السودان: الإسلاميون يختبرون.. ظهور علني لقادة حزب المؤتمر الوطني
عاين- 9 أكتوبر 2024
ظهور مفاجئ لقيادات حزب المؤتمر الوطني “المحلول” في السودان بالتزامن مع تصاعد العمليات العسكرية وتقدم ميداني للقوات المسلحة على الأرض في الخرطوم بحري وولاية سنار.
ووصل إلى مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية للحكومة المدعومة من الجيش رئيس حزب المؤتمر الوطني “المحلول” إبراهيم محمود حامد عبر المطار، الاثنين والتقى قيادات أهلية من الإقليم أبرزهم شيبة ضرار الزعيم الأهلي الذي يقود فصيل مسلح.
في ذات الوقت كان والي سنار الأسبق ورئيس حزب المؤتمر الوطني “المحلول” الذي عرف بالتشدد السياسي أحمد عباس يعتلي المنصة سويا مع نائب القائد العام للجيش وعضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي.
الاقتراب من السلطة
تثير تطورات عودة قيادات حزب المؤتمر الوطني “المحلول” بالظهور علنا أمام وسائل الإعلام في مناطق تخضع لسيطرة القوات المسلحة بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان قلق المعارضة المدنية التي تتخذ من دول شرق أفريقيا والعاصمة المصرية ملاجئ قسرية نتيجة الملاحقة الأمنية داخل البلاد عقب اندلاع الحرب.
تثير تطورات عودة قيادات حزب المؤتمر الوطني “المحلول” للظهور علنا قلق المعارضة المدنية
كما أن المعارضة تعتقد أن الجيش يزيح الستار عن نواياه بخصوص علاقته بالإسلاميين حيث أطاحت الثورة الشعبية التي توجت باعتصام مدني قرب القيادة العامة في 11 أبريل 2019 بنظام البشير ذات التوجهات الإسلامية، والذي كان يصنف على أنه أعنف نظام دكتاتور في المنطقة.
وعلق وزير مجلس الوزراء الأسبق وعضو هيئة القيادة في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” خالد عمر يوسف، على هذه التطورات قائلا “وصول إبراهيم محمود حامد رئيس حزب المحلول إلى بورتسودان وظهور والي سنار الأسبق أحمد عباس في منطقة جبل موية مع الكباشي تمهيداً للعودة إلى السلطة”.
يقول الباحث السياسي أحمد مختار ، إن الحركة الإسلامية تعمدت تقديم بعض القيادات إلى المشهد، حتى تختبر قبول الرأي العام خاصة في مناطق سيطرة الجيش.
وأضاف: “بدأت الحركة الإسلامية هذا الأمر بتقديم قيادات لم تكن في السجن حتى اندلاع الحرب منتصف العام 2023، وتتعمد ذلك في مناطق سيطرة الجيش في بورتسودان والقضارف ونهر النيل، وهذا يعزز الاعتقاد أن الجيش لديه ارتباط بالإسلاميين”.
وتابع: “تزامن هذا الأمر مع تطورات سياسية مثل التصعيد من الإسلاميين ضد الثورة بتهديد المتظاهرين السلميين من عدم الخروج على السلطة عقب انتهاء الحرب إلى جانب اعتقال عضو هيئة الدفاع عن أعضاء في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية تقدم، في بورتسودان عندما قدم طلبا للاطلاع على يومية التحري في البلاغات المدونة ضد حمدوك و15 قياديا من التحالف”.
الوطني: الإسلام هو الحل
وفي خطاب مرتجل فور وصوله قال رئيس حزب المؤتمر الوطني “المحلول” المكلف، إبراهيم محمود، والذي شغل منصب وزير الداخلية خلال حكم البشير إن قوات الدعم السريع “ميليشيا متمردة” ارتكبت الإبادة الجماعية بحق المدنيين في مدينة الجنينة كما روعت المدنيين في مناطق أخرى ونهبت ممتلكاتهم.
وأعلن حامد انحيازه إلى جانب القوات المسلحة، وتقدم بالشكر للقوات المشتركة والمتطوعين في القتال قائلا إن الدول يجب أن لا تهاب الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وأردف: “أفغانستان التي تقودها حركة طالبان بفضل الإسلام هزمت 35 دولة متحالفة ضدها، وأجبرتهم على الاستماع إلى شروطها، وذلك بفضل تمسكها بالإسلام”.
وتابع إبراهيم محمود حامد بالقول: “أجبر السودان على توقيع الاتفاقية الإبراهيمية مع إسرائيل لتحسين العلاقات الخارجية وتأمين مصالحه، وهدد بعدم مقاطعة الولايات المتحدة فماذا كانت النتيجة الآن تشاهدون ما يحدث وإلى؟ أين وصلنا”.
حزب المؤتمر الوطني يحاول اختبار الرأي العام السوداني من خلال ظهور بعض قياداته من الصف الثاني
عضو لجان مقاومة
ويعتقد عضو الحراك السلمي وعضو لجان المقاومة جنوب الخرطوم حسن محمد علي في حديث لـ(عاين): أن “حزب المؤتمر الوطني يحاول اختبار الرأي العام السوداني من خلال ظهور بعض قياداته من الصف الثاني”.
عودة وشيكة للوطني
ويرى علي، أن عودة المؤتمر الوطني “المحلول” أصبحت وشيكة، وقد يصدر قرار بإلغاء العمل بالوثيقة الدستورية ما يعني إبطال قرار حل هذا الحزب الذي صدر بواسطة لجنة التفكيك في 2020، ووُضِع نص في الوثيقة الدستورية الحاكمة بين المدنيين والعسكريين، والتي لا تزال غالبية نصوصها سارية حتى الآن.
الحكومة المدعومة من الجيش تسمح بأنشطة الحركة الإسلامية داخل البلاد فيما تلاحق القيادات الحزبية ونشطاء لجان المقاومة
باحث سياسي
ويقول الباحث السياسي مصعب عبد الله إن الاستقبال الذي حصل عليه رئيس حزب المؤتمر الوطني “المحلول” إبراهيم محمود حامد في بورتسودان كان طابعه قبلياً اجتماعياً لأنه سيشارك في مؤتمر للحركة الإسلامية قد يكون حاسما حول تيارين يتصارعان قبل أيام قليلة من مؤتمر حاسم داخل السودان.
وأضاف: “التيار الأبرز يقوده علي كرتي والتيار الثاني يقود نافع علي نافع وهو الذي دعم تعيين إبراهيم محمود حامد رئيسا للحزب للمحلول، ويحاول الأخير الاستنجاد بالمكونات الاجتماعية في الشرق لدعم موقفه ضد تيار كرتي والاقتراب أكثر من قادة الجيش وإيصال هذا التيار إلى مقصورة السلطة”.
ويقول مصعب عبد الله إن الحكومة المدعومة من الجيش تسمح بأنشطة الحركة الإسلامية داخل البلاد فيما تلاحق القيادات الحزبية ونشطاء لجان المقاومة وغرف الطوارئ ما يعني أن الجيش ما زال على علاقة بنظام الإسلاميين.
تصفية الحياة السياسية
بينما يرى عضو هيئة القيادة في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” معتز محمد صالح في حديث لـ(عاين) أن المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية يعملان ضمن خطط وزعت فيها الأدوار ما بين استهداف أعضاء لجان المقاومة الذين يؤمنون بثورة ديسمبر إلى جانب تصفية الحياة السياسية المناوئة للنظام البائد بشكل نهائي من خلال الاعتقالات وحتى التصفية الجسدية.
ويقول صالح، إن “وصول إبراهيم محمود حامد يتزامن مع صراع داخل الحركة الإسلامية بين تيارين وهو صراع محتدم في ذات الوقت عودة الوطني تعني خطورة المشهد في السودان؛ لأن الحزب المحلول سيعمق الصراع المسلح من خلال تحويله إلى حرب أهلية؛ بسبب الاستقطاب الحاد وتأسيس خطابه الإعلامي وفق لهذه المعادلة”.
الإسلاميون يتحركون في السودان تحت بصر الجيش، ولا يستطيع المساس بهم.
عضو بـ”تقدم“
وأردف قائلا: “يتحرك الإسلاميون بمختلف التكوينات في إقليم شرق السودان ونهر النيل والشمالية باعتبارها مناطق تقع تحت سيطرة الجيش وبعيدة نسبيا عن الحرب تحت بصر قيادات الجيش، وكل طرف يمارس الابتزاز على الآخر فالإسلاميون يبتزون الجيش بمساعدته على الحرب وتجهيز الكتائب للقتال إلى جانب القوات المسلحة ضد الدعم السريع فيما يبتز الجيش الإسلاميين بعدم المساس بهم وتنفيذ أوامر القبض الصادرة بحق القيادات”.