قتيلان وجرحى بالخرطوم واشتباكات نظاميين في بورتسودان
تقرير عاين :24يناير 2019
انتظمت تظاهرات هي الأكبر عدداً في عشرات المدن والقرى السودانية من أقصى الشرق في بورتسودان الى اقصى الشمال بعبري مرورا بالخرطوم وغيرها من مدن البلاد وقراها. ووفقا لصحفيين ومراقبين فقد بلغ عددها مايزيد عن المئة تظاهرة منها اربعة واربعين في ولاية الجزيرة وحدها في اعداد تقارب المائة ألف مواطن، قابلتها السلطات بعنف أسفر عن مقتل اثنين من المتظاهرين الطالبان محجوب التاج محجوب من حي الصحافة وعبدالعظيم بابكر من حي العباسية.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان الخميس إن الطالبان قتلا اليوم، وفيما قتل الطالب محجوب تعذيبا على يد جهاز الأمن لقي عبدالعظيم مصرعه برصاصة اثناء التظاهرات بحي العباسية. وفي احياء جنوب العاصمة الخرطوم، احتشد المئات من المتظاهرين في تقاطع البيبسي الشهير في منطقة جبرة وعلت هتافاتهم بعد نحو عشرين دقيقة من الموعد المحدد الواحدة ظهرا لانطلاقة مواكب التنحي في جميع مدن وقرى السودان.
تنحي فوري
هتف المتظاهرون منددين بالحكومة ومطالبين بتنحي الرئيس البشير على الفور، وتقدم شبان وشابات يحملون علم السودان الى قيادة الموكب ووضعه في المسار الصحيح نحو القصر الرئاسي في قلب العاصمة. اتجه الموكب وتصاعدت هتافاته واخذ المواطنون في الانضمام اليه وهو يتجه شمالا الى محطة او تقاطع الكهرباء، ومن هناك قرر قادة الموكب ايضا الانعطاف يمينا باتجاه محطة سبعة الشهيرة في حي امتداد الدرجة الثالثة جنوب الخرطوم.
تفاعل غير متوقع
“مهند الصافي” احد المتظاهرين، يقول لـ(عاين) اثناء سير الموكب، “من الليلة السابقة لمواعيد المواكب المعلنة رتبنا نحن شباب عدد من الأحياء وأعددنا شعارات وتمكنا من شراء كمية لابأس بها من أعلام السودان”. ويضيف “لم يكن في حسباننا تفاعل هذا العدد الكبير من المواطنين الذين تراهم الآن.. لكنى نادم الآن على هذه الحسابات المغلوطة بالنسبة لي ولعدد كبير من الشبان المنظمين”. ويضيف “ما خاب من راهن على الشعب السوداني”. قطع الموكب مسافة طويلة في اتجاه مقصده، وطول هذه المسافة ورغم الارتكازات الضعيفة مقارنة مع المواكب السابقة لقوات الأمن لم يحدث أي تدخل للقوات الامنية او قوات الشرطة.من محطة الكهرباء في جبرة باتجاه الشرق الى محطة سبعة بحي الامتداد زاد عدد المتظاهرين، قرب المحطة المقصودة ارتكزت قوات من الشرطة وأطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهرين.
غياب لرجالات الأمن
وتشتت المتظاهرين إلى داخل أحياء الامتداد، لاحظت (عاين) ان الشوارع الداخلية جميعها مغلقة تماما وكأنها على موعد لاستقبال المتظاهرين الراجلين فقط ولا مكان لقوات امنية لدخول الى الاحياء و مطاردة المحتجين، وهذا التكتيك نجح فيه المتظاهرين تماما وسرعان ما أعادوا تنظيم صفوفهم والعودة مجددا الى شارع الصحافة زلط وهو أحد أكبر وأهم الشوارع الرئيسية التي تربط وسط الخرطوم بجنوبها.
وفي الاثناء عادت ايضا للمرة الثانية قوات الشرطة أكثر شراسة وأخذت في عمليات إطلاق كثيف للبمبان وتفريق مواكب المنطقة المتجه نحو القصر ، واكتفت القوات الامنية باطلاق الغاز المسيل للدموع دون الدخول للأحياء التي وضعت عليها متاريس ضخمة تمنع حركة السيارات بداخلها تماما. وبالتقدم إلى عمق الخرطوم، شهدت أحياء الديم والحلة الجديدة عمليات كر وفر بين المواطنين، ورصدت (عاين) تمركز كبير لسيارات الشرطة في محطة باشدار التي شهدت تجمعا كبيرا للمتظاهرين تفرق في الحي العريق وسط الخرطوم، واخذت التجمعات الاحتجاجية تتوزع في المنطقة وسط مطاردة راجلة بالسيارات للقوات الامنية التي اعتقلت عدد من المتظاهرين والمتظاهرات الشباب الذين رفعوا لافتات وارتدوا “تشيرتات” كتب عليها وسم الانتفاضة الأشهر “تسقط بس”.
القُرى والحضر
في ام درمان حي العباسية بأم درمان التي مازالت حتى وقت متأخر من المساء تشهد عمليات كر وفر بين المتظاهرين، الذين احتشدوا في الحي واتجهوا بشارع الاربعين الى محطة عابدين لكن قوات كبيرة مرتكزة في المكان أمطرت المتظاهرين بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع وفرقت جمعهم للحظات قبل ان ينظم المتظاهرين صفوفهم مجددا والعودة الى شارع الأربعين والسيطرة عليه تماما حتى محطة عابدين في تحد لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وفي ولايات السودان الاخرى خرجت كل من عبري شمالي السودان ومدينة ودمدني وسط السودان اضافة الى العديد من القرى كاكسمبر وفداسي اربجي سنار عبري قرية ام طلح ولاية الجزيرة الشكابة ولاية الجزيرة المسعودية فداسي كركوج (سنار) المحيريبا الصابونابي الشبيراب.
بري تقاتل
وفي الخرطوم كذلك اكتسبت التظاهرات في منطقة بري التي أصبحت رمزا لصمود وسلمية الثورة، طابعا أكثر ثباتا أمام العشرات من سيارات الشرطة والأمن التي طوقت المنطقة وحولتها لثكنة عسكرية.
وشاهد مراسل شبكة (عاين) العشرات من (دفارات) الشرطة تاتشرات تابعة للشرطة تظهر لأول مرة في التظاهرات تطوق منطقة سوق أربعة بوسط بري من كافة الاتجاهات. ورغم كثافة الغاز المسيل للدموع فقد استمات ثوار بري في الدفاع عن منازلهم ضد محاولات الاعتداء على المنازل، فيما وقعت معركة باسلة في ميدان (الدرايسة)، سقط خلال عدد من الثوار بالإغماء نتيجة كثافة الغاز. وقال متظاهر ل (عاين) لا حظنا اليوم أن سيارات الشرطة طوقت المكان ولم تسمح بدخول القوات الامنية الى سوق اربعة حيث تجمع المتظاهرين بالقرب من من منزل الشهيد معاوية عثمان.
وتواصلت التظاهرات في بري حتى ليل الخميس بين كر وفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي استمرت في تطويق المكان حتى وقت متأخر من ليل الخميس.
الجيش يسيطر علي بورتسودان
وفي مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، لقي فرد من جهاز الأمن مصرعه في معركة هزت أركان المدينة اشتعلت بين قوات الأمن والجيش مساء الأربعاء. وقال بيان للجنة أمن ولاية البحر الاحمر انه “ حدث عند الساعة الثامنة مسا۽ بمدينة بورتسودان احتكاك بين أفراد من منسوبي القوات المسلحة وأفراد من منسوبي جهاز الامن والمخابرات الوطني اصيب على اثره عدد منهم وتم إسعافهم وغادروا المستشفى”. وأكد البيان “احتسبت قوات جهاز الأمن والمخابرات الوطني فردا من قواتها وقد تم احتواء۽ الموقف بواسطة قيادة الطرفين وتطمئن لجنة أمن الولاية استقرار الأحوال الأمنية”. لكن شهود عيان من بورتسودان أكدوا لـ (عاين) ان المدينة مرت بساعات عصيبة ورعب في سوق المدينة وعدد من الأحياء المجاورة جراء اطلاق النار الكثيف بين القوات المتقاتلة وسط شوارع المدينة. وما تزال سيارات القوات المسلحة تنتشر بكثافة في المدينة، وتجوب الشوارع بأسلحة ثقيلة وسط غياب تام لأفراد جهاز الأمن.