السودان: (وقف النار) .. الاحتمال الراجح في مفاوضات جدة
عاين- 27 أكتوبر 2023
على الرغم من استمرار المعارك العسكرية على الأرض بشكل عنيف اليومين الماضيين بين الجيش السوداني، والدعم السريع خاصة في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، لكن تفاؤلا يسيطر على طاولة المفاوضات التي بدأت الخميس بين الجانبين في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وكانت الوساطة الراعية لمنبر جدة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وجهت الدعوة إلى الجيش والدعم السريع لاستئناف المفاوضات التي علقت منذ يوليو الماضي اثر تباعد الاتفاق بينهما في بنود متعلقة بالفصل بين القوات ونقاط التفتيش العسكرية في المدن.
إطفاء الحريق
تأتي مفاوضات جدة في هذا الوقت والمعارك العسكرية انحسرت إلى حد كبير في العاصمة السودانية خاصة حول القواعد العسكرية التابعة للجيش فيما تغيرت المعادلة العسكرية بالنسبة للدعم السريع الذي سيطر على ضاحية العيلفون شرقي العاصمة إلى جانب إعلانها الاستيلاء على مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور.
يرى الباحث في الشؤون السياسية أحمد مختار في حديث لـ(عاين)، أن المفاوضات عادت من جديد لأن المجتمع الدولي يريد إطفاء النزاع المسلح في السودان وإيقاف الحرب التي خلفت أكبر حالة نزوح بتشريد نحو سبعة ملايين شخص بمعدل مليون نازح شهريا.
ويقول مختار: إن “المفاوضات على الرغم من توقيتها مع المعارك العسكرية لكن دولتي الوساطة الأميركية والسعودية تعلمان تماما أن نهاية المحادثات ستكون هناك عملية توقيع ملزمة للطرفين على وقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية لفترة لا تقل عن ستة أشهر”.
وأفاد مختار، أن المفاوضات في جدة ربما تشهد تطورات الأيام القادمة وربما ينضم إليها كبار الجنرالات من الجيش والدعم السريع للمشاركة في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار خاصة مع الوضع في الاعتبار مغادرة عضو مجلس السيادة ونائب قائد القوات المسلحة الفريق شمس الدين كباشي مقر القيادة الحربية في الخرطوم.
يربط مختار بين مغادرة الكباشي مباني القيادة العامة قبل أسبوع وانطلاق المفاوضات في جدة في نفس التوقيت. ويقول إن “مغادرته جاءت برغبة من الولايات المتحدة الأميركية والسعودية عبر سفيرها في السودان الذي تحدث مع البرهان حول ضرورة خروج الكباشي وترتيب الاتفاق المتعلق بوقف إطلاق النار”.
وبضيف: إن “حرب السودان إما أن تتحور في هذا الوقت إلى حرب اقليمية بتدخلات دولية مباشرة عبر تسليح الطرفين وتوسيع دائرة الصراع وإما وقفها تماما وهذا هو المرجح بقوة”.
سحب المظاهر العسكرية
ومن المتوقع انطلاق جولة مسائية للمفاوضات بين الجيش والدعم السريع اليوم الجمعة لمناقشة ورقة متعلقة بالانسحاب من المواقع المدنية- حسب ما نقل مصدر من القوى المدنية المقربة من طرفي المفاوضات لـ(عاين).
وذكر المصدر، أن الورقة ستناقش كيفية سحب الجيش والدعم السريع من المناطق المأهولة بالمدنيين وإنهاء جميع المظاهر العسكرية التي حدثت بعد 15 أبريل 2023 وهو اليوم الأول لاندلاع الحرب.
وأشار إلى أن نشر قوات أفريقية غير مستبعدة للفصل بين القوتين العسكريتين المتحاربتين إلى حين بناء إجراءات الثقة من خلال تكوين الحكومة المدنية واكمال الترتيبات الأمنية.
وتابع: “هناك مقترحات بنشر قوات أفريقية من مصر ورواندا ربما يرفض وفد الدعم السريع القوات المصرية وربما يوافق أيضا على قوات أفريقية مقابل القوات المصرية هذه التفاصيل ستكون موجودة في المفاوضات الحالية”.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت سيطرتها الخميس على الحامية العسكرية بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بعد معارك ضارية الأمر الذي ربما يعيق المفاوضات بين الطرفين في منبر جدة.
ورقة تفاوض
بالمقابل يقول الباحث السياسي حذيفة كمال في حديث لـ(عاين)، إن إعلان الدعم السريع سيطرته على مدينة نيالا لاستباق وقف إطلاق النار وحماية ظهره حال الانسحاب من المواقع الرئيسية التي سيطر عليها في العاصمة السودانية.
ويرى كمال، أن المفاوضات قد تؤدي إلى وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى لكن المعارك في إقليم دارفور لن تتوقف خاصة مع صعوبة إخراج الدعم السريع من الحاميات العسكرية التي سيطرت عليها في هذا الإقليم المضطرب.
وتابع: “التحديات في تحالف الدعم السريع مع المجموعات القبلية في دارفور وكردفان وتحول الحرب من الخرطوم إلى تلك المناطق”.
ويقول كمال: إن “وقف إطلاق النار الشامل في السودان يحتاج إلى عملية سياسية يقودها مدنيون جنبا إلى جنب مع الجنرالات لذلك فإن توقف الحرب لا يعني التخلص منها نهائيا لأن شبح الحرب سيظل في السودان إلى حين تكوين الجيش الموحد”.
وأردف: “قوات الدعم السريع قوات ضاربة وقوية والجيش أيضا لم يهزم في هذه الحرب والقوى المدنية ضعيفة جدا وفي منطق توازن الضعف يجب العمل على الحد الادنى من تأسيس دولة واطلاق المصالحة الشاملة والمفاوضات تبقى مرحلة مبدئية في الطريق إلى دولة فاعلة”.
وكان الدبلوماسي الأمريكي”دانيال روبنشتاين” القائم بالأعمال الأمريكي في مصر، وصل إلى جدة لمتابعة المفاوضات بين الجيش والدعم السريع إلى جانب ممثلي الاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية في شرق أفريقيا “إيقاد”.
وقال مصدر دبلوماسي من السفارة الأميركية لـ(عاين) إن “الدبلوماسي الأمريكي الذي عين حديثا في الملف السوداني يحمل مقترحات جديدة من خلال فهم أبعاد الصراع المسلح في السودان ولديه معلومات كاملة عن الأشخاص الذين يعملون على عرقلة الجهود السلمية”.