موجة ثانية من (كورونا) تفتك بالسودانيين في خضم وضع صحي واقتصادي هش
عاين- 2 ديسمبر 2020
“كورونا ليست سياسة أو مزاح.. كورونا مرض يهدد الجميع، والنجاة منه تأتي بالتزامنا الجماعي، والتعامل بمسؤولية نحوه”، تقول وعد سعيد 25 عاماً، وهي التي أمضت 17 يوماً في مركزي عزل مستشفى الخرطوم وينوفيرسال، بالعاصمة السودانية الخرطوم، خلال الموجة الأولى لفيروس كورونا في البلاد.
تضيف سعيد لـ(عاين)، “أكثر شيء كان مخيفاً بالنسبة لي خلال تجربتي، في الاشتباه، إلى حد التعافيَّ التدريجي، من الأعراض بعد مضي 10 أيام، هو خوفي من كوني قد أكون نقلت المرض إلى أشخاض آخرين، وأن تكون معزولاً.. إنه شعور صعب، الإضرار بالآخرين والعزلة.
مقارنة
عند شعورها بالأعراض، قررت سعيد، التبليغ ومن ثم حولت إلى مركز عزل مستشفى الخرطوم، دون إخبار عائلتها، حيث أبلغتهم لاحقاً بالقرار الذي اتخذته. وتقول سعيد، إنه عند عقد مقارنة، بين الموجة الحالية للمرض، والموجة السابقة، فتعامل السلطات مع الموجة الأولى كان أفضل، ولكن هذا لا يعني، أن الوضع الصحي خلال الموجة الأولى كان مثالياً، تُشدد.
“عندما تقارن تجهيزات مركز عزل الخرطوم بمركز عزل يونفيرسال، تجد أن مستشفى يونفيرسال، مهيأ بشكل أفضل رغم وجود مشاكل في الكوادر الطبية، وهو يتناسب مع المرضى بشكل عام، حيث عانى مركز الخرطوم من نقص في الملابس الواقية وعدم تقديم خدمات طبية كافية، الحماية وتعقيم المستشفيات. كان يوجد جهاز تنفس واحد بمركز الخرطوم للعزل، لكن في نهاية المطاف هم كانوا يعملون وفق الإمكانيات المتاحة، وليست المطلوبة”، توضح سعيد.
وخلال تجربتها مع كورونا التي بدأت في الخامس عشر من مارس وانتهت في بدايات أبريل، تشير سعيد إلى توفر الدواء حينها بالإضافة إلى الفايتمينات، وإجراء فحوصات كل 3 أيام، مشيرة إلى أن نتيجة الفحص الأولى كانت سلبية، لكنها أكدت أن إصابتها تأكدت بنسبة 8 -10.
” أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الصحية في البلاد والتي يرأسها عضو مجلس السيادة الانتقالي، صديق تاور عددا من القرارات والتوجيهات للمؤسسات الحكومية والخاصة بتشديد الإجراءات والاحترازات الصحية وتخفيض الموظفين في المصالح والمؤسسات الحكومية والخاصة بنسبة تترواح بين 50% إلى 70% بما لا يعطل العمل الضروري الى جانب منح الفئة العمرية الأكبر من 55 سنة وذوي الأمراض المزمنة إجازات مدفوعة الأجر “ |
وضع كارثي
وتشير إلى أن الوضع الحالي سيئ جداً، حيث من المفترض أن تقوم الحكومة ووزارة الصحة بدور أكبر وحاسم، في ظل منظومة صحية مدمرة، ووجود مشكلة في قطاع الأدوية. البلاد ما تزال مفتوحة، لا بد من وجود دور كبير لوزارة الرعاية الاجتماعية، كما تسببت التجمعات الأخيرة، احتفالات السلام والحفلات العامة في تفاقم الأوضاع الصحية.
لكن طبيباً يعمل بمركز عزل مستشفى يونفيرسال شمالي العاصمة السودانية الخرطوم، يصف الوضع الصحي الحالي بالكارثي، ويقول إن المركز ضمن 3 مراكز تعمل فعلياً في العاصمة، إلى جانب مركز عزل مستشفى الخرطوم ومستشفى جبرة للطوارئ الذي دخل الخدمة مؤخراً.
وأكد الطبيب الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن مركز عزل يونفيرسال شهد وفاة 35 بفايروس كورونا خلال 15 يوماً، مشيراً إلى أن أعداد المرضى في الانتظار كبيرة جداً بمراكز العزل والمستشفيات الحكومية والخاصة.
وشدد الطبيب الذي يعمل كمتطوع، على وجود نقص في العلاجات والأدوية المنقذة للحياة وحتى المحاليل الوريدية، وتوقف المعمل تماماً عن الخدمة، كما أن المركز يفتقر لجهاز قياس غازات الدم وهو جهاز مهم في العملية العلاجية، بخاصة مرضى كورونا، موضحاً أنه تمت صيانة الجهاز بواسطة تبرعات من المواطنين.
ولفت إلى وجود نقص في الكوادر الطبية، لعدم التزام الوزارة بدفع الرواتب، وعدم توفير الوجبات، والتي يتبرع بها في أوقات كثيرة مواطنون، فضلاً عن عدم وجود الملابس والمعدات الواقية، في ظل بيئة عمل سيئة جداً، موضحاً تعرض الطاقم الطبي للخطر جراء افتقادهم للملابس الواقية “PPA” والتي تشتمل على كمامات واقية.
وكشف الطبيب عن سعة المركز، والتي قال إنها تسع لـ34 مريضاً، فيما يوجد 14 أسرة فقط للعناية المركزة، موضحاً أن أجهزة التكييف معطلة داخل العناية ما أجبر مرافقي المرضى، إلى جلب مراوح هوائية وهي تمثل خطراً في انتشار المرض، ويقول إن سعة المستشفى أكبر من ذلك، لكن هذا ما سمح به جهاز المخابرات العامة المالك للمستشفى.
ووصف الوضع الصحي الحالي بالكارثي، وأنه نتاج لعجز الدولة وغياب التجهيزات، فضلاً عن عدم جاهزية النظام الصحي، وتسول الحكومة الحكومة للمنظمات العامل في القطاع الصحي، مكذباً وجود أي جهود حقيقية للحكومة، حيث لا زيارات من ممثليها لهذه المراكز أو متابعة المشاكل اليومية والعمل على حلها، حيث من مهامهم معرفة نواقص مراكز العزل وتقييم الاحتياجات الملحة، معتبراً أن المشكلة لا تتعلق بالوزير السابق أو الحالي، وإنما ترتبط بعدم وجود “سيستم” واضح للتعامل مع الأزمة.
محسوبية
قبل أن يكشف عن وجود محسوبية في التعامل مع المرضى، حيث ذكر أن مسؤولين كُثر أتوا بأقاربهم للمركز دون المرور بالإجراءات المتبعة، من بينهم زوج وزيرة المالية هبة محمد علي، يتعامل عدد من المسؤولين بمجلس الوزراء، وكان مستشفى يونفيرسال ملكاً لهم. وعبر الطبيب عن أسفه لعدم قدرتهم التعامل مع ثلاث حالات مصابة بالمرض تواصلوا معه، لعدم وجود ما يمكن فعله بشأنهم. لم ندرِ ماذا نقول لعائلاتهم.
تجربة
تجربة مختلفة للعزل وتعامل مختلف تجاه أعراض فايروس كورونا، ترويها إنتصار حمد، وهي في المراحل النهائية للشفاء، من فيروس كورونا المستجد. تقول حمد، إنها تماثلت للشفاء مؤخراً من فيروس كورونا المستجد، موضحة أن ذلك حدث لأنها قامت بإتباع بروتوكول علاجي وغذائي وصفته بالناجع، مشيرة إلى أن إبنها الطبيب كان قد عمل خلال الموجة الأولى للفايروس القاتل، بأحد مراكز العزل العاصمة الخرطوم، لافتة إلى أنه نقل خبرته في التعامل مع المرض والمرضى للبيت، تحوطاً من إصابة أحد أفراد الأسرة، وبالفعل مع بداية الموجة الثانية، أصبت بأعراض المرض وكانت النتيجة إيجابية.
وحول البروتوكول الذي اتبعته داخل المنزل تشير حمد إلى أنه يقوم على استخدام فيتامين (c) و فيتامين (زنك) إضافة لاستخدام (1000) وحدة من أقوى مضاد حيوي زائداً استخدام (ملتي فيتامين)، موضحة أن السلوك الغذائي الجيد، يعد عاملاً حاسماً للتعافي من المرض، موضحة أن الإصابة بكورونا تفقد المرء الشهية، إلا أنها قالت أنها اعتمدت على تناول (الشوربة الدافئة) إضافة لتناول الكثير من الليمون والبرتقال.
وشككت حمد حول وجود عناية أكبر من التي يمكن تلقيها في المنازل، في حال المقارنة بمراكز العزل، مفضلة ـــــ حسب تجربتهاـــــ المنزل، عن مركز العزل. إلا أنها أضافت أن ذلك رهين بالقدرة على إتباع البروتوكول العلاجي والغذائي، وتوافر الإمكانيات اللازمة.
وكانت اللجنة العليا للطوارئ الصحية في البلاد والتي يرأسها عضو مجلس السيادة الانتقالي، صديق عددا من القرارات والتوجيهات للمؤسسات الحكومية والخاصة بتشديد الإجراءات والاحترازات الصحية وتخفيض الموظفين في المصالح والمؤسسات الحكومية والخاصة بنسبة تترواح بين 50% إلى 70% بما لا يعطل العمل الضروري الى جانب منح الفئة العمرية الأكبر من 55 سنة وذوي الأمراض المزمنة إجازات مدفوعة الأجر وإلزام الموظفين والمتعاملين مع الجهات الحكومية والشركات والأسواق بإرتداء الكمامات وتوفير معينات غسل اليدين في كل المرافق.
ودعت اللجنة، المساجد ودور العبادة للالتزام بإقامة الصلوات في المساحات المفتوحة مع تقصير فترة الصلاة وخطبة الجمعة اضافة الى ايقاف الدراسة بالفصول النهائية (ثامنة أساس – ثالثة ثانوي) لحين وضع تصور جديد لإستئناف الدراسة، كما ألزمت سلطة الطيران المدني على تشديد الإجراءات بالنسبة للمسافرين والقادمين والتي تبدأ بإبراز شهادة فحص سالبة من مركز معتمد لفيروس كوفيد 19، والالتزام بإجراءات التعقيم وارتداء الكمامات للمسافرين والعاملين بالمطار وشركات الطيران والإلتزام بالتباعد الإجتماعي واستخدام الفحص الحراري وحجز المشتبه بهم.
“ حسب آخر تقرير إحصائي لوزارة الصحة السودانية، فإن العدد التراكمي للإصابات، منذ بداية الجائحة هو (18254)، متضمنة عدد (1265) حالة وفاة، و(10493) حالة تعافي. لكن تقرير نشرته “إمبريال كوليج”، مؤخراً عن وضعية كورونا بالبلاد، قدر إصابة 38 في المئة من سكان ولاية الخرطوم بالمرض، ووصول حالات الوفاة جراء الفايروس لـ 16.090 حالة وفاة حتى نوفمبر الماضي “ |
إغلاق
من جانبه، قدم وزير الصحة المكلف اسامة احمد عبد الرحيم، خلال الاجتماع تقريرا عن الوضع الصحي في البلاد وخطة الوزارة لمواجهة الموجة الثانية لجائحه كورونا، موضحاً أن الوزارة تنقصها الموارد المالية لزيادة عدد مراكز العزل والعلاج، مؤكدا أن الدولة تقدم الفحص المجاني للمشتبه بإصابتهم والعلاج المجاني بالكامل بينما يتم فحص المسافرين بمقابل مادي.
وحول الإغلاق الشامل، قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ان اغلاق البلاد امام جائحة كورونا مرتبط بتطورات الجائحة، مؤكداً في مقابلة تلفزيونية، في بداية الأسبوع الحالي، سعى الحكومة لعدم الإغلاق التام لتجنب التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للاغلاق، حيث تأثرت ايرادات الحكومة بسبب الإغلاق في المرة السابقة بنسبة 40% و اكد فتح المراكز وتقديم الخدمات بشكل منتظم ، مشددا علي ضرورة التقيد بالارشادات والاجراءات الصحية .
وأشار حمدوك إلى تضرر قطاعات واسعة من المجتمع بالموجة الثانية للجائحة والتى كانت اكثر حدة من الاولى،لافتا الى اصابة عدد من الوزراء بالجائحة وفقدان عدد من الكوادر من المسؤولين والمواطنين.
خسائر اقتصادية
ويبدو أن الخبير الاقتصادي صدقي كبلو، يُشاطر رئيس الوزراء، حول تأثيرات الإغلاق الشامل الاقتصادية، لكنه يرى أن على الدولة أن تقوم بدور أكبر تجاه المواطنين. ويقول كبلو لـ(عاين)، إن الوضع الصحي في البلاد يتطلب ضوابط صارمة ومشددة، وذلك بالزام المواطنين بارتداء الكمامات، ويجب على الدولة أن توفر القدر الكافي منها، ويضيف: “نرى أن تخفيف عدد العاملين في المؤسسات الرسمية والخاصة، هو من ضمن إجراءات السلامة الواجب اتباعها.
وفي ما يتعلق بالنقص الحاد في المعينات، يوضح أنه يجب على الدولة أن تتجه للقروض من البنوك نظراً إلى حالة الطوارئ الصحية والتي تتطلب أيضا إلغاء جمارك المعدات والمستلزمات الطبية الضرورية. ويشدد كبلو على أن لجنة الطوارئ الحالية، تتبع نفس سياسات النظام المُباد، لكونها سلمت زمام الأمور للراسمالية الطفيلية، موضحاً أن التخبط في القرارات الاقتصادية سببه غياب الرؤية والافق السياسي وعدم التخطيط، والقرارات الشجاعة.
وبحسب آخر تقرير إحصائي لوزارة الصحة السودانية، فإن العدد التراكمي للإصابات، منذ بداية الجائحة هو (18254)، متضمنة عدد (1265) حالة وفاة، و(10493) حالة تعافي. لكن تقرير نشرته “إمبريال كوليج”، مؤخراً عن وضعية كورونا بالبلاد، قدر إصابة 38 في المئة من سكان ولاية الخرطوم بالمرض، ووصول حالات الوفاة جراء الفايروس لـ 16.090 حالة وفاة حتى نوفمبر الماضي.