عائدون للخرطوم يواجهون سلسلة أزمات أبرزها الأدوية المنقذة للحياة
عاين- 2 أغسطس 2025
في منطقة الكلاكلة، الواقعة جنوبي العاصمة السودانية، ومع عودة العديد من الأسر من الولايات ودول الجوار مثل مصر، تبدو الحياة وكأنها غائبة في شوارع تغلفها الظلمة، حيث تتجمع مياه الأمطار في برك تعكس حالة من السكون. ويتوارى القطاع الصحي في ظل سلسلة من الأزمات المتلاحقة، حيث يفتقر إلى المحاليل الوريدية وأدوية الملاريا في الوحدات الصحية الصغيرة المنتشرة في الأحياء السكنية.
بينما نجا عشرات الآلاف من سكان العاصمة الخرطوم من حرب استمرت في مدينتهم قرابة العامين، إلا أن الحياة لا تزال تشهد تعقيدات يومية مع انهيار شبكات الكهرباء والمياه والقطاع الصحي.
وفي منتصف يوليو 2025 خاطب رئيس الوزراء كامل إدريس حشدا من المواطنين في أم درمان مطالبا السودانيين بالعودة إلى إعمار العاصمة السودانية واستعادة الحياة العامة.
وتقول اشتياق السيد وهي طبيبة متطوعة في وحدة صحية صغيرة جنوب العاصمة السودانية لـ(عاين): إن “غالبية المراكز الصحية والصيدليات تعاني شح المحاليل الوريدية وانقطاع مستمراً لأدوية الملاريا والسكري وضغط الدم وجميع الأدوية المنقذة للحياة”.
وترى السيد، أن الحياة في الخرطوم متوقفة تماما والناس يجلسون بين جدران منازلهم، ويسألون أنفسهم عما إذا كانت هناك حلول أمامهم؛ لأن الدمار تركز على القطاعات الاقتصادية والصحية والتجارية، وأُصيبت الحياة العامة بالشلل.
وتحذر هذه الطبيبة، من عدم قدرة القطاع الصحي على النهوض بالخرطوم نتيجة التأثر بعمليات النهب والحرب التي استمرت قرابة العامين، وتشير إلى أن المواطنين يواجهون الأوبئة المنتشرة مثل الملاريا والحميات والعشى الليلي والكوليرا. أما بالاستسلام أو البحث عن أدوية بطرق صعبة.
شح مصادر المال
كان مازن وأحمد حسين الشقيقين يحاولان العثور على أدوية لوالدتهما المريضة طافا غالبية الصيدليات في منطقة يثرب والكلاكلة اللفة جنوب الخرطوم، ثم قررا التوجه إلى أم درمان في كل مرة كان يشاهدان الدمار وسط العاصمة السودانية إلى أن وصلا وعثرا على الأدوية بأسعار باهظة.
وعلاوة على نقص الأدوية، فإن مصادر كسب العيش لا تزال ضعيفة وفق مازن الذي عاد للتو مع عائلته من رحلة نزوح شمال السودان مضيفا أن :”المظاهر العسكرية تخيم على الخرطوم”.
وأنهت الحرب سلاسل الإمداد الخاصة بالأدوية الحيوية في العاصمة السودانية، وتقول هيئة حكومية مركزية وسط الخرطوم إن خسائرها تقدر بنصف مليار دولار بسبب تعرضها للنهب إبان سيطرة الدعم السريع على مباني الإمدادات الطبية.
وذكرت عائشة حسن السيدة البالغة من العمر 55 عاما وهي عاملة صحية في مستشفى خاص قبل أن يتعرض للإغلاق بسبب الحرب وسط العاصمة السودانية أن بعض المواطنين يلجأون إلى الطب الشعبي لتعويض ندرة الدواء وارتفاع الأسعار.
ولا يزال الوقت طويلا أمام قطاع الإمداد الدوائي للعودة إلى النشاط المعتاد في العاصمة السودانية في ظل الخسائر الهائلة؛ بسبب عمليات النهب وارتفاع تكلفة التشغيل مع شح الكهرباء.
وأضافت عائشة حسن في حديث لـ(عاين): “في أسواق شعبية في الخرطوم تباع الأعشاب، ويفضلها الناس بدلا من البحث عن الأدوية الضرورية، وعندما وجد التجار في السوق جاذبا ضاعفوا الكميات”.
ترصد أمني لغرف الطوارئ
وتقول مودة مختار العاملة في القطاع الإنساني لـ(عاين): إن “النتيجة الطبيعية لمضايقة غرف الطوارئ تتمثل في شح الأدوية، وكان من المتوقع أن تنتعش أنشطتها عقب سيطرة الجيش السوداني على العاصمة، لكن حدث العكس”.
وأضافت مختار: “غرف الطوارئ تعمل ضمن شبكات الاستجابة الإنسانية ولديها القدرة على استقطاب الدعم، لكن خلال سيطرة الجيش على العاصمة يتعرض المتطوعون إلى مضايقات أمنية واستهداف يبدو ممنهجا”.
وتابعت: “هناك لجان تسمى التكايا الخيرية تحاول أن تحل محل غرف الطوارئ، ولا تملك أي فاعلية في خدمة الوضع الإنساني.. غالبا جهة أمنية تحاول إبعاد غرف الطوارئ عن القطاع الإنساني في العاصمة السودانية”.