مدنيون يغادرون العاصمة إلى دارفور خشية انتقام الجيش المتقدم في الخرطوم

عاين- 3 فبراير 2025 

غادر خليفة جدو، منزله الواقع في الأحياء السكنية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في مدينة أمدرمان، إلى إقليم دارفور، خشية التعرض إلى عمليات انتقامية من الجيش والكتائب المسلحة المتحالفة معه، والتي تتقدم عسكريا في عدة جبهات قتالية بما فيها العاصمة السودانية.

ولم يعد خليفة يحتمل البقاء في منزله بعدما سمع بانتهاكات طالت مواطنين في ود مدني بولاية الجزيرة، وقتل البعض بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، فآثر الفرار رغم المخاطر التي تواجه رحلات السفر إلى غرب السودان المضطرب.

المواطن خليفة يعكس حال آلاف المدنيين في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع بالعاصمة السودانية، قرروا الفرار بشكل جماعي إلى إقليم دارفور، بعد أن ظلوا عالقين وسط نيران الحرب لما يقارب العامين، وهم ينتقلون مجدداً إلى مناطق دامية، وتشهد قتال في مختلف الجبهات والفصائل المسلحة، فضلا عن القصف الجوي والمدفعي.

ويرصد شهود من العاصمة عشرات السيارات تعبر جسر جبل أولياء قادمة من شرق النيل وجنوب الخرطوم، وتتجه نحو طريق بارا – أمدرمان الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، كما تتحرك مركبات مماثلة من منطقة قندهار غرب سوق ليبيا في أمدرمان، إلى غرب السودان، وسط ارتفاع كبير في قيمة التذاكر السفرية.

مبالغ طائلة

وتأتي حركة النزوح الواسعة للمواطنين، بسبب ما جرى تسميته بالحملات الانتقامية التي شنها الجيش والكتائب المسلحة المتحالفة معه على المدنيين في مدينة ود مدني وبعض المناطق في ولاية الجزيرة ومدينة أم روابة بعد استعادة السيطرة عليها، وذلك بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.

ويقول المواطن خليفة جدو لـ(عاين): إن “كل المدنيين الذين قرروا مغادرة الخرطوم تعود جذورهم إلى دارفور، وبعضهم ينتمي إلى نفس المكونات الاجتماعية التي يتبع لها معظم مقاتلي قوات الدعم السريع، وكانوا يعيشون ظروفاً إنسانية سيئة طوال فترة الحرب”.

 ويضيف: “رغم مغادرة الآلاف مؤخراً إلى دارفور، إلا أن العديد من الأسر ما تزال عالقة في مدينتي الخرطوم وشرق النيل وأم درمان، لم يتمكنوا من النزوح بسبب ارتفاع تكاليف السفر، والتي وصلت إلى 600 الف جنيه للشخص الواحد، وهي مبالغ طائلة لا تتوفر لشخص ظل لما يقارب عامين تحت نيران الحرب”.

وتابع: “تحول مقاتلي قوات الدعم السريع إلى مستثمرين في نقل المواطنين إلى إقليم دارفور وكردفان بالسيارات التابعة إلى قوات الدعم السريع بموجب مبالغ طائلة لا يستطيعون عليها، فلم يكن أمام العديد من الأسر غير الاستسلام والبقاء في منازلهم في مدن العاصمة السودانية الثلاث”.

فرص النجاة

 وتداول ناشطون صورا ومقاطع فيديو تظهر عشرات السيارات المدنية والشاحنات محملة بالاثاثات المنزلية، وعلى متنها مقاتلو قوات الدعم السريع متجهة نحو إقليم دارفور، ويستغل المواطنون العالقون مثل هذه الرحلات للنجاة بعد دفع مبالغ طائلة لهؤلاء المسلحين.

من جهته، وصف حسين آدم وهو مواطن عالق في أمدرمان، الوضع في غرب أمدرمان بالكارثي، حيث يرغب السكان في المغادرة، لكن ليس لديهم المال، وإذا قام الشخص ببيع كل أثاثات منزله لن تكفي لدفع قيمة تذكرة شخص واحد من أفراد الأسرة.

ويقول لـ(عاين): “في كل يوم تنتفي فرص الفرار والنجاة، وقد حزمنا أمتعتنا في انتظار الفرج للمغادرة إلى أي جهة آمنة، فلن يستطع العالقون في مناطق سيطرة الدعم السريع التوجه إلى الشرق أو الشمال التي يسيطر عليها الجيش، وليس أمامهم غير السفر إلى إقليمي كردفان ودارفور”.

والجمعة الماضي، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عمليات إعدام بإجراءات موجزة للمدنيين من قبل مقاتلين وميليشيا متحالفة مع القوات المسلحة السودانية في الخرطوم بحري، مكرراً دعوته للإنهاء الفوري لمثل هذه الهجمات.