نازحو كسلا .. “غرق في سيول المأساة”

 عاين- 28 يوليو 2024

لم يمض طويلاً على نجاة عرفة آدم من رصاص الحرب في مدينة سنجة، لتجد حياتها مهددة مجدداً بسبب السيول ومياه الأمطار التي غمرت مخيمها في مدينة كسلا شرقي السودان، قبل أن تتخذ مع رفاقها النازحين طرق وأرصفة المدينة سكنا مؤقتًا.

تفترش عرفة ملابسها المبتلة على رصيف مجاور لمركز المدرسة الصناعية في مدينة كسلا المخصص لإيواء نازحي ولاية سنار، والذي غطته مياه الأمطار بالكامل، وهي تواجه مصيراً مجهولاً بعد أن فقدت حتى مقتنياتها البسيطة ومتعلقاتها الشخصية التي نجت بها من حرب سنجة، في ظل نقص في الغذاء، والخدمات العلاجية.

مصير عرفة آدم، يواجهه آلاف النازحين في مدينة كسلا الذين عاشوا ليلة مرعبة هطلت فيها الأمطار بكثافة، وغمرت مخيمات بأكملها، وأودت بحياة 3 أطفال وفق متطوعي غرف الطوارئ، مما اضطر النازحون للاحتماء بالعراء في طرق وساحات المدينة.

وفاة ثلاثة أطفال في مركز إيواء النازحين بالمدرسة الصناعية كسلا نتيجة التماس كهربائي ولدغات ثعابين بسبب السيول

متطوع

وبحسب هيئة الأرصاد في ولاية كسلا، فإن الأمطار هطلت السبت بمعدل قياسي بلغ 118 متراً، مما أدى إلى غرق مناطق واسعة في المدينة، كما شرعت السلطات في كسلا في ترحيل النازحين المتأثرين بالسيول إلى خارج المدينة، ولم يتعرف بعد على المخيمات الجديدة وما إن كانت مهيأة لاستقبال النازحين.

نقص الطعام

وتقول عرفة لـ(عاين): “تفاجأنا ونحن نيام بالمياه تتدفق من تحتنا، كانت السيول عالية، فأخرجنا الأطفال ولم نفكر في أي شيء آخر، ونحن الآن في الشوارع، وليس بمقدورنا فعل أي شيء”.

وتشير إلى نقص كبير في الطعام، رغم الجهود التي يقوم بها شباب غرفة الطوارئ في تقديم وجبات جاهزة، لكنها غير كافية، كما أن حاجتهم الماسة الآن إلى مركز إيواء بديل تتوفر فيه سبل العيش والخدمات الحياتية وغير معرض للتأثر بطبيعة الخريف.

نازحون في العراء بمدينة كسلا بعد اجتياح السيول ومياه الأمطار مراكز الإيواء

ولم يسلم النازحون الذين لم تغرق مخيماتهم من المعاناة، فقد تسببت السيول في منع وصول الغذاء إليهم، وذلك بحسب ما ترويه صفاء وهي نازحة في أحد مراكز الإيواء بكسلا لـ(عاين).

وتقول: “نواجه مأساة حقيقية وحدنا، فمنذ هطول الأمطار لم يصلنا الغذاء اللازم، حيث يذهب مشرفو المراكز إلى الأسواق، ويستقطبوا الدعم من التجار، وأصحاب الخضر، ولكن أصبح الدعم ضعيفا، وصرنا بلا أكل، ونكتفي بوجبة واحدة في اليوم في كثير من الأحيان، أما المنظمات فقد توقفت عن دعمنا بالغذاء منذ عيد الأضحى الماضي”.

تأثر 12 مركز إيواء في مدينة كسلا بالسيول والأمطار، بينها 3 مراكز مخصصة لاستقبال النازحين من ولاية سنار

غرفة طوارئ كسلا

ويكشف عضو غرفة طوارئ كسلا عبد الرؤوف محمد لـ(عاين)، عن تأثر 12 مركز إيواء في مدينة كسلا بالسيول والأمطار، بينها 3 مراكز مخصصة لاستقبال النازحين من ولاية سنار، وقد غمرتها المياه بالكامل، فهناك عدد من الأسر تفترش الطرقات العامة منذ أول أمس لانعدام الأماكن لإيوائهم.

ويقول عبد الرؤوف: “تحولت الغرفة للعمل كمطبخ متجول، نسبة لوجود عدد كبير من العائلات النازحة تقيم في العراء وفي بعض مراكز الإيواء في حاجة متزايدة إلى الرعاية الصحية الأولية ووجبات غذائية”.

وضع كارثي

ويشير متطوع آخر تحدث مع (عاين) إلى وفاة ثلاثة أطفال في مركز المدرسة الصناعية في كسلا، والذي يستخدم كمركز إيواء للنازحين القادمين من ولاية سنار نتيجة التماس كهربائي ولدغات ثعابين بسبب السيول.

 من جهته، يقول المتطوع في غرفة طوارئ كسلا أحمد البوادري لـ(عاين)، إن النازحين يعيشون وضع إنساني كارثي وبحاجة إلى تدخلات عاجلة لإنقاذ الوضع، لافتا إلى أن السيول أثرت في عمل المتطوعين، وبالأمس تمكنوا من تقديم وجبة واحدة فقط للنازحين؛ لأن المياه غمرت الفحم وكل المواد الخاصة بإعداد الطعام.

وكشف عن شروع سلطات كسلا في ترحيل النازحين إلى خارج المدينة، وقد نقلت بعضهم في 15 عربة دفار كدفعة أولى ينتظر أن يعقبها آخرون، وهي ضمن مساعي لإيجاد حل لأزمة النازحين.