انهيار جزئي لخدمة الاتصال والانترنت في السودان
9 مايو 2023
تتنقل (سحر محمد) بين خيارات ضبط شبكة الاتصال والانترنت على هاتفها المحمول، ظناً منها أن بإمكانها استعادة الشبكة التي فارقت هاتفها وهواتف السواد الأعظم من السودانيين، فلم يعد بإمكان سحر إجراء مكالمة هاتفية أو التواصل عبر الانترنت مع إخوتها خارج السودان.
منذ اندلاع الصدام المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ظلت جودة شبكات الإتصالات تتأرجح بين الانقطاع الجزئي وتردِّي الخدمة، حيث أثرت الاشتباكات الجارية وسط العاصمة الخرطوم بشكل مباشر في انسياب خدمات الإنترنت والإتصالات.
خروج عن الخدمة
يوم الجمعة ٥ مايو ٢٠٢٣م نوهت شركة (ام تي ان سودان) عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عملائها بأن جميع مقسماتها بالخرطوم قد توقفت عن العمل، مما أدى لانقطاع جميع الخدمات عن المشتركين جرَّاء انقطاع الإمداد الكهربائي، وتعذر نقل وقود المولدات بمواقعها جراء الظروف الحالية.
وأعقبتها كذلك شركة (سوداني) التي تُصنف على أنها شركة حكومية لها شراكة مع القطاع الخاص، بالاعتذار لعملائها عن تدهور الخدمة، وقالت في بيانها: (نعتذر لكم ونفيدكم نسبة للأوضاع المؤسفة التي تمر بها البلاد من أحداث وعدم إستقرار الكهرباء وصعوبة الحصول على الوقود ومولدات الطاقة، قد تتأثر بعض المناطق بعدم استقرار الخدمة).
تنوه شركة ام تي ان، أن جميع مقسماتها بالخرطوم قد توقفت عن العمل مما أدى لانقطاع جميع الخدمات عن المشتركين جراء انقطاع الامداد الكهربائي و تعذر نقل وقود المولدات بمواقعها جراء الظروف الحالية. و إذ نعتذر عن هذا الوضع، نعمل جاهدين مع الجهات المعنية و نناشدهم لإيجاد حلول عاجلا pic.twitter.com/qrRzhI3kZG
— MTN Sudan (@MTNSudan1) May 5, 2023
تنويه من شركة ام تي ان يوم 5 مايو
مشاكل تشغيلية
مهندس الاتصالات عبدالله هاشم في حديثه لـ (عاين) قال إن معظم المشاكل الحالية التي يعاني منها قطاع الاتصالات هي مشاكل تشغيلية، ويرجع السبب الأساسي في تدهور الخدمة إلى انقطاع الكهرباء، كذلك صعوبة وصول الوقود للمولدات، حيث تعمل مخدمات شركات الإتصالات بمولدات كهرباء وأغلبية المولدات تحتاج للوقود كي تعمل.
وقد أثرت أزمة الوقود بشكل غير مباشر على قطاع الاتصالات، فضلاً عن أن أعداداً كبيرة من المهندسين والفنيين أصبحوا خارج الخدمة بعد اندلاع الحرب، كذلك هنالك أبراج اتصالات خرجت من الخدمة بعد تعرُّضها للقصف والتلف ولم تجد حظها من الصيانة أو الاستبدال.
مهن متأثرة
عدد من الوظائف والمهام وجد أصحابها أنفسهم مكتوفي الأيدي ولا سبيل لهم لمواصلة أعمالهم، وذلك لاعتماد وظائفهم اعتماداً مباشراً على شبكة الإنترنت والإتصالات. يقول عبد الباقي التيجاني (صاحب متجر) إن معاناته من انعدام شبكتي الانترنت والاتصالات تتمثل في عدم قدرة زبائنه على شراء حاجياتهم بسبب تعطل تطبيقات الدفع الإلكتروني وتعطل الشبكة.
الصحفيون كذلك يعتمدون اعتماداً كلياً على الإنترنت وشبكة الاتصال، حيث تتطلّب منهم طبيعة المهنة التي تعتمد على المتابعة والرصد أن يبقوا على شبكة الإنترنت لأطول فترة ممكنة.
المراسل الصحفي، عمار حسن، قال لـ (عاين) إن عمله يُحتِّم عليه أن يكون متصلاً على الإنترنت طوال اليوم، بجانب حوجته للتواصل الهاتفي مع مصادره الصحفية ليؤدي مهامه اليومية، وبعد أن أعلنت شركتين كبيرتين خروجهما من الخدمة فإنه فقد عدداً مقدراً من المصادر. وبحسب عمار فإن حوجته للإنترنت تتمثل في البحث عن الأخبار في المواقع الإلكترونية ووكالات الأنباء، بجانب تلقي البيانات من الصفحات الرسمية.
ويقول عمار: (أتوقع أن تنفد خدمة الإنترنت لدي خلال يومين، وقبل اليومين أخشى خروج شبكة زين من الخدمة، بعد ذلك سيتوقف عملي ولن أستطيع القيام بمهامي كمراسل صحفي).
تعبئة الرصيد
في ضاحية الثورة بمدينة أم درمان، يجلس (معاذ محمد) أمام الكشك الخاص به والذي يعمل فيه بشكل أساسي على شحن رصيد لكل شبكات الاتصالات، لكن في الأسبوعين الأخيرين من اندلاع الحرب تعطل شحن الرصيد، وأصبح هنالك طلب متواصل من الزبائن وعدم وفرة من شركات الاتصالات. ووفقاً لمعاذ فإن شركات الاتصالات أوقفت بيع الرصيد لوكلائها إلا عبر الدفع النقدي بعد أن كان الدفع يتم عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني التابعة للبنوك، ولكن بعد الأعطال التي أصابت هذه التطبيقات والسرقات التي طالت عدداً من البنوك الكبرى، فإن وكلاء الشركات أصبحت لديهم مخاوف مبررة من خدمة الدفع الإلكتروني عبر التطبيقات مثل تطبيقي بنكك وفوري واللذان حتى كتابة هذا التقرير يعتبران خارج الخدمة بسبب الأعطال.
كما أن هنالك مشكلة تقنية تتعلق بتعبئة الرصيد، ففي حال وجد المستخدم رصيداً فإن إنزاله يأخذ وقتاً كبيراً، ويعزي المهندس عبدالله هاشم هذه المشكلة إلى وجود خلل في أنظمة العمل الخاصة بالشركات بجانب ضعف الشبكات.