السودان يعتزم تشكيل القوات المشتركة بعد توفر ضمانات مالية

7 سبتمبر 2021 

عامان ولا تزال الأوضاع  في عدد من مناطق إقليم دارفور غربي السودان لاسيما مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور هشة للغاية رغم توقف العنف بين المكونات الإجتماعية إلا أن الآلاف من المدنيين لا زالوا في مخيمات مؤقتة اقامتها السلطات بالمرافق الحكومية جراء انعدام الأمن بشكل حاد منذ يناير 2020. 

ولم يضع اتفاق السلام الموقع بين الحركات المسلحة والحكومة الانتقالية في أكتوبر2020م والذي أفضى الى إقرار تشكيل قوات مشتركة لحماية المدنيين حدا للعنف في اقليم دارفور ويعزو سياسيون ومحللون أمنيون الأزمة إلى غياب الإرادة السياسية بين مكونات السلطة الانتقالية والانقسامات بينها وتعدد الجيوش وتأخر الترتيبات الأمنية.

ونص اتفاق السلام على تشكيل قوات مشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع ومقاتلي الحركات المسلحة لتكون بمثابة إجراءات أمنية تفضي إلى حماية المدنيين في مناطق ما بعد الحرب.

وضع انساني حرج

السودان يعتزم تشكيل القوات المشتركة في مناطق السلم بعد توفر ضمانات مالية
رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس

ويقول مدير إدارة التنمية الإجتماعية بولاية غرب دارفور جمال فضل في حديث لـ(عاين) إن الأوضاع الإنسانية بالغة الحرج ولا زال المدنيون في الجنينة يقيمون في مرافق عامة لأنهم يخشون من العودة في ظل انعدام الأمن.

وتحاول الحكومة السودانية تقديم تصورات جادة لحماية المدنيين بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونتامس” بينما تقول الأخيرة أن العنف لم ينتهي في اقليم دارفور ولا زال الوضع مقلقا.

وذكر رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس في الاجتماع الأول للجنة وقف إطلاق النار مطلع الأسبوع الجاري بالعاصمة أنه في الأشهر الأخيرة شهد اقليم دارفور بالفعل تجدداً مقلقاً للعنف مع خسائر كبيرة في الأرواح .

وأضاف بيرتس: “العنف شمل  الجنينة وطويلة وسورتوني قبل بضعة أسابيع فقط، ومؤخراً العنف في نيالا، وهذا كلّه بمثابة تذكير محزن بأنّ الوضع هشّ للغاية ويحتاج إلى اهتمام عاجل”.

وكانت محلية الجريدة بولاية جنوب دارفور شهدت في يناير الماضي  الاشتباكات بين مجتمعي الرزيقات والفلاتة في محلية الجريدة بجنوب دارفور خلفت 72 قتيلاً وأكثر من 70 جريحاً وأدت إلى نزوح حوالي 100 أسرة.

وأمس الاثنين عقدت الآلية الوطنية لحماية المدنيين في السودان اليوم اجتماعا برئاسة وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني خالد عمر مع وكالات الأمم المتحدة في السودان إلى جانب دول الترويكا ودول شركاء السلام، بحضور وزير الداخلية السوداني الفريق عز الدين الشيخ، ووزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، وسفراء كل من جنوب أفريقيا، وكندا، واليابان، والإمارات المتحدة، وتشاد، وممثل بنك التنمية الأفريقي، وذلك لاستعراض خطة الآلية الوطنية لحماية المدنيين وبحث سبل التعاون المشترك بين الآلية وشركاء المجتمع الدولي.

السودان يعتزم تشكيل القوات المشتركة في مناطق السلم بعد توفر ضمانات مالية
اجتماع الآلية الوطنية لحماية المدنيين في السودان

استجابة دولية للتمويل 

وذكر مسؤول حكومي من مجلس الوزراء أن إجتماع الآلية الوطنية لحماية المدنيين في الاجتماع إمكانية تمويل القوات المشتركة لأن العثرة الوحيدة أمام الأزمة الأموال اللازمة لتنفيذ الإجراءات الأمنية.

وأشار إلى أن الحكومة السودانية لا تملك التمويل الكاف للقوات المشتركة ولذلك تعطلت شهور منذ إعلان قرار تشكيلها مضيفا أن الأطراف الدولية التي شاركت في الاجتماع وعدت بتوفير التمويل اللازم مناصفة مع السودان.

لكن المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل يعزو الخلل في الترتيبات الامنية وتشكيل القوات المشتركة إلى العيوب التي صاحبت اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة.

وذكر فضل في حديث لـ(عاين) أن الانتقادات والملاحظات التي وجهها الحزب الشيوعي لاتفاق السلام لم تكن عن طريق الصدفة أو مجرد النقد لكن شعرنا مبكرا أن الحرب لا يمكن إنهاؤها بالمحاصصات الحكومية.

وأضاف: “في اجتماعنا مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مؤخرا نقلنا له قلقنا من خطورة الوضع الأمني في مناطق دارفور والمنطقتين وضرورة حماية المدنيين وتلقينا معلومات أن الحماية قد تكون بالنسبة للنازحين في الوقت الراهن بقائهم في المخيمات لصعوبة الوضع الأمني خارجها”.

السودان يعتزم تشكيل القوات المشتركة في مناطق السلم بعد توفر ضمانات ماليةالسودان يعتزم تشكيل القوات المشتركة في مناطق السلم بعد توفر ضمانات مالية

الإفلات من العدالة 

وكان وفد برئاسة عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حسن التعايشي شارك في لجنة التقصي بشأن أحداث “كولقي” بولاية شمال دارفور في أغسطس الماضي والتي تباينت رواياتها ما بين اشتباك بين القوات المشتركة التي شكلت لحماية الموسم الزراعي مع مليشيا مجهولة. ويقول المحلل في الشأن الأمني عثمان عبد الحميد في حديث لـ(عاين) إن سلسلة الأحداث التي وقعت مؤخرا في اقليم دارفور قد تتكرر مرة أخرى لان السلطات لا تكترث بتطبيق العدالة.

وأشار عبدالحميد إلى ان القوات المشتركة لن تقدم حلولا جذرية للصراع المجتمعي والاقتتال بين القبائل أو بين المليشيات والمزارعين في ظل غياب العدالة وإفلات الجناة من العدالة منذ أحداث الجنينة 2020 واعتصام كتم خوربرنقا العام الماضي.

وتابع: “عشرات الضحايا لم يجدوا الانصاف والعدالة والقتلة طلقاء يتحركون بحرية تامة في ظل غياب تام للسلطات والقانون وغياب المحاكم في إقليم دارفور”. وأردف: “المطلوب دولة القانون بإنشاء محاكم مدنية في جميع المناطق ومحاسبة القتلة بالقانون وحل النزاعات حول الأراضي فورا بواسطة مجلس الحكماء وبناء مؤسسات الدولة وسط تلك المناطق”.