عمال ميناء بورتسودان.. أضرار الإغلاق ومخاوف العودة
7 أغسطس 2022
إلى جانب الخسائر المليارية التي تكبدتها حكومة الانتقال الاولى في السودان على اثر اغلاق شرق السودان ومينائها الرئيسي لاربعين يوما خلال العام 2021، واجه عمال الميناء الذين يبلغ عددهم حوالي 70 ألف عامل موزعين على قطاعات الشحن والتفريغ وقطاعات أخرى ظروف معيشية صعبة ترتبت على عملية الإغلاق.
تجدد مخاوف العمال في القطاعات المختلفة من عمليات إغلاق أخرى لاسيما مع استمرار التوترات في الإقليم الذي يشهد تباينا سياسيا بين مؤيدين لمسار شرق السودان في اتفاق سلام جوبا ومناوئين له إلى جانب التوترات الأهلية التي تشهدها المنطقة من وقت لآخر.
وجرت اطول عملية لاغلاق شرق السودان في أغسطس 2021 عندما قاد الزعيم القبلي محمد الأمين ترك والذي تزعم ما سمي “المجلس الأعلى لنظارات البجا العموديات المستقلة” الاحتجاجات لإجبار الحكومة الانتقالية على تنفيذ شروط يطرحها المجلس بإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام إلى جانب حل الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيين وقتها وتعيين مجلس عسكري لإدارة البلاد.
ووقع الوفد الحكومي مسار الشرق ضمن اتفاق السلام الموقع في جوبا في أكتوبر 2020 مع الحركات المسلحة ويرفض ترك هذا الاتفاق ويقول إن ممثلي المسار لا يعبرون عن مكونات الإقليم.
“اسكن في مدينة بورتسودان بحي الإسكندرية واعمل في مجال شحن البضائع بالميناء منذ 5 سنوات.. قبل اغلاق الطريق والميناء كنا نعمل جميعا وكل واحد منا يجد رزقه، ولكن عندما تم إغلاق الميناء بسبب الأحداث الأخيرة تأثرنا كثيرا حتى في دراسة أبنائنا”. يقول عثمان عبي حامد وهو أحد عمال الشحن والتفريغ في الميناء لـ(عاين).
ويضيف عثمان “ليس لدينا مهنة أخرى سوى هذا العمل وقد وجدنا اباءنا واجدادنا يعملون في هذه الميناء، وعندما يكبر أحدهم كان يخلي المكان لابنه لينوب عنه في العمل”. ويتابع عبي، “نأتي الى العمل بعد آذان الصبح تقلنا المواصلات الى السوق ومن بعدها الى الميناء وعند السابعة ندخل الميناء ونبحث عن عمل وفي بعض الأوقات نعمل مع اخوتنا وإذا لم نجد ننتظر حتى المساء ولا نغادر اماكننا آملين أن يأتي عمل”.
ويشير عثمان، إلى أن العمل في السابق كان متوفر ومستمر حتى وقت متأخر من اليوم ولكن بسبب الإغلاق صار هناك شح في العمل وانعدام في بعض الأوقات ما قد يدفع العمال للعودة دون كسب عيشهم
عامل بلا عمل
أكثر من 40 يوما قضاها عمال الشحن والتفريغ بلا عمل وبلا دخل يعينهم على تربية أطفالهم والقيام بواجباتهم تجاه أسرهم يتجولون في أنحاء الولاية بحث عن عمل آخر . يقول عثمان أنه انتظر في منزله لمدة 20 يوما بقيت في انتظار عودة العمل”. ويضيف “بعدها خرجت ابحث عن عمل في مكان آخر وذهبت إلى الغابة وفي أوقات كنت اطلب من أصحاب المحلات التجارية استدانة بعض المواد التموينية ولكن الديون لم تكن تتناسب معنا كعمال يومية فنحن نكسب رزقنا من عملنا اليومي وليس لدينا راتب او مواشي او رصيد في البنك لتسديد منه”.
توقف السائقين
الأمين العام للجنة تسيير نقابة سائقي الشاحنات بولاية البحر الأحمر فضل رحمة، يقول أن دخل السائقين اليومي مرتبط بالحركة وكلما كانت هناك حركة كان هناك عائد، ولم نكن مهيئين لتوقف دخلنا بشكل مفاجئ، إضافة إلى ان بعض السائقين صادفهم الإغلاق وهم بعيدين عن اسرهم منهم من كان في منطقة هيا وعطبرة ودرديب وكسلا وكل انحاء السودان ولم يكن للسائق خيار سوى التوقف في المكان الذي هو فيه طالما ليست هناك نقطة وصول وكان أفضل الخيارات بالنسبة للسائقين هي أن يكون فترة الإغلاق بجانب أسرته حتى يتقاسم معهم ما يملكه.
“لم اشاهد منذ استقلال السودان وحتى اليوم ما حدث في شرق السودان من إغلاق وتوقف الميناء الرئيسي.. هذه أول مرة نرى فيها حكومة تقوم بإيقاف عمل الحكومة نفسها”. يقول رئيس جمعية عمال الشحن والتفريغ، حامد محمد آدم، لـ(عاين)، ويضيف: “هناك من يقومون بإيقاف عمل الحكومة وتقوم الحكومة بمكافئتهم ودعمهم وحمايتهم”.
قبل ان يستنكر حامد دور الحكومة قائلا: :كيف يمكن ان يغلق ميناء السودان الوحيد والطريق القومي وتقف الدولة في دور المتفرج بل وتدعم وتحمي القائمين بالفعل، تسببوا في ارتفاع الأسعار وتنعدم الأدوية دون محاسبة المتسببين في هذا الأمر”.
بعد اطاحة العسكريين بشركائهم المدنيين واستيلاء قادة الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام 2021، انتهت مطالب احتجاجات القيادات الأهلية في شرق السودان إلى الرضوخ لتوجيهات العسكريين بعدم العودة للاحتجاج مجددا ما يعزز اتهامات سابقة لمجلس نظارات البجا بمساندته العسكريين في مواجهة القوى المدنية التي كانت في السلطة.
ويذهب حامد، إلى أن الإغلاق تسبب بتشويه سمعة الميناء بعد أن كان يصنف عالميا من الموانئ التي تخرج منها البواخر بسرعة بسبب توفر العمالة السريعة وبأسعار رخيصة. ويضيف: أن “جميع القطاعات بالميناء قد تضررت منها قطاع العمال والمخلصين والموردين والتجار”.