هجمات بورتسودان.. مدن السودان لم تعد آمنة

  • الحكومة الموالية للجيش تعلن الإمارات دولة عدوان وتقطع علاقتها بأبوظبي
  • مجلس الأمن والدفاع: الهجوم على بورتسودان يهدد الأمن الإقليمي والدولي وأمن البحر الأحمر
  • تعليق العمل في مطار بورتسودان شريان حياة العمليات الإنسانية بالسودان
  • الهجمات تتسبب في قطع للكهرباء وأزمة وقود حادة في المدينة

عاين- 6 مايو 2025

لثلاثة أيام متتالية حوّلت القنابل التي تُلقيها المسيرات على مدينة بورتسودان التي تعد الملاذ الآمن لمئات الآلاف من النازحين الفارين ومقر الحكومة الموالية للجيش والبعثات الدبلوماسية إلى حمم من النيران وأدخنة متصاعدة بعد قصف مستودعات للوقود في قلب المدينة.

وشهدت بورتسودان لليوم الثالث على التوالي سقوط قذائف صاروخية استهدفت مستودعات وقود في مطار المدينة وحي ترانزيت جوار الميناء الجنوبي.

وكانت المسيرات غارت على أربع مستودعات رئيسية لتخزين الوقود شرق مدينة بورتسودان ما أدى إلى نفاد الإمدادات التي تعتمد عليها البلاد بالمقابل أكدت وزارة الطاقة والنفط في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء إن إمدادات الوقود كافية، ودعت المواطنين إلى عدم القلق.

وسقطت قذيفة صاروخية على بعد أمتار من مقر إقامة رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان إثر تعرض باحة فندق مارينا إلى القصف، وصرح مسؤول بالفندق لوسائل الإعلام أن القصف نتج عن صاروخ موجه وليس مسيرة.

وفي ردة فعل للحكومة الموالية للجيش في بورتسودان، أعلن مجلس الأمن والدفاع اليوم الثلاثاء، إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة دولة عدوان، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها. وسحب السفارة السودانية والقنصلية العامة.

وقال المجلس في بيان: “ظل العالم بأسره يتابع ولأكثر من عامي جريمة العدوان على سيادة السودان ووحدة أراضيه وأمن مواطنيه من دولة الإمارات العربية المتحدة وعبر وكيلها المحلي مليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة وظهيرها السياسي”.

الهجوم على بورتسودان يهدد الأمن الإقليمي والدولي وبصفة خاصة أمن البحر الأحمر

مجلس الأمن والدفاع السوداني

وتابع البيان: “عندما تيقنت دولة الإمارات من هزيمة وكيلها المحلي الذي دحرته قواتنا المسلحة، المؤسسة الشرعية المناط بها الذود عن حياض الوطن والحفاظ على مقدراته، صّعدت دعمها وسخرت المزيد من إمكانياتها لإمداد التمرد بأسلحة إستراتيجية متطورة.. وظلت تستهدف بها المنشآت الحيوية والخدمية بالبلاد وآخرها استهداف مستودعات النفط والغاز، وميناء ومطار بورتسودان، ومحطات الكهرباء والفنادق، وعرضت حياة ملايين المدنيين وممتلكاتهم للخطر، والأمر الذي يهدد الأمن الإقليمي والدولي وبصفة خاصة أمن البحر الأحمر”. وأدت الهجمات التي شنتها المسيرات والقذائف الصاروخية على مستودعات الوقود الاثنين 5 مايو الجاري إلى صفوف السيارات أمام محطات الوقود كما تضاعفت تعرفة التذاكر للسفر بين الولايات بنسبة 40%. ونقل شهود لـ(عاين)، أن أزمة كبيرة في الوقود بدأت تطل برأسها في المدينة. لكن وزارة الطاقة والنفط سارعت في بيان صحفي لها اليوم لطمأنة المواطنين باستقرار إمداد المشتقات البترولية، ووفرتها بكافة محطات التوزيع.

ونقل شاهد من وسط مدينة بورتسودان لـ(عاين) إن محطة السفريات البرية في بورتسودان شهدت تزايدًا في عدد المسافرين المغادرين للمدينة؛ بسبب الهجمات الأخيرة، ويرجح أن هناك حالات نزوح تتكتم عليها السلطات.

مطار بورتسودان الدولي شريان حياة للعمليات الإنسانية، ونقطة الدخول الرئيسية لأفراد الإغاثة والإمدادات الطبية وغيرها من مواد الإغاثة المنقذة للحياة إلى السودان

مسؤولة أممية

وبعيد القصف الذي شهده مطار بورتسودان الدولي اليوم الثلاثاء، علقت السلطات الرحلات الجوية من وإلى المطار، بجانب تعليق عدد من الخطوط الجوية رحلاتها للسودان.

وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي: “يُعد مطار بورتسودان الدولي شريان حياة للعمليات الإنسانية، حيث يُعدّ نقطة الدخول الرئيسية لأفراد الإغاثة والإمدادات الطبية وغيرها من مواد الإغاثة المنقذة للحياة إلى السودان. علاوة على ذلك،

وتابعت في بيان تلقته (عاين): “يُعدّ توافر الوقود في بورتسودان أمرًا بالغ الأهمية لإرسال الإمدادات الإنسانية إلى المناطق في جميع أنحاء السودان التي هي في أمسّ الحاجة إلى المساعدة. كما أن تضرر البنية التحتية الحيوية قد يُعطّل سلاسل التوريد، ويرفع أسعار السلع الأساسية، مما يُفاقم المعاناة الإنسانية في ما يُعتبر بالفعل أكبر أزمة إنسانية في العالم”.

 وعبرت المسؤولة الأممية عن قلقها إزاء تكثيف هجمات الطائرات المسيرة على البنية التحتية المدنية في بورتسودان، المركز الإنساني الرئيسي في السودان. وأشارت إلى أن هذه الهجمات ستؤدي إلى تفاقم المعاناة والاحتياجات الإنسانية، فضلاً عن تفاقم التحديات اللوجستية والصعوبات التي تواجهها الجهات الفاعلة الإنسانية في إيصال المساعدات العاجلة إلى بقية أنحاء البلاد.

وتابعت: “تُمثل هذه الهجمات انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، الذي يحظر استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية. وهي تعكس إخفاقًا مستمرًا في الامتثال لمبادئ التمييز والتناسب والحيطة.

الهجمات تشل المدن

ويقول الخبير العسكري معتصم عبد القادر إن قوات الدعم السريع تستخدم المسيرات الصينية الحديثة لضرب أهداف مدنية في بورتسودان لشل الحياة العامة وتدمير البنية التحتية للوقود والكهرباء والملاحة الجوية والموانئ.

ويوضح الخبير العسكري معتصم عبد القادر لـ(عاين) أن الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع إلى أن مسيرات التي تستهدف بورتسودان تنطلق من الصومال في قاعدة دول ترعى الدعم السريع، وتنطلق من الحدود الليبية حيث توجد منصات لقوات حميدتي في الصحراء لمسيرات صينية ذكية- حسب قوله.

ويشير معتصم عبد القادر، إلى أن الجيش السوداني يحتاج إلى تطوير قدراته الدفاعية والذهاب نحو خطوة هجومية أيضا بتدمير منصات الصواريخ والمسيرات الذكية في إقليم دارفور.

ويقول الخبير العسكري حسن إدريس لـ(عاين): إن “هجوم الطائرات المسيرة على بورتسودان لثلاثة أيام متوالية يؤثر في إمدادات الوقود بما في ذلك إمداد العمليات العسكرية التابعة للجيش إلى جانب تعميق الأزمة الإنسانية وتأليب الرأي العام على الحكومة المدعومة من القوات المسلحة”.

وأضاف: “تعمد منفذو الهجوم الذي يفوق إمكانيات الدعم السريع، وفي الغالب نُفذ عبر أجانب من منصات عسكرية داخل وخارج البلاد تعمدوا شل الحياة العامة بالمدن الآمنة الخاضعة لسيطرة الجيش بوقف الملاحة الجوية والبحرية والتأثير في النقل البري بتدمير مستودعات الوقود التي تقدر قيمتها بـ 500 مليون دولار، ومن المتوقع ارتفاع التأمين الدولي على الملاحة الجوية والبحرية”.

ويقول إدريس: “من الناحية العسكرية هناك صعوبة في وضع المسيرات على مصيدة الدفاعات الأرضية؛ لأنها صغيرة الحجم ولديها القدرة على شل القدرات الدفاعية بتنويع مواقع الاستهداف وإطلاق أسراب منها”.

ويعتقد إدريس، أن هذه الهجمات سترفع من الأصوات التي تطالب بالسماح للقاعدة الروسية على البحر الأحمر، على الرغم من تحفظات مصر والمملكة العربية السعودية على هذه الخطوة، ونصحوا قادة الجيش السوداني بالتراجع عنها.

وتدخل الحرب في السودان عامها الثالث متخطية عامين من أزمة إنسانية تصنف على أنها الأسوأ في العالم بتشريد 13 مليون شخص داخليا وخارجيا إلى جانب تلاشي الأمل حول وقف النزاع المسلح سلميا ووضع المدن الآمنة على مرمى نيران المسيرات والقذائف الصاروخية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *