تقرير شبكة عاين – الثلاثاء 6 مارس 2018
تعتبر ولاية الخرطوم هي المركز الاقتصادي الأول بالسودان قياساً بحجمها الذي يتشكل من ثلاثة مدن كبيرة، وتعدادها السكاني يمثل 17 % من جملة تعداد سكان السودان ألف نسمة. رغم وضعها الاقتصادي المتقدم بالسودان، يعاني المواطنين بها معاناة بالغة، حيث تظهر بجلاء في العاصمة الخرطوم الفوارق الطبقية. من ناحية اخرى تمثل الخرطوم اكبر مركز للاستهلاك بنسبة للكثافة السكانية أعلاه والتي ترجع الى عمليات النزوح القسري والارادي. حيث يبحث الناس عن مقومات أفضل للحياة، وترف العيش عند البعض بينما يرزح الآخر تحت خط الفقر بحثاً عن وجبة يسد بها رمقه. اسباب ادت الى اشتداد الضائقة المعيشية أسفر عنها تذمر وسط السكان قاد الى عمليات احتجاجات واسعة بالعاصمة القومية الخرطوم.
تحرير الاقتصاد
تعتبر ولاية الخرطوم هي الاعلى دخل بالسودان يوازي دخلها دخل بعض الدول الافريقية أوغندا ولكن خلاف وسط الاسلاميين على سياسات التحرير التي تعتمد على تحرير الاقتصاد، بالخصخصة الجزئية والكاملة للمؤسسات الحكومية الأصول؛ زيادة مرونة سوق العمل، انخفاض معدلات الضرائب للشركات، وفرض قيود على رؤوس المال محلية كانت ام اجنبية. ثم البحث عن إيجاد سوق مفتوحة في البلدان النامية، يطبق السودان سياسة التحرير الاقتصادي منذ العام 1992 وفق برنامج أطلق عليه البرنامج الثلاثي للإقتصاد السوداني ولكن خبراء الاقتصاد يطلقون عليه البرنامج الثلاثي للإنقاذ. ويرجع الخبير الاقتصادي محمد الناير ذلك إلى سياسة تحرير الاقتصاد أن سياسة التحرير لا تتوافق مع النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يطبقه السودان، متهماً في تصريحات التجار بالجؤ إلى الأسواق الموازية لتوفير العملات الصعبة لاستيراد السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في الأسعار مع حركة تذبذب العملات في السوق الموازية.
تفاوت المعاناة
ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية منذ أن أجاز البرلمان القومي موزانة العام 2018، وعاني مواطن ولاية الخرطوم بشكل أكبر مقارنة بمعاناة بقية مدن السودان، ويرجع السبب في ذلك الى زيادة نسبة الاستهلاك الناتج عن الكثافة السكانية العالية للولاية. وكانت ولاية الخرطوم قد شهدت زيادة في معدل السكان بعد العام 2011 بسبب النزوح المضطرد للنازحين من مناطق الحرب؛ التي لم تضع أوزارها بولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
ويعزي الخبير الاقتصادي د. محمد اسماعيل إرتفاع الأسعار بولاية الخرطوم إلى الزيادات المضطردة في أسعار الواردات مع عدم وفرة الإنتاج المحلي. واقبال نسبة عالية من القوة الشرائية للعاصمة القومية الى المستورد من البضائع. فضلاً عن التخبط في السياسات الاقتصادية بالولاية مقسما القوة الشرائية بالخرطوم الى ثلاث فئات (القوة الشرائية في ولاية الخرطوم 3 فئات ناس بتشتري من غير إلتفات للأسعار هؤلاء يمثلون الطبقة البرجوازية وهم أسر نافذين في الدولة، ديل ما فارق معاهم الوضع و جزء من الأزمة لأنهم بعيدين عن المجتمع. الفئة الثانية هي فئة الذين يكتفون بشراء الاساسيات، وديل أسر كبار الموظفين في القطاعين الخاص والعام وأسر المغتربين وهذه بدأت تطأها المعاناة. أما الفئة الثالثة فهي تتمثل في الطبقات العمالية وأصحاب المهن الصغيرة وصغار الموظفين اضافة الى الاعمال الهامشية هذه الفئة هي الأكثر تضرراً بالولاية وديل دخلهم ما بكفي وجبة في اليوم).
مضيفا أن السياسات الاقتصادية بالولاية غير واضحة مما يشجع على الفوضى في التسعيرة بسبب ارتفاع أسعار المورد. ويستورد السودان اكثر من مليوني طن من القمح بتكلفة 900 مليون دولار سنوياً، هذا رغم الشعارات التي رفعتها ولاية الخرطوم في العام المنصرم التي عرف من خلالها الوالي ميزانية عام 2017 بميزانية دعم الإنتاج والإنتاجية وتخفيف أعباء المعيشة.
قرفنا
يصف تاجر القطاعي حربي محمد النشاط التجاري بالمتكدس بعد ارتفاع أسعار السلع المستوردة من تجار الجملة مما أدى الى تقليص البضائع ” نشاط التجاري في تكدُس وركود، ادى الى فرق في زيادات الأسعار وأصبحت التجارة في غاية الصعوبة” وأضاف حربي الذي يعمل تاجر 15 عام ما حصل هذا العام بالمختلف تمام كانت السلع “رخيصة” اما في الوقت الراهن فقد استعصى الوضع و”قرفنا الشغل التجاري بسبب تراجع الطلب و زيادة الدولار الجمركي رفعت السوق “.
ويشكي حربي من الموطن الذي يعلم أسباب الغلاء ولكن يأتي ليصب جام غضبه على التجار “المواطن عينه على التاجر باعتبار انو برفع الاسعار وبقطع من راسو في مشاكل كثيرة بين التجار والمواطنين مرات فيها إساءات” من جهته تساءل محمد عبد الله كواوي العامل بمصنع ليبهر عن سبب الزيادة في الاسعار “انا بسال نفسي هل من طمع التجار ولا الدولة ذات نفسها هي البتجيب الحاجات بالغالي” والحديث لكواوي، عشان نعمل توازن في الصرف رجعنا لقاعدة الغالي متروك لكن الغالي وصل للأساسيات فرجعت الوجبات من 3 الى وجبة واحدة.
شكوي ووعيد
يقارن ضيوف (عاين) ارتفاع الأسعار بين الأمس واليوم حيث يقول التاجر حربي “ارتفاع الأسعار كان ضعف حيث ارتفع سعر جوال السكر من 570 ج إلى 1200ج الصابون من 45 ج الى 150 ج موضحاً أن هذا الارتفاع أجبرهم على زيادة أسعار القطاعي لتغطية احتياجاتهم الخاصة والمحافظة على التواجد بالسوق. أما في الجانب الاستهلاكي تحدث لـ(عاين) العامل كواوي شارحاً تكلفة الحياة مقارنة مع دخلهم اليومي “الصرف في السابق كان بيصل 40 جنيه في اليوم، هسي نحن بنجيب علبة الصلصة بـ 15 ج ربع العدس من 3 ج إلى 15 ج. مؤكداً ان الصرف اليومي ارتفع الى 120 في اليوم” .
وقال متسائلا هنالك سلع ليست لها علاقة بالدولار ارتفعت “ما عارفين في اشياء مالها علاقة بالدولار ذي ليفة الحمام علاقتها بالدولار شنو“. من جهتها قالت المواطنة اخلاص ادريس لا توجد مقارنة من حيث ارتفاع الأسعار الزيادات مبالغة مكتفية بمقارنة تجهيز ملوة الذرة “الذرة طحين من 40 ج وصل الى 100 والزيت الرطل وصل 30 جنيه في ظرف أسبوع ولكن الرواتب زي ما هي“. وتجدر الاشارة الى ان اخلاص من الطبقة العمالية حيث تعمل عاملة بالجامعة.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل جنوني تراهن الحكومة على القمع ب”العين الحمرة” لخفض الأسعار بالولاية، ويصف د. محمد إسماعيل هذا الاتجاه بالإفلاس “محاولة قمع التجار واجبارهم على تحديد سعر دون معالجات اقتصادية ده إفلاس واضح، على الدولة أن تضع سياسات اقتصادية لكبح جماح العملة الاجنبية بدلاً عن الترهيب الذي لن يخدم غرض ولن يخفض سعراً“.