حرائق غامضة في مراكز الإيواء تُعمّق جراح نازحي معسكر كريندق بدارفور

 28 فبراير 2023

للمرة الخامسة خلال فترات زمنية متقاربة، تنشب حرائق غامضة في مراكز ايواء النازحين الفارين من أعمال العنف الأهلي التي شهدها معسكر كريندق على مرتين خلال عامي 2019 و20 بمدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور.

وأدى الحريق الذي نشب ظهر أمس، بمعسكر مدرسة صلاح الدين الأساسية لإيواء النازحين، التي يقع بحي التضامن، في مدينة الجنينة إلى إصابة طفلين وإمرأة على الأقل، بحروق بالغة، نُقلوا على إثرها إلى مستشفى الجنينة التعليمي لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.

كما أدى الحريق إلى خسائر مادية كبيرة، نتيجة لانتشار النيران السريع التي إلتهمت المخيمات التي أُقيمت من القش” والمشمعات”.

وكانت اشتباكات أهلية وفي ديسمبر 2020 اندلعت في مخيم كريندق للنازحين، أدت لمقتل 54 شخصا و60 مصاباً، ونزوح حوالي 40 ألفاً من بينهم 32 ألفاً من 3 مخيمات “كردينق 1 و2 والسلطان”، وفقاً لمكتب الشئون الإنسانية للأمم المتحدة.

ونزح مئات المواطنين بعد أحداث معسكر “كريندق” إلى مراكز إيواء في مدينة الجنينة غربي عاصمة ولاية غرب دارفور.

ويتوزع مئات النازحين من معسكر كريندق وأحياء الجبل على حوالي (72) مركز إيواء، جرى توزيعهم بين المؤسسات الحكومية والمدارس وميادين الأحياء.

ويعاني هؤلاء النازحين، من نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، مع الانعدام شبه التام للمواد الغذائية، فضلاً عن تدني الأوضاع الصحية، وانعدام الحماية من المخاطر التي تحيط بمراكز الإيواء.

عمّق حريق أمس من خطورة الوضع الإنساني بمعسكر مدرسة صلاح الدين الأساسية، بحسب، الناشط في منظمات المجتمع المدني بمدينة الجنينة، عصام بشارة.

وقال بشارة في حديث لـ(عاين): “أن الأوضاع في المعسكر باتت أكثر سوءاً من ذي قبل، مع استمرار إنعدام مياه الشرب والنقص الحاد في المواد الغذائية.

ولفت إلى أن حريق مدرسة صلاح الدين الذي جرى يوم أمس، لم يكن الأول من نوعه فقد سبقته عدة حوادث لحرائق أخرى منذ العام الماضي، أدت لوقوع خسائر مادية وشخصية للنازحين.

وأدى حريق وقع في العام الماضي، إلى التهام كامل لمعسكر أقيم للنازحين الطالبون للمأوى، بوزارة التربية والتعليم بولاية غرب دارفور. وأسفر الحريق، بحسب الناشط في منظمات المجتمع المدني، لوقوع خسائر مادية كبيرة في المحاصيل الزراعية فضلاً عن إتلاف كامل لممتلكات النازحين الشخصية.

وأضاف، أن حريقاً  نشب للمرة  الثانية في نفس العام، بمدرسة القديمة الثانوية، وهو أحد مراكز إيواء النازحين، لكن سرعان ما تمت السيطرة عليه.

وقال أسعد عبد الرحمن، وهو قيادي أهلي، إستقال مؤخراً، لـ(عاين): “أن هناك عدة حرائق أخرى اندلعت في معسكرين آخرين منذ العام الماضي”.

جانب من الاضرار في الممتلكات بسبب حريق في مقر إيواء النازحين الفارين من احداث كريندق بمدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور 27 فبراير 2023

وأوضح، أن خمسة حرائق أندلعت خلال الفترات الماضية، بينها حريق نشب في مركز الشباب الذي يقع بالقرب من قسم شرطة المدينة، قبل نحو شهرين من الآن. كما أكد على وقوع حريق آخر قبل نحو أسبوع بمركز إيواء مدرسة الفاروق.

ويعتبر مركز الإيواء الذي اندلع به الحريق يوم أمس، أحد المراكز التي تضم عدد كبير من النازحين. وقال الناشط في منظمات المجتمع المدني عصام بشارة: “أن حريق الأمس هو الأكبر ضمن سلسلة الحرائق التي ما فتئت تندلع في مراكز إيواء”.

وأوضح بشارة أن تدخل قوات الدفاع المدني، للسيطرة على الحريق، الذي ساهمت في إخماده المجتمعات المحلية، لم يكن بالسرعة المطلوبة.

أسباب مجهولة

وحول أسباب الحرائق المتوالية على معسكرات النازحين، فإن السلطات لم تقم بالكشف عن الأسباب، بحسب الناشط في منظمات المجتمع المدني.

وأفاد بشارة أن تحقيقات داخلية بواسطة “المشايخ” وبعض المهتمين بالقضايا العامة، ذهبت جهة أن هذه الحرائق “مفتعلة”  القصد منها الضغط على النازحين لاجبارهم  للعودة إلى معسكر “كريندق” وإخلاء المؤسسات الحكومية التي يشغلونها.

لكن، وبحسب بشارة، فإن آخرين رأوا أن مراكز الإيواء لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الحماية والأمان اللازمين للسكن، وهو الأمر الذي يقود إلى تكرار حوادث الحريق.

كما أكد القيادي الأهلي السابق،  أسعد عبد الرحمن، أن الحريق الذي اندلع بمركز إيواء مدرسة صلاح الدين، إلتهم المعسكر بشكل كامل. وأضاف: “كان حريقاً ضخماً”.

وأوضح أن الحريق دمر كل أمتعة النازحين بمركز الإيواء، كما إلتهمت النيران كل المواد الغذائية الموجودة في المعسكر.

ولفت عبدالرحمن إلى أن اكتظاظ المعسكرات الكبير بالسكان وقرب المساكن من بعضها البعض، ربما يكون أحد أسباب تكرر نشوب الحرائق.

جانب من الاضرار في ممتلكات المواطنين بسبب حريق في مقر إيواء النازحين الفارين من احداث كريندق بمدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور 27 فبراير 2023

وأكد أن النازحين، بمركز إيواء مدرسة صلاح الدين، يعانون من أوضاع حرجة، بسبب عدم توفر مياه الشرب والنقص الحاد في المواد الغذائية. ولفت عبدالرحمن، إلى أن أوضاع النازحين الذين إنتقلوا من معسكرات النزوح بكريندق إلى مراكز الإيواء بولاية غرب دارفور تعتبر صعبة.

 وأشار إلى أن النازحين لديهم الرغبة في العودة إلى معسكراتهم،  إلا أنهم يخشون إنعدام الأمن والخدمات الضرورية، مع إستمرار غياب هيبة الدولة وإفلات المجرمين من العقاب.

أوضاع صحية خطيرة

من جهتها، أكدت المدير الطبي لمستشفى الجنينة التعليمي، تهاني حبيب، أن الأوضاع الصحية في مراكز إيواء النازحين بولاية غرب دارفور تعتبر كارثية.

وأوضحت في حديث لـ(عاين) أن النازحين بمراكز الإيواء يعيشون في ظل ظروف غير آدمية، خاصة مع إنعدام أبسط مقومات الحياة، وتدهور الأوضاع البيئية بهذه المراكز.

وبحلول فصل الصيف، فإن المدير الطبي لمستشفى الجنينة، تتوقع إنتشار”الاسهالات” وتفشي مرض السحائي وسط النازحين.

 ولفتت حبيب، إلى أن هناك تفشي شديد لمرض “الحصبة في كل مراكز النازحين بولاية غرب دارفور، كما أوضحت أن هناك عدد كبير من الأطفال بهذه المعسكرات يعيشون في ظل أوضاع صحية وغذائية سيئة.