متطرف يهاجم معرض الجمهوريين ويسأل في قبضة الشرطة عن (حزام ناسف)
تقرير: عاين 22اكتوبر 2019م
“الرأي حر ولا رقابة على احد”، كان هذا هو العنوان الابرز لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب في دورته الخامسة عشر، فكل الكتب والمؤلفات والافكار التي كانت تمنعها ادارة المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة في عهد الرئيس المخلوع البشير تتصدر دور العرض المحلية والعربية في المعرض الذي افتتح الخميس الفائت.
الفكر الجمهوري يتصدر
فضاء الحرية المفتوح في معرض الخرطوم للكتاب تصدر مشهده الجناح الخاص بعرض مؤلفات المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه داخل المعرض لأول مرة. وصدارة هذا الجناح تتمثل في الإقبال الكبير على اصدارت طه والتي تعدت الـ30 اصدارة من قبل زوار المعرض خاصة الشباب من الجنسين.والفكر الجمهوري الذي عمل عليه محمود محمد طه هو التجديد في الأسلام، وله مؤلفات بهذا الخصوص بينها الرسالة الثانية من الاسلام وغيرها من المؤلفات، وواجه هذا الفكر هجوما عنيفا من قبل الجمعات الاسلامية التي اعتبرته ردة عن الاسلام قبل ان تصدر محكمة في الخرطوم حكما باعدامه بتهمة الردة ونفذ الاعدام بحقه في 18 يناير 1985.
وظلت سلطات نظام الرئيس المخلوع تفرض لثلاثين عاما تضييقا على نشاط الحزب الجمهوري وتمنع نشر افكار زعيم الجمهوريين محمود محمد طه وترفض تسجيل حزب الجمهوريين وتصادر دوره وكتبه من كل معارض الكتب في العاصمة وتمنع حتى احياء ذكراه داخل الصالات المغلقة، الامر الذي اضطر تلاميذ طه الملقب ب”الاستاذ” للهجرة خارج البلاد قبل ان يعود منهم الكثيرون في اعقاب الثورة الشعبية التي اطاحت بنظام البشير.
وقالت المسؤولة عن جناح عرض كتب طه بمعرض الخرطوم للكتاب، آمنة الهمداني، وهي عضوة في الحزب الجمهوري ايضا، “اعتقد ان الاقبال الكبير على مؤلفات طه مرده الى ارتفاع درجة الوعي بين السودانيين خاصة بين الشباب الباحث عن افكار متجدده تواكب فهمهم لما يدور من حولهم في ظل خطاب ديني متطرف وهجوم غير مبرر على الجمهوريين من قبل المجموعات الدينة”.وتزيد الهمداني ” ظللنا نواجه تضييقا خلال العقود السابقة وتصادر مطبوعاتنا ويحظر حزبنا واغلق مركزنا الثقافي، لكن بفضل الحكم المدني نتواجد اليوم في معرض الخرطوم وعلى الملأ لنقدم فكرنا..منذ بداية المعرض الخميس الماضي بيعت عدد كبير من المطبوعات ونعمل على طباعتها الآن لعرضها مجددا”.
تاجيج الجدال
وساعد الجدال الكثيف بين الجماعات الاسلامية على راسها الداعية الاسلامي عبد الحي يوسف وآخرين خلال الايام الماضية حول زعيم الفكر الجمهوري محمود محمد طه واتهام عبد الحي لوزيرة الشاب والرياضية ولاء البوشي في الحكومة الانتقالية القريبة من الجمهوريين بالردة على خلفية رعاية وزارتها لدوري كرة القدم للسيدات، ساعد هذا الجدل على الاقبال الكبير في التعرف على الفكر الجمهوري لمؤسسه محمود محمد طه.
ووصل الصراع بين الوزيرة ورجل الدين عبد الحي يوسف إلى المحكمة بعد ان دونت الوزيرة بلاغا جنائيا ضد الداعية الاسلامي، فيما اثير جدل كثيف الاسبوع الماضي على خلفية تعيين د. عمر القراي مسؤولا عن المناهج التعليمية في البلاد لجهة ان القراي هو احد تلاميذ صاحب الفكر الجمهوري المثير للجدل محمود محمد طه.
هجوم.. وطلب حزام ناسف
الاقبال الكبير على مؤلفات محمود محمد طه بمعرض الخرطوم مقرونا مع الجدال الكثيف حول الفكر الجمهوري مؤخرا ومهاجمته من قبل رجال الدين الاسلامي، وصل ذروته مساء امس الاثنين بمهاجمة رجل ملتحي يعتقد انه ينتمي لجماعة اسلامية متطرفة الجناح الخاص بعرض كتب “الاستاذ” وتدميره بالكامل واسقاط الكتب على الارض.
وقالت صاحبت دار نشر الشباك بمعرض الخرطوم والشاهدة على الحادثة، ايماض بدوي لـ(عاين)، “سمعنا صوت جلبة في الممر المجاور لنا والمعروف عنه ازدحام لعرض الجمهوريين لأول مرة كتب الاستاذ محمود محم طه في المعرض”. واضافت ” بعد وصولنا إلى المكان وجدنا رجلا ملتحيا في حالة هياج تامة وهو يصرخ ويدمر في المكان ويمزق في البوسترات التي عليها صور طه بجانب بعثرة الكتب على الارض”.وأشارت بدوي، إلى أن الرجل الذي يحمل عصى استمر في هذه العملية لما يقارب العشر دقائق وهو يردد بصوت عال ” لا اريد كفرا .. لا اريد زندقة..يعيش الاسلام.. يعيش البشير” في اشارة للرئيس المخلوع عمر البشير.
واوضحت إيماض انه، بعد وقت تدخلت الشرطة التي تمكنت من السيطرة عليه وايقاف حركة الفوضى التي كان يقوم بها داخل المعرض لكن افراد الشرطة لم يستطيعوا اسكاته عن ترديد عبارات بصوت عال وطلبه “انا داير الحزام .. جيبو الحزام.. الحزام وينو”، وهذه العبارات تحديدا اثارت الرعب في اوساط الحاضرين الذين غادر معظمهم المكان مسرعين وفي بالهم ان طلب الرجل للحزام ربما يكون حزاما ناسفا “متفجرات” لا سيما ان احد الحاضرين كان يهدئ في الرجل ويقول له “سنأتي لك بالحزام فقط عليك ان تهدأ”.
واثارت هذه الحادثة-وفقا لايماض، مخاوف بين العارضين سيما اصحاب دور النشر الاجانب، والذين ترسخت لديهم قناعة بان الرجل او من معه في الفكرة قد يعودون في وقت لاحق، وأشارت الى انهم بنوا مخاوفهم لمرافقة احد الاشخاص للرجل الهائج وكان قريبا منه ما يشئ بانه صديق له او احد معارفه وبالتالي غير مستبعد ان تكون هذه هي جماعة منظمة.
تعزيز الامن بالمعرض
وسارع وزير الثقافة فيصل محمد صالح، الى مقر جناح الجمهوريين بالمعرض واكد على حق الجميع في طرح افكارهم وآرائهم وان لا حجر على راي احد. مؤكدا حرص حكومته على اتاحة الحريات للجميع.وقال في تصريح صحفي من امام مقر جناح العرض المخصص للفكر الجمهوري، “بمثلما توجد في المعرض افكار وجماعات كثيرة تعرض افكارها فمن حق الجمهوريين عرض افكارهم ايضا”. وزاد “نتمنى ان يكون الجميع لديهم القدرة على احتمال بعض لطلما الحوار فكريا ومفتوحا ويتم بطريقة متحضرة ودنية”.