني.

فيما يعتقد رئيس تحرير صحيفة الحداثة شمس الدين ضوء البيت أن الحريات الصحفية في مأزق خطير ما لم تعد المؤسسات المدنية وتعمل وفق الوثيقة الدستورية ولفت الى أن الثورة الشعبية في السودان واسعة وعميقة ويجب أن يُسمع الرأي والرأي الآخر.

ومع استمرار الإجراءات العسكرية في اليوم الأول للانقلاب أجبر عسكريون حارس صحيفة الديمقراطي على اغلاق المكتب في ضاحية الخرطوم بحري وطلبوا منه مغادرة المبنى طبقا لصحفي تحدث لـ(عاين).

ويبين عضو شبكة الصحفيين السودانيين، حسن فاروق، أن العسكريين أعادوا جميع الكوادر التي كانت تتولى الإذاعة والتلفزيون في عهد النظام البشير واستعانوا بهم لبث النشرات التلفزيونية وتقديم معلومات غير صحيحة للرأي العام.

ويرجح فاروق عودة القبضة الأمنية على الصحافة بصورة سيئة للغاية. موضحا ان منفذي الانقلاب يعتقدون أن تعزيز السيطرة على الصحافة قد تحجب الحقائق عن الرأي العام وهذا غير منطقي.

وكان عشرات عشرات الصحفيين نفذوا وقفة إحتجاجية في العاصمة السودانية الثلاثاء الفائت منددين بالانتهاكات التي ترتكبها القوات العسكرية والأمنية بحق الصحافيين إلى جانب الاعتقالات التي طالت عددا منهم منذ صبيحة الانقلاب العسكري.

(طلال نادر)

ضرب واعتقالات

وتلا عضو اللجنة المشتركة للأجسام الصحفية ماجد محمد علي، التقرير الذي رصد الانتهاكات التي ارتكبتها قوات المجلس الانقلابي مشيرا إلى أن قوات المجلس الانقلابي تعرقل وصول الصحفيين إلى مقار عملهم منذ الانقلاب.

كما أكد محمد علي، إن قوة عسكرية يقودها ضباط من الجيش السوداني برتبة لواء اغلقت وكالة السودان للأنباء صبيحة الانقلاب وأمرت الصحفيين بالمغادرة فورا ووضعت قوة من الجيش قرب المبنى.

وأوضح ماجد محمد علي، ان القوات العسكرية سجلت اعتداءات على الصحفيين أثناء أداء عملهم حيث تعرض الصحفي حمد سليمان الى رصاص في الأرجل أثناء تغطيته مليونية 13 نوفمبر في مدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية.

وتطرق علي إلى تحقيق أمني طال مراسل قناة الجزيرة أسامة سيد احمد بمدينة القضارف شرق البلاد وطلب منه مغادرة الولاية وذلك بالتزامن مع مليونية 13نوفمبر السبت الماضي.

وتابع: “اعتقلت السلطات الامنية بولاية جنوب دارفور الصحفي عبد المنعم مادبو ومدير مكتب الجزيرة بالسودان المسلمي الكباشي وتعرض مراسلها الطاهر المرضي الى مضايقات امنية أثناء تغطية مليونية 30 أكتوبر الشهر الماضي”.

وأكد ماجد محمد علي ان السلطات الامنية اعتقلت الصحفي اباذر محمود بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور منذ 25أكتوبر.

وفي الخرطوم، اعتقلت السلطات الصحافي على فارساب في السابع عشر من أكتوبر الجاري من منطقة بحري. وأفادت صحفيون ان فارساب اقتيد إلى السجن وهو مصاب بكسور ولم يسمح له بتلقى العلاج. فيما اعتقلت الاستخبارات العسكرية الصحفي بمكتب قناة الجزيرة الخرطوم عبد الرؤوف طه، والصحفي شوقي عبد العظيم وحققت معهم لساعات قبل أن تفرج عنهم.