(هيومن رايتس) تطالب حكومة السودان بتقديم مرتكبي الجرائم ضد المتظاهرين للعدالة

(هيومن رايتس) تطالب حكومة السودان بتقديم مرتكبي الجرائم ضد المتظاهرين للعدالة

 عاين – 10 ابريل 2020

 حثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم الجمعة، الحكومة الانتقالية السودانية بتسريع جهودها للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن الحكومية ضد المتظاهرين منذ ديسمبر 2018 ومحاكمة مرتكبيها. وطالبت السلطات بالمضي قدما في تعاونها مع “المحكمة الجنائية الدولية” في تحقيقها في دارفور>

والذي يتضمن تنفيذ مذكرات التوقيف المعلقة ضد الرئيس المخلوع عمر البشير واثنين آخرين رهن الاحتجاز بسبب دورهم في الإشراف على الجرائم الخطيرة في دارفور. وقالت مديرة قسم شرق أفريقيا في المنظمة الدولية جيهان هنري،: “عشرات المتظاهرين، بمن فيهم مراهقون وأطفال، دفعوا حياتهم ثمنا لإجبار البشير على التنحي، لكن بعد مرور عام، ما زالت أسر القتلى تبحث عن العدالة.. على السلطات السودانية أن تُكثف جهودها من أجل إنصاف هؤلاء الضحايا.. لا ينبغي إنكار العدالة أو تأخيرها”.

واضافت هنري: “على قادة السودان ألا يدعوا تضحيات المتظاهرين تذهب سدى. عليهم تكثيف الجهود في التحقيق مع المسؤولين عن عمليات القتل والجرائم الأخرى ضد المتظاهرين ومحاكمتهم، بمن فيهم المسؤولين على أعلى المستويات”.

واستخدمت قوات الأمن الحكومية، لا سيما “جهاز الأمن والمخابرات الوطني”، القوة القاتلة والمفرطة بما في ذلك الذخيرة الحية لفض الاحتجاجات، مما أسفر عن مقتل العشرات من المتظاهرين العُزَّل كل شهر. في حين أن عدد القتلى الفعلي للمتظاهرين غير معروف، قدرت جماعات مستقلة أن أكثر من 100 شخص قُتلوا بين ديسمبر 2018 و11 أبريل 2019، وتحقّقت “العفو الدولية” من 77 حالة قتل على الأقل خلال تلك الفترة.

وفي 11 أبريل، استولى مجلس عسكري انتقالي على السلطة وأعلن أن البشير وعددا من حلفائه في “حزب المؤتمر الوطني” الحاكم رهن الاحتجاز. لم يُعتقل صلاح قوش، الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وذُكِر أنه هرب إلى مصر في مايو.

رابض المتظاهرون في الاعتصام مُطالبين السلطات العسكرية بتسليم الحكم إلى المدنيين. وفي 3 يونيو، فضّت قوات الأمن الاعتصام بعنف، مما أسفر عن مقتل أكثر من 120 متظاهرا بين 3 و18 يونيو، وفقا لجماعات الأطباء. قوات الأمن كانت تقودها “قوات الدعم السريع”، التي لديها سجل مُوثق من الانتهاكات والهجمات على المدنيين في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق.

وفي 17 أغسطس، اتفقت جماعات المعارضة والجيش على حكومة انتقالية، و شكلوا مجلسا سياديا مؤلفا من قادة عسكريين ومدنيين، لكن بقيادة الجيش خلال أول 22 شهرا، مع رئيس وزراء ومجلس وزراء مدنيين. الجنرال عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” وقائد قوات الدعم السريع، هما على التوالي رئيس ونائب رئيس المجلس السيادي. الدكتور عبد الله حمدوك، مسؤول سابق في الأمم المتحدة، هو رئيس الوزراء.

وقالت هيومن رايتس ووتش انها خلُصت بعد توثيق الأحداث في 3 يونيو والأيام التالية إلى أن عمليات القتل والانتهاكات يُمكن اعتبارها جرائم ضد الإنسانية لأنها كانت جزءا من سياسة الحكومة باستخدام القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين العُزَّل. أوصت هيومن رايتس ووتش بأن تُنشئ السلطات هيئة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة منذ ديسمبر الأول 2018، بما في ذلك العنف الجنسي.

ولفت تقرير للمنظمة الدولية الى انه ورغم وعود الحكومة الانتقالية بضمان العدالة، أحرزت تقدما بطيئا في مواجهة العديد من المشاكل الخطيرة، بما في ذلك انهيار الاقتصاد. في سبتمبر، وعيّنت السلطات لجنة للتحقيق في حملة القمع في 3 يونيو. مع ذلك، أثارت اللجنة انتقادات واسعة لبُطء وتيرتها وعدم إمكانية الوصول إليها، خاصة بالنسبة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.

واضاف التقرير “لم تُنشِئ السلطات هيئة لمعالجة الجرائم ضد المتظاهرين منذ ديسمبر الأول 2018 على وجه التحديد، لكنها تُعالج بطريقة مُخصصة قضايا تشمل انتهاكات مزعومة ضد المحتجين، إذا وعندما تأتي عائلات الضحايا إليها بأدلة”. وقالت جماعات المساعدة القانونية لـ هيومن رايتس ووتش إن المدّعون العامون، الذين يفتقرون إلى الموارد والقدرات التقنية، لا يُحققون بفعالية بل يعتمدون على أُسر الضحايا لجمع الأدلة.

وقال المحامي والحقوقي البارز، رفعت مكاوي، مدير “مركز الناس للعون القانوني” (PLACE): “من المحبط للغاية بالنسبة إلى المتظاهرين والضحايا وأسرهم أن يروا أن العدالة لا تتقدم خطوة أخرى بعد الإطاحة بالبشير”.

واشار التقرير إلى ان مكتب المدعي العام ركز على اتهامات بالفساد والانقلاب الذي أدى إلى وصول البشير إلى السلطة في 1989. وأدين البشير بجرائم مالية في 14 ديسمبر الأول وحُكِم عليه بالسجن لمدة عامين في منشأة لإعادة التأهيل. في 1 أبريل 2020، أعلن المدعون العامّون عن اتهامات جديدة ضده وضد 15 ضابطا عسكريا سابقا لتورطهم في انقلاب 1989. ذكرت وسائل الإعلام أن 23 مسؤولا حكوميا سابقا آخرين مُحتجزون أيضا في سجن كوبر الفيدرالي. لم يُتّهَم أي منهم بارتكاب جرائم تتعلق بحملات القمع ضد المتظاهرين أو انتهاكات حقوقية أخرى.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الانتقالية تكثيف جهودها لضمان العدالة عن قتل المتظاهرين عبر التحقيق في القضايا وتحديد المشتبه فيهم، بمن فيهم أولئك الذين هم على رأس القيادة، سواء لا زالوا في الخدمة أو فُصِلوا منها. يمكن أن يتخذ هذا الجهد شكل هيئة خاصة، مثل لجنة تحقيق أو محكمة خاصة. على المجتمع الدولي، بما في ذلك المانحين، أن يسعى إلى تقديم الدعم التقني والمالي لتحقيق هذه الأهداف.

وطالبت المنظمة السلطات المضي قدما في تعاونها مع “المحكمة الجنائية الدولية” في تحقيقها في دارفور، والذي يتضمن تنفيذ مذكرات التوقيف المعلقة ضد البشير واثنين آخرين رهن الاحتجاز بسبب دورهم في الإشراف على الجرائم الخطيرة في دارفور. في فبراير/شباط، أعاد رئيس الوزراء ورئيس المجلس السيادي تأكيد التزامهما بالتعاون مع المحكمة، لكنهما لم يتخذا بعد أي إجراءات لتنفيذ هذا الالتزام.